20 يوليو 2019
تحالف أضداد
أحمد الصباهي (فلسطين)
في رواية الأديب الفلسطيني علاء حليحل، "أورفوار عكا"، تجمع عكا ثلاثة أضداد، والي عكا، أحمد باشا الجزار، ونابليون بونابرت بجيشه العازم على احتلالها، والضابط الفرنسي، دي فيليبو، الحاقد على بونابرت الذي يتحالف مع الجزار لحماية عكا، وهدفه الأوحد إنزال الهزيمة بعدوه اللدود بونابرت.
وبقدر ما جمعت عكا بين الأضداد الثلاثة، إلا أنّ أهدافهم مختلفة، فهدف حملة بونابرت التي عرفت بالحملة الفرنسية، توسيع الإمبراطورية الفرنسية وترسيخ قيادة بونابرت في فرنسا، أما الجزار المدعوم بريطانيا، بحسب الرواية، فهدفه إيقاع الهزيمة بعدوه والفوز بلقب هازم بونابرت، أما دي فيليبو المناصر للملكية، فهدفه الحرص على إفشال الخطط العسكرية لبونابرت الجمهوري، وزميله القديم في الجيش، والذي لم تقدر مواهبه العسكرية حق تقديرها، كما حصل مع نابليون، فتحالف مع الجزار، فأوكل له مهمة وضع الخطط الدفاعية وتنفيذها.
لا تختلف، في نظري، قصتنا في قطاع غزة عن هؤلاء الأضداد الثلاثة، فهؤلاء المأزومون، حركتا فتح وحماس ومحمد دحلان، جمعتهم غزة، ولكن بأهداف مختلفة تماما. فحركة حماس المأزومة داخلياً بحصار يدخل قريباً عامه الحادي عشر، مخلّفا وراءه أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية، زادتها إجراءات عباس العقابية الأخيرة فصولا جديدة من المعاناة للمواطن الغزي، طاولت الموظفين والتحويلات الطبية والكهرباء، فضلاً عن الحصار الإقليمي والدولي. وإن حصلت انفراجة في العلاقة مع مصر، إلا أنّ ذلك لم يحصل إلا تحت مطرقة الضغوط الشعبية والسياسية المصرية، فأجرت تفاهمات مع دحلان المنقذ المالي، المدعوم إماراتياً، وربما تريد "حماس" تطبيق نموذج حزب الله اللبناني الذي لا يتحمل الأعباء الاقتصادية، لكنه صاحب الكلمة الفصل في السياسة والأمن.
أما حركة فتح التي طالت أزمتها مع "حماس"، فيبدو أنّها اتجهت، وبضوء أخضر أميركي، إلى التعامل إيجابيا مع إعلان "حماس" حل اللجنة الإدارية في 17 من سبتمبر/ أيلول، واستيعاب الحركة التي فشل القضاء عليها، لإعادة غزة إلى حضن السلطة، في سبيل التفاوض بأوراق الشرعية الفلسطينية المستعادة.
وبين هذه وتلك، يقف دحلان، الخصم اللدود، لمحمود عباس بالمرصاد لإثبات حضوره على الساحة الغزية، بدعم إماراتي، وبحرص على إفشال خطط عباس في القطاع عبر تفاهمات مع "حماس".
كيف لهذه العلاقة المتشابكة على ساحة واحدة، ومختلفة في الرؤى والأهداف أن تجد سبيلا للتفاهم من دون حدوث إشكاليات في المستقبل، وخصوصا بملفين ملتهبين شكلا حجر عثرة أمام أي اتفاق، السيطرة الأمنية على القطاع، والموظفين.
وإن كانت الرؤية غير واضحة حتى الآن لجهة هذين الملفين، إلا أن مستقبل هذه العلاقة يكتنفه الغموض، خصوصا مع اشتراط السلطة، حسب مصادر صحافية، ثلاثة أمور، عدم وجود دور لقطر في القطاع، وعدم تكرار تجربة حزب الله، وعدم مرور مساعدات إلا عن طريق السلطة.
من الواضح جداً أنّ المواطن الغزي هو اللعبة الثانية بين هذه الأطراف الثلاثة، والكل ينادي بالحرص على مصلحته، والحفاظ على حقوقه، فكيف لمشروع مقاومة ذاق طعم السلطة، ولا يريد نسيانها، أن يتفاهم مع سلطة أوسلو، زادها الزمن تشابكاً مع طامح لمقعد رئاسة السلطة، إلا أن يكون المواطن بينهم مثل كرة تتقاذفها المصالح السياسية، المتشابكة والمتناقضة، والذي من المفترض به أن يتفاءل بعد هذه التفاهمات، والحقيقة أنّه "تشاؤل" على لغة إميل حبيبي، فلا يدري الغزيون هل يفرحون على هذه التفاهمات، أم أنّ الذاكرة السوداء بفشل كل الاتفاقات السابقة، ستلقي بغيومها السوداء على سماء التفاؤل.
