ساحات متعددة للمواجهة
في وسط الخرطوم، فرقت الشرطة السودانية، الآلاف من المشاركين في المليونية بإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة بالقرب من محيط القصر الرئاسي، وطاردت الشبان في شوارع وأزقة وسط الخرطوم، واعتقلت عددا منهم، بينما أصيب بعضهم بعبوات الغاز المسيل للدموع، ولا يزال يسمع دوي الرصاص المطاطي وعبوات الغاز المسيل للدموع، فيما تراجع الثوار إلى بعض الأحياء، وأغلقوا الشوارع لمنع وصول قوات الأمن إليهم، كما أغلق الجيش جميع الطرق المؤدية لمقر قيادته العامة وسط الخرطوم، خوفاً من وصول المواكب إلي محيط القيادة على غرار ما حدث قبل أكثر من سنتين.
وفي مدينة أم درمان، تم تنظيم أكبر تجمع منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقيادة الفريق الأول عبد الفتاح البرهان، ونُظم التجمع بميدان الأهلية، أكبر ساحات المدينة وفي روح تضامنية شارك فيها الآلاف من ثوار مدينة الخرطوم بحري، شمال العاصمة، ووصلوا راجلين إلى المكان، كما شارك فيها الآلاف من مناطق أمبدة والثورات والصالحة وغيرها من المناطق.
وفي مشهد لافت، شكل مشاركون في أم درمان دروعاً بشرية لحماية قسم الشرطة لمنع الاعتداء عليه، خشية تحميل المسؤولية للثوار كما حدث الأسبوع الماضي، بعد حرق قسم شرطة في مدينة الخرطوم بحري.
وخارج الخرطوم، شارك المئات في مواكب بعدد من المدن، منها بورتسودان والقضارف وكسلا وعطبرة والفاشرونيالا والمناقل ومدني، ولم يصدر حتى الآن بيان من لجنة الأطباء المركزية حول عدد الإصابات التي تعرض لها الثوار من جراء الاستخدام الكثيف للغاز المسيل للدموع في وسط الخرطوم، وشاهد مراسل "العربي الجديد" عمليات لنقل مصابين إلى المستشفيات القريبة.
مليونية 19 ديسمبر ولاءات ثلاث
في هذه الأثناء، دعا تجمع المهنيين السودانيين، جميع الثوار للتمسك بلاءات المقاومة "لا تفاوض، لا مساومة، لا شرعية" وبالتمسك بالنضال السلمي، لأنه "الطريق لإزالة سلطة المجلس العسكري وانتقال السلطة الفعلية لقوى الثورة المدنية الديمقراطية التي تحرس حدودها ودستورها قوات الشعب المسلحة ذات المهنية والعقيدة الوطنية".
وأعلن التجمع بأنه لن نقبل بأن تبقى البلاد رهينة أطماع أو مخاوف حفنة من جنرالات المجلس العسكري، ولن نقبل وصايتهم على العملية السياسية، على حد ما جاء في البيان.
وطبقاً للجدول الثوري، فإن الأسبوع المقبل سيشهد مليونية 19 ديسمبر، والتي يرجح أن تكون أكثر زخماً لارتباط موعدها بالذكرى الثالثة لاندلاع الثورة السودانية، وطبقاً لمصادر "العربي الجديد" فإن لجان المقاومة السودانية حددت منذ الآن أن كل المواكب المشاركة فيها ستتوجه إلى القصر الرئاسي وسط الخرطوم.
وكانت الأطراف السياسية الموقعة على اتفاق السلام، قد عقدت اجتماعاً في القصر الرئاسي، شارك فيه الوسيط الجنوب سوداني، توت قلواك، الذي قال في تصريحات صحافية، إن الاجتماع ناقش اتفاق شرق السودان وأهمية التوصل من خلاله إلى توافق تام بين المكونات كافة، وصولاً إلى رؤية محددة حول كيفية إدارة شرق السودان، مبيناً أن الاتفاق أكد ضرورة قيام مؤتمر جامع يضم كل أهل الشرق لمناقشة قضاياهم.
لجنة تحقيق
وفي تطور لاحق، أصدر النائب العام المكلف، خليفة أحمد خليفة، اليوم الإثنين، قراراً قضى بتشكيل لجنة للتحري والتحقيق في الأحداث والانتهاكات الناتجة خلال المواكب، منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول، تاريخ وقوع الانقلاب العسكري.
وحدد القرار اختصاصات اللجنة في التحري والتحقيق حول وقائع وملابسات الأحداث والانتهاكات، والتي أدت إلى قتل وإصابة عدد من المواطنين، وأي وقائع ذات صلة بالأحداث، وحصر الخسائر في الأموال والممتلكات الخاصة والعامة، والقبض على المتهمين، وقيّد بلاغات جنائية في مواجهتهم وتقديمهم للمحاكمة، واستجواب كل من له صلة بالأحداث.
وسمى القرار وكيل أعلى النيابة، الطاهر عبد الرحمن رئيسًا للجنة وعضوية 8 من وكلاء النيابات، على أن ترفع تقريرها كل أسبوعين للنائب العام.