شارك المئات في محافظة السويداء، جنوبي سورية، اليوم الأحد، في إضراب عام دعت إليه فعاليات محلية احتجاجا على تردي الوضع المعيشي و"سياسة التجويع" التي يتبعها النظام ضد الشعب السوري، فيما شهدت محافظة درعا وبعض مناطق ريف دمشق احتجاجات مماثلة.
وأكدت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن ساحة الكرامة في مدينة السويداء شهدت، اليوم الأحد، تجمعا حاشدا ضم المئات، وسط ترديد هتافات مناوئة للنظام مثل "سورية لينا وما هي لبيت الأسد"، وأخرى متعاطفة مع محافظة درعا المجاورة.
وأغلقت المحال التجارية والدوائر الحكومية أبوابها بشكل شبه كامل استجابة للإضراب، وذلك بالتزامن مع قطع محتجين جميع المداخل الرئيسية للمدينة بالإطارات المشتعلة.
ووثقت شبكة "الراصد" المحلية 21 نقطة احتجاج في محافظة السويداء، إضافة إلى 3 نقاط أخرى شهدت كتابة على الجدران ومظاهر احتجاجية، فيما أعلن المكتب الصحافي لمديرية التربية في السويداء تأجيل الامتحانات المقررة اليوم الأحد إلى يوم يحدد لاحقاً في فرع جامعة دمشق بالسويداء.
وشاركت عدة بلدات وقرى في الإضراب، إذ أغلق محتجون في بلدة شقّا الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة شهبا بقرى الريف الشمالي الشرقي، بمشاركة محتجين آخرين من قرية الرضيمة الشرقية، كما شهدت البلدة إغلاق مقسم الاتصالات، والبلدية، مع تسجيل حالة إضراب تام في المحال التجارية.
وفي بلدتي عريقة وأم الرمان بريف السويداء الغربي والجنوبي، أغلق المحتجون جميع المراكز الحكومية، وقطعوا الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة السويداء.
وانضمت بلدة سليم للاحتجاجات، وقطع الأهالي الطريق الرئيسي المؤدي للبلدة. فيما نظم الأهالي في بلدة الصورة الصغيرة وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات. كما جرى إغلاق مباني المؤسسات الحكومية، وقطع طريق دمشق السويداء الذي يمر من القرية، وسط ترديد المحتجين هتافات تطالب برحيل النظام.
أما في بلدة الكفر فقد أغلق المحتجون الطريق الرئيسي في البلدة الذي يربط مدينة السويداء بريفها الجنوبي منذ ساعات الصباح. واضطر أمين فرع حزب البعث في السويداء فوزات شقير لمغادرة بلدة القريا من أحد الطرق الزراعية، بعد أن أقدم المحتجون على قطع الطريق الرئيسي الذي حاول سلوكه، شمالي البلدة.
وانتشرت عبارات على الجدران في قرية رامي بريف السويداء الشرقي، تدعو للمشاركة في الإضراب العام، وتندد بسياسات التجويع.
ومنذ ليلة أمس السبت، شهدت أنحاء مختلفة من المحافظة تحضيرات للإضراب اليوم من جانب ناشطي المحافظة، مع فرز مجموعات أهلية لحماية الاحتجاجات من عبث الموالين للنظام.
وأعلنت قرى وبلدات القريّا، والغارية، ومياماس، وسهوة الخضر، وأم الرمان، والكفر، وعرمان، وغيرها من القرى في ريف السويداء الجنوبي، المشاركة في الإضراب، عبر تنفيذ وقفات احتجاجية وإغلاق الطرق الرئيسية.
كما أعلن الناشطون في قرى وبلدات المزرعة، وولغا، والمنصورة، وحران، ولبين، وبكا، وعرى، والمجيمر وعريقة، والثعلة ومجادل، والمجدل، والخرسا، في ريف السويداء الغربي، المشاركة في الإضراب.
وشملت مظاهر الاحتجاج إضراب المحال التجارية والدوائر الحكومية والوقفات الاحتجاجية وقطع الطرق، مع السماح بالمرور للحالات الإنسانية وسيارات الإسعاف والطحين وطلاب الجامعات.
الشيخ الهجري: "طفح الكيل"
وكان الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين (الدروز)، قد أصدر بيانا الليلة الماضية أكد فيه "نفاد الصبر وفوات الأوان".
وقال: "الصمت لا يعني الرضا، فقد طاولت التصرفات والإجراءات لقمة العيش، فآن الأوان لقمع مسببي هذه الفتن والمحن ومصدري القرارات الجائرة المجحفة الهدّامة، ولنقتلع من أرضنا كل غريب وكل مسيء، وكل حارق مارق قبل أن يسرق أموالنا من موقعه".
وهاجم الهجري "أعلى المستويات" من دون أن يسميها، قائلا إننا "نبهها للأخطاء ولكنها لم تستجب وضربت عرض الحائط بمصالح الناس".
