تنطلق، اليوم الثلاثاء، في جنيف بسويسرا، جلسات اليوم الثاني من اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة بمشاركة وفدَي المعارضة والنظام السوري ووفد المجتمع المدني.
وانتهى، أمس الإثنين، اليوم الأول من الاجتماعات من دون التوصل إلى جديد، إذ تعمّد وفد النظام السوري إضاعة الوقت، ورفض كافة المقترحات المقدمة حول منهجية عمل الجولة، وآلية بحث جدول الأعمال لمناقشة وصياغة المبادئ الأساسية للدستور.
وقالت مصادر "العربي الجديد" إنّ اليوم الأول من الجولة الخامسة انتهى من دون الوصول إلى جديد، مشيرة إلى أنّ وفد النظام السوري برئاسة أحمد الكزبري تعمّد إضاعة الوقت في مداخلات الحديث عن الاحتلالات والقوى الأجنبية في سورية ورفع العقوبات المفروضة عليه من قبل الدول الغربية.
وقال وفد اللجنة المصغرة عن "هيئة التفاوض السورية" المعارضة، في بيان له فجر اليوم الثلاثاء، إنّ "أعمال اليوم الأول من اجتماعات الدستورية في قصر الأمم بجنيف، اختتمت"، من دون الإشارة إلى أعمال التعطيل التي قام بها وفد النظام السوري.
وقال وفد المعارضة، في بيانه، إنّ يوم أمس شهد عقد جلستين اثنتين (صباحية ومسائية)، مشيراً إلى أنّ ممثلي "هيئة التفاوض السورية" في اللجنة الدستورية المصغّرة ناقشوا مع الوفود الأخرى "المبادئ الأساسية في الدستور السوري، اتساقاً مع ولاية اللجنة الدستورية، والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، وفقاً لجدول الأعمال المتّفق عليه سابقاً".
ومن المقرّر أن تستمرّ الدورة الحالية لاجتماعات اللجنة حتى يوم الجمعة المقبل، بجلستين يومياً، وبتسيير من المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون.
وبحسب وفد المعارضة، فإنّ "المبادئ الأساسية للدستور" التي ستُناقش في الدورة الجارية تعدّ "هيكلاً عاماً للدستور تبنى عليها بقية فصوله ويتم من خلالها رسم الملامح الأساسية لسورية الجديدة".
ويقول الوفد إنّ "هذه المبادئ توضح الرؤية العامة لشكل النظام السياسي، وكيفية الفصل المتوازن بين السلطات، وتحقيق استقلالية القضاء، وسيادة القانون، والحقوق والحريات وغيرها من المضامين الدستورية التي سيتم الاتفاق عليها في النقاشات".
بدورها، نقلت وكالة "سانا" عن رئيس وفد النظام أحمد الكزبري قوله إنّ "المباحثات تناولت مواضيع عدة، منها المبادئ الوطنية وملف عودة اللاجئين ورفض أي مخطط انفصالي للأراضي السورية، إضافة إلى الملف الإنساني وضرورة المعالجة العاجلة له".
وكانت كافة الجولات التي عقدتها اللجنة الدستورية سابقاً قد انتهت دون تحقيق أي خرق في ملف كتابة دستور جديد لسورية، والمضي قدماً في طريق الحل السياسي للملف السوري.
ولا تزال الإشكالات التي تعصف بهيئة التفاوض السورية المعارضة، وطفت إلى السطح مؤخراً، محط أنظار المتابعين لمسار الحل السياسي، الذي تُعد الهيئة أحد أهم أطرافه كممثل عن المعارضة السورية بمكوناتها المتعددة ضمن مسارات الحل السياسي، لا سيما اللجنة الدستورية.
ورغم أن بوادر الخلافات كانت قائمة بين مكونات الهيئة منذ اجتماع الرياض لانتخاب قائمة جديدة لكتلة المستقلين داخل الهيئة نهاية عام 2019، إلا أن الخلاف تفاقم بعد استبعاد الهيئة لأحد ممثلي منصة موسكو داخل الهيئة ووفد المعارضة للجنة الدستورية، وطلب الهيئة من المنصة استبداله، وكذلك جاءت الانقسامات داخل منصة القاهرة والتي أفرزت عن طلب منسق المنصة، فراس الخالدي، استبدال أحد ممثلي المنصة في الهيئة واللجنة، بممثلين آخرين لكل من الهيئة واللجنة.
وعلى إثر ذلك كله، أتت الرسالة التي أرسلتها كل من منصة موسكو، ومعها "هيئة التنسيق الوطنية"، وكليهما من مكونات هيئة التفاوض، إلى المبعوث الأممي غير بيدرسون، لمطالبته بالتدخل لتحقيق التوافق بين مكونات الهيئة، مصوبتين إلى وجود أطراف معطلة داخلها، مع الاعتراض على عدم قبول استبدال أسماء داخل الهيئة واللجنة، لتكشف عن عميق الخلافات بين مكونات الهيئة، ما يهدد بتفاقم تلك الخلافات وتأثيرها على كيان الهيئة، لا سيما أن الرسالة المذكورة تلقى نسخاً منها كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيريه المصري سامح شكري، والسعودي فيصل بن فرحان، ما دفع السعودية لتعليق عمل مكتب الهيئة في الرياض.
