رحبت وزارة العدل السودانية بتصويت الكونغرس الأميركي، أمس الإثنين، على اقتراح قانون يمنح السودان حصانة من أيّ ملاحقة قضائية جديدة في الولايات المتّحدة تتعلّق بـ"هجمات إرهابية سابقة"، في خطوة تندرج في إطار الاتفاق التاريخي الذي أبرمه البلدان أخيراً.
وينصّ اقتراح القانون على "إعادة الحصانة السيادية للسودان في الولايات المتحدة (...) باستثناء القضايا التي ما زالت عالقة أمام القضاء الفيدرالي"، والمتعلّقة باعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وأوضحت وزارة العدل السودانية في بيان لها، اليوم الثلاثاء، أن التشريع الذي أجازه الكونغرس، جاء ضمن قانون الاعتمادات المالية للمؤسسات الفدرالية الأميركية، واعتمد اتفاقية التسويات، في ما يتعلق بقضايا تفجيرات السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا 1998 والمدمرة الأميركية "يو اس اس كول" عام 2000 قبالة سواحل اليمن، وهي التسوية التي دفع فيها السودان 335 مليون دولار لأسر الضحايا، وذلك مقابل حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب كخطوة أولى.
وأشارت إلى أن التشريع سيفضي إلى شطب الأحكام القضائية الصادرة ضد السودان في تلك القضايا، ويسترد بموجبه السودان حصانته السيادية بخصوص أي محاكمات مستقبلية تتعلق بالفترة التي كان مدرجاً فيها على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
والأسبوع الماضي أكملت الإدارة الأميركية كل إجراءات رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب التي صنف فيها منذ العام 1993 بعد اتهامه بدعم وإيواء مجموعات إرهابية.
وأشارت الوزارة إلى أن النسخة الأولية من التشريع التي تم تقديمها إلى الكونغرس الأميركي كانت تقضي بشطب جميع القضايا المرفوعة ضد السودان تحت قانون الإرهاب وتحويل القضايا المرفوعة على السودان في أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 والتي بدأ رفعها ضد السودان منذ العام 2003، لتكون بموجب "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" المعروف اختصاراً بـ "جاستا".
وبينت أن تلك النسخة قوبلت بمعارضة قوية من قبل عضوين بمجلس الشيوخ مدفوعين باعتراضات محاميي أسر ضحايا 11 سبتمبر، الذين رفضوا تحويل قضاياهم المرفوعة سلفاً ضد السودان إلى قانون "جاستا"، وبسبب ذلك قضي التشريع الذي تمت إجازته أمس باستمرار هذه القضايا وفق قانون الإرهاب، وليس قانون "جاستا"، كما طلب السودان.
وأضاف البيان أن التشريع الذي تمت إجازته يوفر حمايةً شاملة للسودان ضد أية قضايا مستقبلية يمكن أن ترفع ضده بموجب قانون الإرهاب، ويشطب كل القضايا الأخرى المرفوعة ضد السودان، ومن بينها 5 قضايا رفعت هذا العام تتهم الحكومة السودانية بدعم حركة "حماس" في "أعمال إرهابية" تضرر منها مواطنون أميركيون مقيمون في دولة الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن قضية أخرى قام برفعها في منتصف العام الحالي بحارة أميركيون كانوا على متن المدمرة "كول"، ولكن لم يسبق لهم أن قاضوا السودان ويطالبون كذلك بتعويضات من حكومة السودان.
وأكدت أن السودان سيصبح من الآن وصاعداً دولة مكتملة الحصانة السيادية أمام أية محاولات مستقبلية للتقاضي ضده استناداً إلى وضعه السابق كدولة كانت مدرجة في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأعلنت وزارة العدل أن السودان ملتزم بالترافع أمام المحاكم الأميركية والدفاع عن نفسه في القضايا القائمة حالياً لإثبات عدم علاقته بأحداث 11 سبتمبر/ أيلول وبراءته من هذه الاتهامات غير المؤسسة.
وأوضحت أنه وإضافة لاستعادة السودان لحصانته السيادية، تم في إطار قانون الاعتمادات المالية اعتماد مبلغ 931 مليون دولار كمساعدات اقتصادية مباشرة لدعم اقتصاد السودان، منها 700 مليون دولار كمساهمة في تمويل برنامج الحكومة الخاص بتقديم الدعم المباشر للأسر، وبرامج الرعاية الصحية، فضلاً عن مشروعات أخرى.
كما تتضمن هذه المساعدات مبلغ 120 مليون دولار لدعم السودان في صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة مديونياته، بجانب 111 مليون دولار أخرى لمواجهة تكاليف إعادة هيكلة الديون السودانية، و150 مليون دولار كتعويضات للأفارقة الذين تضرروا في تفجيرات كينيا وتنزانيا، وأصبحوا الآن مواطنين أميركيين.
ولفتت إلى أن جملة المساعدات المباشرة وغير المباشرة المجازة مع هذا التشريع لصالح السودان تصل لـ 1.1 مليار دولار، وهي مساعدات منفصلة عن مبلغ المليار دولار الذي التزمت الولايات المتحدة بدفعه للبنك الدولي لسداد متأخرات السودان المستحقة للبنك.
وعدت وزارة العدل إجازة التشريع تطوراً تاريخياً كبيراً في علاقات السودان بالولايات المتحدة، والذي يعني فعلياً انعتاق البلاد مرة واحدة وللأبد من تداعيات فترة حالكة في تاريخ علاقتها مع الولايات المتحدة والعالم.
كما أنه يؤشر، طبقاً لبيان الوزارة، لعودة البلاد إلى وضعها الطبيعي كدولة ذات حصانة سيادية على قدم المساواة مع كل الدول الأخرى، موضحة أن التشريع يفتح من تاريخ سريانه المجال واسعاً وممتداً أمام السودان للتعاون الاقتصادي والمالي مع الولايات المتحدة والدول الأخرى بكل حرية وطمأنينة ودون خوف أو خشية من تعرض أمواله وممتلكاته للمصادرة أو الحجز بسبب الأحكام القضائية ذات الصلة بالإرهاب.