أصدرت القيادة العامة للجيش السوداني بياناً، اليوم الخميس، على خلفية التوترات مع "قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يتهمها بحشد عناصرها داخل العاصمة الخرطوم ومدن أخرى دون موافقته أو التنسيق معه.
وذكر البيان، الذي تلاه الناطق الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبد الله، أن هذه التحركات "تمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها، ما أثار الهلع والخوف في أوساط المواطنين، وفاقم من المخاطر الأمنية، وزاد من التوتر بين القوات النظامية".
وأضاف البيان، الذي يأتي بعد ساعات من التوتر بين الجيش و"الدعم السريع" في مدينة مروي شمالي السودان، أن "هذه الانفتاحات وإعادة تمركز القوات تخالف مهام ونظام عمل قوات الدعم السريع، ويوجد فيها تجاوز واضح للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية"، محذراً من أن "استمرارها سيؤدي حتما إلى المزيد من الانقسامات والتوترات التي ربما تقود إلى انفراط عقد الأمن في البلاد".
وذكر البيان كذلك: "لم تنقطع محاولات القوات المسلحة لإيجاد الحلول السلمية لهذه التجاوزات، وذلك حفاظا على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس".
وتابع البيان: "تجدد القوات المسلحة تمسكها بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي وفقا لما تم في الاتفاق الإطاري، وتحذر القوى السياسية من مخاطر المزايدة بمواقف القوات المسلحة الوطنية".
وكانت "الدعم السريع" قد نفت، في بيان سابق بخصوص الأوضاع في مدينة مروي، صحة المزاعم بأنها قامت بأعمال حربية قرب مطار مروي، وهو ما وصفته بـ"المعلومات الكاذبة والمضللة"، مشيرة إلى أنها "قوات قومية تضطلع بعدد من المهام والواجبات الوطنية التي كفلها لها القانون، وتعمل بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة، وبقية القوات النظامية الأخرى، في تحركاتها".
وجاء في البيان أن "قوات الدعم السريع تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر، والهجرة غير الشرعية، ومكافحة التهريب والمخدرات، والجريمة العابرة والتصدي لعصابات النهب المسلح".
وقالت إن وجودها في شمال السودان، وفي مدينة مروي على وجهة التحديد، يأتي في إطار تأدية مهامها وواجباتها، التي تمتد حتى الصحراء.
وتمر التسوية السياسية بين المدنيين والعسكر في السودان بحالة من الجمود في الأيام الأخيرة، ما أثار القلق على مستقبلها. وأحد أسباب الجمود يتمثل في نقطة خلاف وحيدة بين الجيش و"قوات الدعم السريع"، تتعلق بكيفية تكوين هيئة قيادة مشتركة، ومن يقودها، وذلك في أولى خطوات دمج "الدعم السريع" في الجيش، المنصوص عليها في الاتفاق الإطاري الموقع بين العسكر والمدنيين في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وهذا النص انتهزه الجيش كفرصة ثمينة لاحتواء "الدعم السريع"، واشترط وضع جداول زمنية واضحة له وتنفيذها، لاستمراره في التسوية السياسية، ما أخّر مرتّين التوقيع على الاتفاق النهائي.
ومنذ الرابع من يوليو/تموز الماضي، أعلنت المؤسسة العسكرية في السودان نيتها الانسحاب من العمل السياسي، بعد أكثر من 8 أشهر على الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، على السلطة المدنية في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث فشلت في إدارة البلاد وتكوين حكومة تنفيذية، وواجه انقلابها مقاومة واسعة من الشارع السوداني منذ يومه الأول.