يواجه رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استجواباً جديداً له من قِبل البرلمان الجديد المُنتخب في 6 يونيو/حزيران الماضي، وسط توقعات بعدم حصوله على الدعم النيابي المطلوب في ظل حالة التعاون بين الحكومة والبرلمان الجديد.
وقدّم عضو مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي النائب مهلهل المضف، الخميس الماضي، استجواباً إلى الشيخ أحمد النواف، مكوّناً من ثلاثة محاور، حول "التراجع عن مضامين خطاب العهد الجديد"، و"تخبط السياسات العامة للحكومة"، وأخيراً "التهرب من الإجابة عن الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها"، بحسب صحيفة الاستجواب.
اتهام رئيس الحكومة بالتراجع عن خطاب "تصحيح المسار"
وأكد المضف، في بيان عقب تقديمه الاستجواب، التمسك بالأدوات الدستورية، وفي مقدمتها الأسئلة البرلمانية والاستجوابات، ورفض ربطهما بالتعارض مع التشريع، واعتبر ذلك "بدعة سياسية".
استجواب المضف هو رابع الاستجوابات المقدمة إلى أعضاء حكومة أحمد النواف
وفسّر المضف لجوءه إلى خيار الاستجواب "بعدما اتضح بشكل جليّ تراجع رئيس مجلس الوزراء عن مضامين خطاب "تصحيح المسار" (خطاب أمير الكويت الذي ألقاه نيابةً عنه وليّ العهد في 22 يونيو 2022) التاريخي، وعدم احترامه أدوات النائب الدستورية برفض الإجابة عن جميع الأسئلة البرلمانية، رغم كل التحذيرات التي نُقلت إليه"، وأنه أمام هذا التراجع وهذا التعدي تقدم باستجوابه إلى رئيس الحكومة.
بدورها، علّقت "الحركة التقدمية الكويتية"، في بيان، على الاستجواب قائلة إنها تراه "مستحقاً ومن شأنه تحريك حالة الجمود والشلل التي تعاني منها الإدارة السياسية للدولة، ومواجهة ضغط الأطراف السلطوية المتصارعة المعطّل للانفراج السياسي والإصلاح الديمقراطي، بضغط نيابي وشعبي يدفع باتجاه تحقيقهما، وتفعيل أداة السؤال البرلماني كواحد من أبسط أدوات الرقابة الدستورية".
ويُعتبر هذا الاستجواب رابع الاستجوابات المقدمة إلى أعضاء حكومة أحمد النواف من قِبل البرلمان الجديد، عقب توجيه استجوابين إلى وزيرة الأشغال العامة أماني بوقماز، لكن الوزيرة تقدمت باستقالتها في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
سلطان العنزي: استجواب رئيس الحكومة سابق لأوانه، لكون الشيخ النواف لم يأخذ فرصته الكاملة بعد وله إنجازات تحسب له
وناقش مجلس الأمة الاستجواب الثالث المُقدّم من النائب حمدان العازمي إلى وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الشباب محمد العيبان، يوم الثلاثاء الماضي، والذي انتهى من دون تقديم أعضاء البرلمان طلب طرح الثقة بالوزير ولا حتى تقديم أي اقتراحات.
وأعلن العديد من أعضاء مجلس الأمة عن ضرورة صعود رئيس الحكومة إلى منصة الاستجواب، وتفنيد محاوره في جلسة علنية، ورفضهم إحالة الاستجواب إلى اللجنة التشريعية أو إلى المحكمة الدستورية.
