بعد يوم وليلة من المواجهات العنيفة في محيط فندق الحياة في العاصمة مقديشو، تمكّنت القوات الصومالية من إنهاء هجوم حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، والذي أسفر عن مقتل 30 شخصاً وإصابة 40 آخرين بجروح، بينما جرى إنقاذ العشرات من المدنيين الذين كانوا في الفندق لحظة الهجوم.
وهيمن الهجوم الدموي الذي شهدته مقديشو منذ مساء الجمعة، على جلسة البرلمان التي عُقدت صباح اليوم الأحد، وعلّق عدد من النواب على الحادثة التي أودت بمقتل العشرات من المدنيين، والتي تُعدّ الأولى من نوعها منذ انتخاب حسن شيخ محمود رئيساً للصومال في مايو/أيار الماضي.
وقال النائب في البرلمان مصطفى طحلو، في حديث لوسائل إعلام محلية في البرلمان، إن استمرار عملية إنهاء هجوم حركة الشباب لأكثر من يوم وليلة هو أمر غريب فعلاً، ويأتي بعد تشكيل الحكومة الفيدرالية بأسابيع قليلة فقط، لكن على الحكومة أن تضع خطة واستراتيجية حاسمة لتحرير البلاد من حركة الشباب.
وأشار طحلو إلى أن هناك حالياً تنسيقاً بين أعضاء من البرلمان لإجراء مشاورات جادة لبحث آلية جديدة لمواجهة حركة الشباب، التي تنشر الرعب في البلاد، وأن هذه الجلسات بين النواب ستنطلق قريباً. وأوضح أن على الحكومة أن تعتمد إحدى استراتيجيتين، إما أن تجري مفاوضات مع حركة الشباب لإقناعها بالعدول عن حمل السلاح، أو الاستراتيجية العسكرية المباشرة لمواجهتها فعلياً، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه أمر غير ممكن.
من جهته، اعتبر النائب في البرلمان محمد إبراهيم معلمو، في حديث لوسائل الإعلام في البرلمان، هجوم حركة الشباب ضربة استباقية للحملة العسكرية الحكومية المرتقبة ضدها، مشدداً على أنه على الحكومة أن "تشمّر" عن سواعدها لإنهاء وجود هذه الحركة التي تريد من خلال هذا الهجوم إعاقة جهود الحكومة الفيدرالية لتقويض نفوذها العسكري والميداني.
وأوضح معلمو أن هدف حركة الشباب من هذا الهجوم هو استعراض عضلاتها العسكرية، وأنها لا تزال قوية وصامدة، وفي المقابل إظهار مدى الترهل الأمني داخل الأجهزة الأمنية، وأنها لا تستطيع مواجهة الحركة، لكن لا بد من مواجهة هذه الحركة قبل فوات الأوان.
ودعا معلمو المجتمع الصومالي إلى التعاون مع الحكومة الصومالية لمواجهة هذه الحركة، كما حث رئيس الحكومة ورئيس البلاد على الالتزام بوعودهما لإنهاء تمرد حركة الشباب التي استباحت دماء الصوماليين، مشدداً على أنه على المواطنين التكاتف لمواجهتها.
وأضاف محمد "نناشد الحكومة الصومالية إرسال بعض الجرحى الذين يعانون من إصابات خطيرة إلى الخارج، لأن بعضهم بترت أرجله نتيجة تأثره بإصاباته الخطيرة".
ويأتي هذا الهجوم بعد إعلان الحكومة في يونيو/حزيران الماضي عن حملة عسكرية لتقويض نفوذ حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، لكن تمدد الحركة في أنحاء كثيرة، صعّب مهمة الحملة العسكرية المتوقعة، خصوصاً بعد انتشار عناصر الحركة في أدغال وجبال المنطقة الصومالية في إثيوبيا.
تفاصيل العملية
وقال رئيس الشرطة الجنرال عبدي حسن حجار، صباح اليوم الأحد، في مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام، إن القوات الأمنية الصومالية تمكّنت من إنهاء هجوم حركة الشباب في وقت متأخر من مساء السبت، وأن القوات الحكومية حرصت على سلامة المدنيين العالقين في الفندق وممتلكاتهم، بغية عدم الإضرار بهم أثناء المواجهات التي استمرت لأكثر من ثلاثين ساعة.
وأضاف حجار أن الهجوم الدموي خلَّف، للأسف الشديد، خسائر بشرية في صفوف المدنيين، وأن وزارة الصحة الصومالية ستبين لاحقاً أعداد الضحايا في هذا الهجوم الدامي، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إنقاذ حياة أكثر من 100 شخص كانوا في الفندق أثناء الهجوم، من بينهم أطفال ونساء.
من جانبه، قال وزير الصحة الصومالي علي حاج، في تصريح صحافي لإذاعة مقديشو الحكومية، إن الهجوم الدموي الذي شهدته مقديشو أدى إلى مقتل 21 شخصاً، لكن هناك جثثاً أخرى جرى دفنها من قبل ذويها ولم تُسجَّل في قائمة بيانات المستشفيات التي تلقتها الوزارة، وأصيب أكثر من 117 شخصاً. وأشار إلى أن الحكومة الصومالية ستوفر العناية للجرحى الذين يعانون من إصابات مختلفة.
وفي السياق، استقبلت مستشفيات العاصمة منذ صباح السبت، عدداً كبيراً من الجرحى الذين يعانون من إصابات مختلفة، ورغم تحسن القطاع الصحي في البلاد، فإن المستشفيات تكدست بالجرحى، نظراً لعدم توفر غرف العناية المركزة للمستشفيات، وفق مصادر طبية.
وقال مدير مستشفى المدينة في مقديشو (حكومي) الدكتور محمد عبدالرحمن، إن المستشفى استقبل 40 مصاباً بجروح مختلفة، وأن 31 منهم يرقدون في المستشفى نظراً لحالاتهم الحرجة، ومن بينهم 6 أطفال، وأن 5 من المصابين يعانون إصابات خطيرة، أُدخلوا قسم العناية المركزة، بينما عادت 9 حالات إلى المنازل بعد تلقيها العلاج، وكانت إصاباتها بسيطة.