وحول كل تلك المعطيات، أراد عضو هيئة التفاوض عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، عبد الإله الفهد، تبيان تفاصيل الخلافات في اتصال مع "العربي الجديد"، إذ أشار إلى أن في ما "تداولته وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي الكثير من الأخبار المتضاربة، تفتقد للدقة إلى حد كبير وتعتمد على التأويل والتحليل حول مسائل عدة فيما يتعلق بهيئة التفاوض السورية، ومن واجب أعضاء الهيئة توضيح كل ما يتم تداوله".
وتابع في توضيحه أن "الخلافات بين مكونات هيئة التفاوض تنظيمية بسبب إصرار هيئة التنسيق ومنصة موسكو على أن تكون الغلبة التصويتية لهما، ونحن وضّحنا لهم أن هذا الأمر غير منطقي والغلبة التصويتية تبنى على الثوابت وليس بتغيير أشخاص أو توجيه اتهامات".
ولفت إلى أن "منصة موسكو أحد مكونات الهيئة ولم يتم فصلها بل الذي حصل فصل عضو المنصة مهند دليقان لطلبه في جولة اللجنة الدستورية الأولى في جنيف نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق وتمت مراجعته في ذلك وأصر على مطلبه، وعليه تم فصله بالطرق القانونية المعتمدة في النظام الأساسي لهيئة التفاوض، وإلى الآن لم تسمِ المنصة بديلاً عنه ليمثلها في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية ومكانه شاغر".
وأوضح الفهد أنه "خلال اجتماع ممثلين عن مكونات هيئة التفاوض بتاريخ 29 إبريل/ نيسان 2020 وبحضور وزير الدولة السعودي السيد ثامر السبهان والمبعوث الأميركي السابق إلى سورية جويل ريبون، تم الاتفاق على أن تعقد الهيئة اجتماعها الدوري وأن يتضمن جدول الأعمال انتخابات رئيس ونائب وأمين السر، للعملية السياسية".
وأشار إلى أن "جميع المكونات وافقت على ذلك، وقبل يومين من عقد الاجتماع أرسلت هيئة التنسيق ومنصة موسكو أنهما لن يحضروا الاجتماع دون القبول باستبدال ستة أعضاء من مكون المستقلين بأعضاء ممن حضروا اجتماع المستقلين في الرياض 27-28 في ديسمبر/كانون الأول 2019، ومنذ ذلك اليوم لم يحضروا أي اجتماع للهيئة، وهذا يخالف النظام الأساسي وهناك رأي قانوني بانتهاء عضويتهم وعلى مكوناتهم تغيير ممثليهم المتغيبين".
وحول الرسالة التي وجهتها المنصات إلى هيئة التنسيق، قال الفهد: "الرسالة التي أُرسلت إلى المبعوث الأممي "غير بيدرسون" من قبل هيئة التنسيق ومنصة موسكو ليست من صلاحيات المبعوث الأممي التدخل في ذلك".
وأكد الفهد أن "استبدال قاسم الخطيب هو الاستبدال الثاني لمنصة القاهرة بنفس الآلية، بما يتوافق مع النظام الداخلي للهيئة، وقد صوّتت عليه خمسة مكونات من مكونات الهيئة، وباجتماع قانوني مكتمل النصاب ولا توجد خلافات داخل منصة القاهرة على الاستبدال الذي اعتُمد في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية".
أما عن حل مشكلة قائمة المستقلين داخل الهيئة، فقد أوضح الفهد أن "مقترح استبدال أربعة أعضاء من مكون المستقلين وإبقاء أربعة هو مقترح مقدم من رئيس الهيئة أنس العبدة لحل توافقي، وإلى الآن لم يتم التوافق عليه بين مكونات هيئة التفاوض".
وأشار الفهد إلى أن "مكونات هيئة التفاوض متفقون على جميع بنود الانتقال السياسي المدرجة في القرارات الدولية 2254 / 2118 وعلى أساس هيئة الحكم الانتقالي، وأن اللجنة الدستورية هي أحد مساراته تحت بند (لا يتم الاتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء) وهذا مثبت لدى الأمم المتحدة"، بحسبه، مؤكداً أن "هيئة التفاوض السورية هي مرجعية اللجنة الدستورية".
وحول الفرضيات التي تشير إلى خلق جسم جديد للمعارضة السورية، قال الفهد: "لا يوجد أي توجهات أو توافق على عقد مؤتمرات أو إنشاء أجسام جديدة. نحن قريبون جداً من حل الخلافات داخل هيئة التفاوض"، مؤكداً أن "الدخول في مقاربات جديدة لتشكيلات معارضة سوف يزيد الأمور تعقيداً وربما تكون تداعياتها ونتائجها سلبية ولا أحد يرغب بذلك".
وتتشكّل هيئة التفاوض السورية المعارضة من 37 عضواً، حصة الائتلاف منهم 8 أعضاء، فيما تُشكل حصة الفصائل العسكرية 7 أعضاء، بالإضافة إلى 5 أعضاء لهيئة التنسيق الوطنية، و4 أعضاء لكل من منصتي موسكو والقاهرة، وعضو واحد للمجلس الوطني الكردي، و8 أعضاء للمستقلين، الذين شكلت إعادة انتخابهم، أي المستقلين، مجدداً نهاية 2019، بداية الخلافات الحقيقية داخل الهيئة.