رضا نيابي عن رئيس الحكومة الكويتية
ولم يُعلن أي نائب عن تأييده أو معارضته للاستجواب، على خلاف طريقة التعامل مع استجوابات رؤساء الحكومات السابقة، الذي كان يتسابق فيها النواب على إعلان وتحديد مواقفهم منه، ما يعكس حالة الرضا النيابي العام على الحكومة الحالية. أيضاً، يؤكد حالة الرضا النيابية نيل الوزير العيبان ثقة الأغلبية الكاسحة من أعضاء البرلمان، بعد انتهاء مناقشة الاستجواب المُقدّم إليه بعدم حصول طلب طرح الثقة به على أكثر من ستة أعضاء فقط، وتعذّر تقديمه بشكل رسمي، حيث يستوجب توقيع 10 أعضاء على الأقل، بحسب الدستور الكويتي.
كذلك، اعتمد 48 نائباً في اللجنة التنسيقية النيابية "الخريطة التشريعية" لدور الانعقاد الثاني، وهو ما أقرّه البرلمان رسمياً في الجلسة التكميلية يوم الأربعاء الماضي، وبموافقة الحكومة، وتتضمن 37 تشريعاً، موزعة على الجلسات حتى فضّ دور الانعقاد في يونيو المقبل.
في ضوء هذه المُعطيات، من المُستبعد أن يُسفر استجواب المضف لرئيس الحكومة عن توقيع 10 أعضاء على كتاب عدم التعاون مع الحكومة، وذلك للحفاظ على حالة التوافق النيابي الحكومي غير المسبوقة، واستغلالها الأمثل لإقرار القوانين المتفق عليها حسب جدولها الزمني، وذلك بعد سنوات من الصراع والأزمات السياسية المتكررة بين السلطتين.
ورأى المراقب السياسي سلطان العنزي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن استجواب رئيس الحكومة "سابق لأوانه"، وذلك "لكون الشيخ أحمد النواف لم يأخذ فرصته الكاملة حتى الآن، وله إنجازات تُحسب له خلال فترة قصيرة، كما أنه متعاون بشكل كبير مع مجلس الأمة، لذلك يستحق منحه مزيداً من الوقت قبل التصعيد إلى خطوة الاستجواب".
الناشط ناصر جمال العصيمي: أداة الاستجواب ليست عائقاً للتشريع ولا عقبة للتنفيذ
وعن توقعاته لنتائج الاستجواب، قال العنزي: "لن يحصل على توقيع 10 أعضاء على كتاب عدم التعاون مع الحكومة، ولو قُدم طلب لجميع التواقيع، فأقصى ما يمكن جمعه 5 أعضاء أو أقل". وأضاف: "هذا منطقي ومفهوم في هذه الأجواء السياسية الإيجابية، عبر التفاهم والتعاون النيابي الحكومي الذي لم تعهده الكويت طوال أكثر من 10 سنوات ماضية".
وتابع العنزي: "المُفترض على النائب المضف أن يكون أكثر حصافةً في هذا التوقيت بالذات، وألا يشذّ عن الإجماع النيابي بالتعاون مع الحكومة لصالح إقرار التشريعات التي تصب في مصلحة المواطنين، خصوصاً ما يتعلق بتحسين مستوى المعيشة".
من جهته، قال الناشط السياسي ناصر جمال العصيمي، لـ"العربي الجديد"، إن "أداة الاستجواب ليست عائقاً للتشريع ولا عقبة للتنفيذ، بل هي الذراع الرقابية الأهم للنائب، وهي مساحة كذلك لرئيس الوزراء المستجوب لإقناع الرأي العام، ومحطة مهمة لاطلاع الشعب كونه مصدر السلطات".
وأشار العصيمي إلى أهمية أداة الاستجواب، خصوصاً "اليوم بعد سنوات عجاف من السوء، وبداية مرحلة جديدة يحدوها الأمل"، وأضاف: "رغم أن أداة الاستجواب ارتبطت باعتبارها الكيّ كآخر دواء، إلا أنها فرصة لإعادة تقييمها، واعتبارها ركيزة لمتابعة الأداء الحكومي، ووسيلة لتقييم الحكومة وفق ما أعلنت عنه في برنامج عملها ومضامين خطابها".