25 اغسطس 2024
من جبران باسيل إلى نصر الحريري
نجح الوزير اللبناني، جبران باسيل، في دفع الدولة اللبنانية إلى تسليم لاجئين سوريين إلى السلطة السورية. يمثل باسيل، اليوم، رأس الحربة للتيارات العنصرية اللبنانية. يعملُ، ويصرح، يومياً، بعدائه للسوريين بشكل عام، وللعمال السوريين الذين يزاحمون العامل اللبناني، بزعمه، على دخله ومعيشته. يجب أن نسارع، هنا، إلى تبرئة الشعب اللبناني من العنصرية تجاه الآخرين، ولدينا أمثلة كثيرة عن تصرّفات وتصريحات مختلفة، جديدها البيان الذي وَقَّعَ عليه أكثر من مائتي شخصية لبنانية معروفة في مجالات الإبداع المختلفة، وقالوا في مطلعه: نحن، الصحافيّين والكتّاب والناشطين والفنّانين والحقوقيّين والمثقّفين اللبنانيّين الموقّعين أدناه، نعلن استنكارَنا المطلق للحملة التي يتعرّض لها المواطنون السوريّون في بلدنا، وقرفَنا الصريح من هذه الهستيريا العنصريّة التي يُديرها وزير خارجيّتنا السيّد جبران باسيل، ضدّ أفراد عُزّل هجّرهم من بلدهم نظامُهم القاتل.
كانت بيروت، منذ ما يشبه الأزل، عاصمةَ أصحاب الرأي المناضلين، الهاربين من القمع والاستبداد في بلادهم، وبضمنهم السوريون والفلسطينيون.. هؤلاء وجدوا في بيروت نجمةً، أو خيمةً أخيرة. استمر هذا حتى سنة 1976 عندما اجتاح جيشُ حافظ الأسد لبنان، وبدأ العمل على تطويع شعبه، وتحويله إلى مزرعةٍ خلفيةٍ لضباطه والمتنفذين فيه، ثم اجتاحه الجيش الإسرائيلي 1982، وعاث فيه قتلاً وتخريباً، وسعت إيران، بعد صعود الفاشستية الدينية المذهبية (الخمينية)، إلى إخضاع لبنان لسيطرتها عبر حزب الله.. إلخ.
القولُ إن جبران باسيل عنصريٌ ليس شتيمة، أو إقلالاً من قيمته السياسية والإنسانية، أبداً، فالرجل عنصري، وطائفي، ومذهبي، على نحوٍ غير ملتبس؛ فهو الذي تبنّى مفهوم "الإحباط المسيحي"، وهو الذي كتب على "تويتر": نحن عنصريون بلبنانيّتنا. وكتب: لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني، هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ.
السلطة السورية ستسوق اللاجئين الذين استلمتهم من السلطة اللبنانية، كُلَّهم أو بعضهم، إلى "المسلخ". في السنة الثانية للثورة السورية 2012، كتبتُ على "فيسبوك"، زاعماً أن سورية قد تحولت إلى مسلخ. هذا التشبيه، بلغة اليوم، أصبح قاصراً، فلا مسلخ ولا ستمائة مسلخ تساوي نسبةً ضئيلةً مما يجري في سورية، لأن الجزّار، في 2012، كان واحداً، وبعد ذلك جاءت إيران، وحزب الله، ومتعصبون شيعة، ومتعصبون سنة، وتشكل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجبهة النصرة وجند الأقصى، وجاء التحالف الدولي، وروسيا، وصارت مسيرات طائفية اللون تعبر شوارع دمشق في وضح النهار، وما عاد المرءُ يعرفُ مَن يذبحُ مَنْ في هذه البلاد الغلبانة.
رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، نصر الحريري، دان، في تغريدة له على "تويتر"، الفعل الذي أقدمت عليه السلطات اللبنانية، ووصفه بأنه مخيف، ومدان، ومستنكر، وغير أخلاقي، ولا ينسجم مع قواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي. كلام صحيح، لا غبار عليه، ولكنه لا يحمل كثيرا من المصداقية، لأن هيئة المفاوضات التي تشكلت قبل سنتين لم تتمكّن من تحقيق تقدم ولو بسيط على صعيد التفاوض، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254. وهي ما زالت قائمة وصابرة، على الرغم من وقوف جزء من الشارع السوري في موقف العداء منها، بدليل خروج مظاهرات في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2018 تحت اسم "هيئة التفاوض لا تمثلنا".. وفي الماضي القريب، حاول شبان سوريون منع نصر الحريري من المشاركة في صلاة الغائب التي أقيمت لعبد الباسط الساروت في إسطنبول بطريقة فظّة.