كما هاجم مسؤولي النظام الذين وصفهم بـ"دواعش الداخل". وقال في بيانه: "بدلا من تكريم الشعب وبعد وقوفنا ضد دواعش الخارج، أصبحنا أمام دواعش الداخل المتسترين بثياب هيبة أو خلف سلاح محمي من جهات فاسدة، كما أصبحنا أمام غرباء استباحوا مقدراتنا وخيراتنا بطرق مشكوك بأمرها".
امتدت الاحتجاجات إلى بعض المناطق في ريف دمشق الغربي، إذ خط مجهولون كتابات جدارية مناهضة للنظام السوري، في بلدة زاكية
وسخر الهجري في بيانه من عبارة الحرب الكونية قائلاً: "الحجة حرب كونية، وأي حرب كونية وأنتم تدمرون شعبكم وتحبسون مقدراته عنه، وتسقطون اقتصاده الوطني إلى الحضيض بقرارات بخسة".
وأضاف البيان مهاجماً عملاء الأمن: "لا يحسب أحد أننا لم نعد نعرف كيف يحاولون إسكات الناس، وكيف يتم اصطناع الفتن وتوظيف الفاشلين والصغار وتبني السيئين والخارجين عن القانون والمدمنين".
كما تحدث الهجري عما سماه "بيع البلد"، قائلاً: "بيعت البلاد، ونهبت الثروات، وتعدّدت الأعلام على أرض الوطن".
وطالب الهجري المحتجين بعدم القبول بالحد الأدنى داعياً إلى طرد المزاودين ممن يحاولون "تهميش أو تغيير خط طلباتنا المحقة". واتهم "جهات فاسدة" بحرق مبنى المحافظة خلال الاحتجاجات السابقة محذراً من تكرار هذه الأفعال.
احتجاجات في محافظة درعا
وكانت محافظة درعا المجاورة قد شهدت احتجاجات مماثلة الليلة الماضية، حيث تجمع العشرات من أبناء درعا البلد، مهد الثورة السورية، أمام الجامع العمري.
تعيش مجمل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام حالة من الاحتقان، بالتوازي مع فوضى في الأسواق، وتمرد التجار على قرارات الحكومة
ورفع المحتجون أعلام الثورة مطالبين برحيل بشار الأسد والإفراج عن المعتقلين من سجونه. كما رددوا الهتاف الشائع "سورية لينا وما هي لبيت الأسد".
وتحت عنوان "إرحل بدنا نعيش"، شهدت بلدة جلين بريف درعا الغربي مظاهرة ليلية طالبت بإسقاط نظام الأسد وإطلاق سراح المعتقلين.
وامتدت هذه الاحتجاجات إلى بعض المناطق في ريف دمشق الغربي، حيث خط مجهولون كتابات جدارية مناهضة للنظام السوري في بلدة زاكية، وسط استنفار كبير لقوات النظام والمسلحين الموالين لها.
أحزاب سياسية ترفض تكميم الأفواه
وفي إطار هذا الاحتقان الشعبي، أكدت عدة أحزاب وقوى، معظمها في الداخل السوري، في بيان، منع الأمن والشرطة التابعة للنظام عقد ملتقى حواري في منزل الناشط فاتح جاموس في اللاذقية، الجمعة الماضي، بمشاركة معارضين وموالين ومهتمين بالقضايا الوطنية، بحجة عدم وجود ترخيص مسبق.
وبحسب ما جاء في البيان، فإن الاجتماع الذي دعا إليه "تيار طريق التغيير السلمي المعارض" كان ينوي مناقشة الوضع المعيشي المتدهور وحالة الاحتقان العام.
وشجب البيان إجراءات أمن النظام واصفا إياها بالقمعية، مؤكدًا "عدم وجود مخرج لنا إلا بالحوار الداخلي، والسلطة هي طرف مركزي فيه". محملا السلطة مسؤولية عواقب أي منع لحوار توافقي ونشاط سلمي للخروج من "النفق المظلم الذي يسير الوطن به".
ومن بين الموقعين على البيان "تيار طريق التغيير السلمي المعارض"، و"المؤتمر الوطني لاستعادة السيادة والقرار"، و"حركة التجديد الوطني"، و"الكتلة الوطنية الديمقراطية"، و"حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي"، و"حزب سوريا أولاً"، و"الحزب الديمقراطي الكردي السوري"، إضافة إلى شخصيات وناشطين سوريين من داخل البلاد وخارجها.
فوضى في الأسواق بمناطق النظام
يأتي ذلك فيما تعيش مجمل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام حالة من الاحتقان، بالتوازي مع فوضى في الأسواق، وتمرد التجار على قرارات الحكومة.
وذكرت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، في تقرير لها اليوم الأحد، أن مجمل الأسعار ازدادت بعد رفع سعر المحروقات، بينما أغلقت المحال التجارية في مجمل المحافظات أبوابها خوفاً من تفتيش التموين وتجنبا للبيع بخسارة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس جمعية حماية المستهلك قوله إن المطاعم الشعبية تضرب عرض الحائط بأسعار وزارة التموين، مشيرا إلى أن المواد الأولية ارتفعت بنسبة 50 بالمئة على الأقل.