تعلّمنا رواية علاء حليحل أنّ الجزار بعد أن يحرز نصرا على بونابرت، ويجر أذيال الخيبة معه، يغادر عكا، مخلّفا وراءه دي فيليبو صريع الطاعون، ليبقى شعب عكا.
وبقدر ما جمعت عكا بين الأضداد الثلاثة، إلا أنّ أهدافهم مختلفة، فهدف حملة بونابرت التي عرفت بالحملة الفرنسية، توسيع الإمبراطورية الفرنسية وترسيخ قيادة بونابرت في فرنسا، أما الجزار المدعوم بريطانيا، بحسب الرواية، فهدفه إيقاع الهزيمة بعدوه والفوز بلقب هازم بونابرت، أما دي فيليبو المناصر للملكية، فهدفه الحرص على إفشال الخطط العسكرية لبونابرت الجمهوري، وزميله القديم في الجيش، والذي لم تقدر مواهبه العسكرية حق تقديرها، كما حصل مع نابليون، فتحالف مع الجزار، فأوكل له مهمة وضع الخطط الدفاعية وتنفيذها.
لا تختلف، في نظري، قصتنا في قطاع غزة عن هؤلاء الأضداد الثلاثة، فهؤلاء المأزومون، حركتا فتح وحماس ومحمد دحلان، جمعتهم غزة، ولكن بأهداف مختلفة تماما. فحركة حماس المأزومة داخلياً بحصار يدخل قريباً عامه الحادي عشر، مخلّفا وراءه أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية، زادتها إجراءات عباس العقابية الأخيرة فصولا جديدة من المعاناة للمواطن الغزي، طاولت الموظفين والتحويلات الطبية والكهرباء، فضلاً عن الحصار الإقليمي والدولي. وإن حصلت انفراجة في العلاقة مع مصر، إلا أنّ ذلك لم يحصل إلا تحت مطرقة الضغوط الشعبية والسياسية المصرية، فأجرت تفاهمات مع دحلان المنقذ المالي، المدعوم إماراتياً، وربما تريد "حماس" تطبيق نموذج حزب الله اللبناني الذي لا يتحمل الأعباء الاقتصادية، لكنه صاحب الكلمة الفصل في السياسة والأمن.
أما حركة فتح التي طالت أزمتها مع "حماس"، فيبدو أنّها اتجهت، وبضوء أخضر أميركي، إلى التعامل إيجابيا مع إعلان "حماس" حل اللجنة الإدارية في 17 من سبتمبر/ أيلول، واستيعاب الحركة التي فشل القضاء عليها، لإعادة غزة إلى حضن السلطة، في سبيل التفاوض بأوراق الشرعية الفلسطينية المستعادة.
وبين هذه وتلك، يقف دحلان، الخصم اللدود، لمحمود عباس بالمرصاد لإثبات حضوره على الساحة الغزية، بدعم إماراتي، وبحرص على إفشال خطط عباس في القطاع عبر تفاهمات مع "حماس".
كيف لهذه العلاقة المتشابكة على ساحة واحدة، ومختلفة في الرؤى والأهداف أن تجد سبيلا للتفاهم من دون حدوث إشكاليات في المستقبل، وخصوصا بملفين ملتهبين شكلا حجر عثرة أمام أي اتفاق، السيطرة الأمنية على القطاع، والموظفين.
وإن كانت الرؤية غير واضحة حتى الآن لجهة هذين الملفين، إلا أن مستقبل هذه العلاقة يكتنفه الغموض، خصوصا مع اشتراط السلطة، حسب مصادر صحافية، ثلاثة أمور، عدم وجود دور لقطر في القطاع، وعدم تكرار تجربة حزب الله، وعدم مرور مساعدات إلا عن طريق السلطة.
من الواضح جداً أنّ المواطن الغزي هو اللعبة الثانية بين هذه الأطراف الثلاثة، والكل ينادي بالحرص على مصلحته، والحفاظ على حقوقه، فكيف لمشروع مقاومة ذاق طعم السلطة، ولا يريد نسيانها، أن يتفاهم مع سلطة أوسلو، زادها الزمن تشابكاً مع طامح لمقعد رئاسة السلطة، إلا أن يكون المواطن بينهم مثل كرة تتقاذفها المصالح السياسية، المتشابكة والمتناقضة، والذي من المفترض به أن يتفاءل بعد هذه التفاهمات، والحقيقة أنّه "تشاؤل" على لغة إميل حبيبي، فلا يدري الغزيون هل يفرحون على هذه التفاهمات، أم أنّ الذاكرة السوداء بفشل كل الاتفاقات السابقة، ستلقي بغيومها السوداء على سماء التفاؤل.
تعلّمنا رواية علاء حليحل أنّ الجزار بعد أن يحرز نصرا على بونابرت، ويجر أذيال الخيبة معه، يغادر عكا، مخلّفا وراءه دي فيليبو صريع الطاعون، ليبقى شعب عكا.
مقالات أخرى
04 يوليو 2019
20 يونيو 2019
21 مارس 2019