لا أعتقد بوجود موقف شخصي من أحد تجاه الرجل، ولكن الأهوال التي تعرّض لها السوريون، واستمرار سقوط القذائف والبراميل على مدنهم وقراهم وبيوتهم، وفقرهم وجوعهم وضياع جثث أطفالهم تحت الأنقاض، جعلهم هذا كله يرون في أعضاء المجلس الوطني، والائتلاف، وهيئة المفاوضات، ووفود جنيف وأستانة وسوتشي، كائناتٍ غيرَ فاعلة. ومع ذلك لا يجوز لأحد منع نصر الحريري من حضور جنازة الساروت. هذا شأنٌ آخر.
كانت بيروت، منذ ما يشبه الأزل، عاصمةَ أصحاب الرأي المناضلين، الهاربين من القمع والاستبداد في بلادهم، وبضمنهم السوريون والفلسطينيون.. هؤلاء وجدوا في بيروت نجمةً، أو خيمةً أخيرة. استمر هذا حتى سنة 1976 عندما اجتاح جيشُ حافظ الأسد لبنان، وبدأ العمل على تطويع شعبه، وتحويله إلى مزرعةٍ خلفيةٍ لضباطه والمتنفذين فيه، ثم اجتاحه الجيش الإسرائيلي 1982، وعاث فيه قتلاً وتخريباً، وسعت إيران، بعد صعود الفاشستية الدينية المذهبية (الخمينية)، إلى إخضاع لبنان لسيطرتها عبر حزب الله.. إلخ.
القولُ إن جبران باسيل عنصريٌ ليس شتيمة، أو إقلالاً من قيمته السياسية والإنسانية، أبداً، فالرجل عنصري، وطائفي، ومذهبي، على نحوٍ غير ملتبس؛ فهو الذي تبنّى مفهوم "الإحباط المسيحي"، وهو الذي كتب على "تويتر": نحن عنصريون بلبنانيّتنا. وكتب: لقد كرّسنا مفهوماً لانتمائنا اللبناني، هو فوق أي انتماء آخر، وقلنا إنه جينيٌّ.
السلطة السورية ستسوق اللاجئين الذين استلمتهم من السلطة اللبنانية، كُلَّهم أو بعضهم، إلى "المسلخ". في السنة الثانية للثورة السورية 2012، كتبتُ على "فيسبوك"، زاعماً أن سورية قد تحولت إلى مسلخ. هذا التشبيه، بلغة اليوم، أصبح قاصراً، فلا مسلخ ولا ستمائة مسلخ تساوي نسبةً ضئيلةً مما يجري في سورية، لأن الجزّار، في 2012، كان واحداً، وبعد ذلك جاءت إيران، وحزب الله، ومتعصبون شيعة، ومتعصبون سنة، وتشكل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجبهة النصرة وجند الأقصى، وجاء التحالف الدولي، وروسيا، وصارت مسيرات طائفية اللون تعبر شوارع دمشق في وضح النهار، وما عاد المرءُ يعرفُ مَن يذبحُ مَنْ في هذه البلاد الغلبانة.
رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، نصر الحريري، دان، في تغريدة له على "تويتر"، الفعل الذي أقدمت عليه السلطات اللبنانية، ووصفه بأنه مخيف، ومدان، ومستنكر، وغير أخلاقي، ولا ينسجم مع قواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي. كلام صحيح، لا غبار عليه، ولكنه لا يحمل كثيرا من المصداقية، لأن هيئة المفاوضات التي تشكلت قبل سنتين لم تتمكّن من تحقيق تقدم ولو بسيط على صعيد التفاوض، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254. وهي ما زالت قائمة وصابرة، على الرغم من وقوف جزء من الشارع السوري في موقف العداء منها، بدليل خروج مظاهرات في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2018 تحت اسم "هيئة التفاوض لا تمثلنا".. وفي الماضي القريب، حاول شبان سوريون منع نصر الحريري من المشاركة في صلاة الغائب التي أقيمت لعبد الباسط الساروت في إسطنبول بطريقة فظّة.
لا أعتقد بوجود موقف شخصي من أحد تجاه الرجل، ولكن الأهوال التي تعرّض لها السوريون، واستمرار سقوط القذائف والبراميل على مدنهم وقراهم وبيوتهم، وفقرهم وجوعهم وضياع جثث أطفالهم تحت الأنقاض، جعلهم هذا كله يرون في أعضاء المجلس الوطني، والائتلاف، وهيئة المفاوضات، ووفود جنيف وأستانة وسوتشي، كائناتٍ غيرَ فاعلة. ومع ذلك لا يجوز لأحد منع نصر الحريري من حضور جنازة الساروت. هذا شأنٌ آخر.