الجزائر... حكومة "من يشغل ماذا"

23 أكتوبر 2024
تبون في الجزائر، 17 سبتمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون توبيخاً للحكومة بسبب تقاعس بعض القطاعات، مؤكداً على أهمية البحث عن "كفاءات" جديدة لضمها إلى الحكومة المقبلة بعد الانتخابات الرئاسية، مما يعكس الحاجة إلى تحسين الأداء الحكومي.

- شهدت الولاية الأولى لتبون ارتباكاً حكومياً كبيراً، حيث تم تغيير الوزراء بشكل متكرر، مما أثر على الاستقرار وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وأبرز الحاجة إلى قطيعة مع السياسات السابقة.

- أشار تبون إلى أن اختيار الوزراء بناءً على ظهورهم الإعلامي لم يكن فعالاً، مما يستدعي مراجعة معايير اختيار الكفاءات الحكومية لضمان تحقيق الأهداف بواقعية وفعالية.

وجّه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون توبيخاً للحكومة، وتحديداً قطاعات بعينها، بسبب التقاعس في أداء المهام والوظائف المسندة، وهذا التوبيخ مدون في بيان رسمي، بمعنى أن الأمر لا يتعلق بتسريبات صحافية، وإنما بحقيقة سياسية. يصبح هذا الأمر ذا معنى إذا تم ربطه بإعلان الرئيس نفسه قبل أسبوعين أنه بصدد البحث عن "كفاءات" لضمها إلى حكومة ما بعد الانتخابات الرئاسية.

خلال الولاية الأولى، بحكم ظروفها القلقة سياسياً، خصوصاً في فترتها الأولى التي أعقبت الحراك الشعبي، حدث ارتباك كبير في التشكيل الحكومي، وهذا الارتباك برز لاحقاً من خلال سلسلة طويلة من التغييرات التي جرت على الحكومة، فبعض الوزارات أنهت الولاية الرئاسية الأولى بستة وزراء في غضون خمس سنوات، كالعمل والضمان الاجتماعي، وبعضها بخمسة وبعضها بأربعة وزراء، المالية والنقل والزراعة على سبيل المثال، وهذا العدد المتوالي من الوزراء لا يمكن أن يحقق الاستقرار ولا النتائج المطلوبة على صعيد إحداث قطيعة مع السياسات السابقة، وإنعاش الاقتصاد وحل المشكلات الاجتماعية المزمنة للجزائر.

في تصريح سابق، كشف الرئيس تبون أنه اختار بعض الوزراء في الحكومة بناء على كونهم خبراء كانوا يقدّمون تحاليل اقتصادية في التلفزيون (شجع ذلك عدداً كبيراً من المحللين في الاقتصاد خصوصاً، على التحوّل إلى مفسرين لخطاب السلطة بنيّة تقديم أنفسهم)، قبل أن يفشلوا تماماً في التسيير الحكومي، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة إذا كانت السلطة تعتمد على هذه المسالك اختيار الوزراء، لأن البرامج التلفزيونية ليست كافية لكي "تنتج وزيراً" فقط لكونه يقدّم تحليلات معينة أو يتقن هدر مفردات الاقتصاد، والمسافة بين التحليل وإكراهات التسيير الحكومي على قدر كبير من التباعد.

أي تقييم موضوعي للأداء الحكومي في السنوات الخمس الماضية، سيكشف عن لائحة طويلة من القرارات في علاقة بتدبير الشأن العام سياسياً واقتصادياً، التي اتُخذت ثم ألغيت، أو تم تعديلها بكيفيات أخرى. ويظهر في السياق أن الكثير من القرارات كانت وليدة لحظة معينة بدون أن تحظى بالتقدير الجيد، وهذا أمر يفترض أن يحيل إلى سؤال عما إذا كانت الحكومات التي تنفذ برنامج الرئيس تبون، تملك تقديرات صحيحة للمشكلات القائمة، وتصورات واضحة للحلول، وأهدافاً مخططاً لها بالقدر الكافي، لأنه من الصعب تلمس ذلك.

يفترض أن تكون تجربة حكومات الرئيس تبون في الولاية الأولى، كافية لأن تُحيّد تماماً وتمنع تكرار نفس الأخطاء في وضع التصورات وخط السير ورسم الأهداف بواقعية، وفي اختيار الكفاءات الحكومية، وتوفر أسباباً واضحة لمراجعة محددات التوصيف الوظيفي "من يشغل ماذا". وعندما يعلن الرئيس عن الحكومة الجديدة في غضون فترة قصيرة، يفترض أن تكون هذه الخيارات أكثر احتراماً للشروط والاستحقاقات التي يفرضها كل قطاع على حدة، أو لطبيعة الإكراهات التي تواجهها الجزائر في ظل قلق داخلي يبرز من وقت إلى آخر، وظرف إقليمي ودولي متقلب.