أعلن حزب "جبهة القوى الاشتراكية" في الجزائر، اليوم السبت، أنه توجّه عبر أعضائه في مجلس الأمة (البرلمان) بسؤال شفوي إلى وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، حول تعديل المادة 87 من قانون العقوبات، وتجريم العمل السياسي، وحول معتقلي الرأي.
وأوضح الحزب أنّه وجّه السؤال للوزير عبر عضو مجلس الأمة، عبد النور درقيني، مطالباً الحكومة الجزائرية باتخاذ "تدابير استعجالية لمنع إقحام القضاء والعدالة في مثل هذه التجاوزات الخطيرة، وتمكين السلطة القضائية من ممارسة مهامها النبيلة بكل استقلالية بدون الرضوخ للضغطات (الضغوط) التي تمارسها عليها جهات في السلطات الأمنية والتنفيذية".
كما دعا إلى "اتخاذ الإجراءات الضرورية لإلغاء تعديل المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي ستبقى وصمة عار في تاريخ المنظومة القانونية الجزائرية وفي تراجع كبير في مجال حماية الحقوق والحريات".
وذكر درقيني، في استجوابه "لقد تم تعديل قانون العقوبات بتاريخ شهر جوان (يونيو/حزيران) 2020 عن طريق أمر رئاسي في مادته 87 من دون إجراء أي نقاش ولو شكليا مع أصحاب الاختصاص والمعنيين بمنظومة العدالة"، مضيفاً "بصدد متابعتنا واهتمامنا بعدة قضايا وملفات قضائية للعديد من المناضلين والنشطاء السلميين الموقوفين وحتى الصحافيين، يتضح لنا أنّ الهدف من هذا الإجراء هو في حقيقة الأمر يعتبر تجريماً غير معلن عنه للعمل السياسي والنشاط الجمعوي والحقوقي والنقابي".
وأثار في السياق سلسلة من المتابعات القضائية التي تخص عدداً من المناضلين والنشطاء السلميين الموقوفين وحتى الصحافيين، تمت ملاحقتهم على أساس التعديل الجديد. وطالب عضو مجلس الأمة الجزائري وزير العدل بـ"التدخل سريعاً لإنهاء هذه التجاوزات الخطيرة التي تمس بحرية المواطنين والمواطنات بصفة عامة والمناضلين والنشطاء السياسيين، وضرورة إطلاق سراح كل معتقلي الرأي ورفع المتابعات القضائية التي تلاحقهم".
وانتقد الاستجواب الموجه إلى وزير العدل بدء السلطات في استخدام التعديلات من دون عرضها للنقاش في البرلمان، وفقاً لما ينص عليه الدستور، وذكر "نكتشف يوما بعد يوم أن هذا التعديل الذي أملته الجهات الأمنية والذي برره مجلس الوزراء بحجة محاربة الإرهاب يعتبر خطرا على الحريات الفردية والجماعية وممارسة النشاط السياسي السلمي، كما أن هذا التعديل للمادة "87" يعتبر تناقضاً مع ما كرسه الدستور الجزائري في بابه الثاني المتعلق بالحقوق الأساسية من الدستور وكذلك مع المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، لا سيما العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما أنه يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
ووصف نص الاستجواب الإجراءات والملاحقات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية في حق الناشطين والمعارضين، بأنها "منافية ومعارضة لأحكام الدستور، وتعسّف لحق الكثير من المواطنين والمناضلين السلميين، وأن الهدف من وراء سن مثل هكذا قوانين هو إسكات كل الأصوات المعارضة لتوجهات السلطة الأحادية والتي تدعو إلى ضرورة بناء توافقات من أجل إخراج البلاد من الأزمة والانسداد".
ويتواجد في السجون الجزائرية حتى اليوم أكثر من 200 من الناشطين والسياسيين والصحافيين، بينهم رئيس حزب "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" فتحي غراس، وأربعة صحافيين هم رابح كارش وحسان بوراس محمد مولودجي ومسعود بوجناح.
ووجهت إلى أغلبهم تهم "التحريض على التجمهر" و"المساس بالوحدة الوطنية" و"بث منشورات فيها مساس بالأمن العام". وطرح الاستجواب حالة الموظف في ديوان رئيس الحكومة، الناشط مجاهد شفيق، الذي تم فصله من العمل وتوقيفه وملاحقته قضائياً، على خلفية مواقفه السياسية ودعمه للحراك الشعبي، ومشاركته في مسيراته السلمية.
ويتابع مجاهد شفيق، في حالة اعتقال، منذ مايو/أيار الماضي، من دون أن يقدم أمام قاضي التحقيق المختص، ولم تبرمج محاكمته، كما رفضت كل طلبات الإفراج المؤقت التي قدمت في قضيته. وورد في الاستجواب في هذا الصدد: "نذكركم السيد الوزير بأنّ المعني به بهذه التعسفات والتجاوزات القضائية والتعسف البوليسي يوجد في حالة مرضية، وأنه قام بإضراب عن الطعام لمدة 58 يوما، ولا شيء يبرر بقاءه في الحبس المؤقت الذي يعتبر إجراء احتياطيا واستثنائيا، خاصة أن المعني وعائلته يقدمون كل الضمانات للاستجابة لاستدعاءات القضاء للتحقيق والمحاكمة".
كما تساءل عضو مجلس الأمة في استجوابه "هل يعقل أن توجه تهم لمناضلين سلميين ونشطاء حقوقيين وجمعويين بتهديد أمن الدولة والمساس بالوحدة الوطنية، وقد تم تقديم البعض منهم حتى أمام محاكم الجنايات، وذنبهم الوحيد هو الإدلاء بآرائهم ومواقفهم السياسية التي تهم الوطن والأمة والمعارضة للخريطة السياسية الأحادية للنظام وتوجهاته، ولمجرد مشاركتهم في حملات تضامنية مع مواطنين أبرياء أو المشاركة في مظاهرات سلمية شعبية؟".