طالب رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، مساء الإثنين، بفتح تحقيق في حادثة منع مجلس الدولة من عقد جلسة رسمية في طرابلس من قبل "قوة حماية الدستور"، وبأوامر وتعليمات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، الذي يتولى أيضاً منصب وزير الدفاع.
كما وجه المشري شكوى رسمية للنائب العام بشأن حادثة محاصرة مقر المجلس، ومنع أعضاء المجلس من عقد جلستهم الرسمية.
وأشار المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة إلى أن المشري خاطب أيضا المبعوث الأممي عبد الله باتيلي بشأن حادثة منعه من عقد جلسته اليوم، وقال إنه طالب باتيلي أيضا بضرورة "إجراء لقاء فوري بين المجلس الأعلى ومجلس النواب برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم من أجل توحيد السلطة التنفيذية، تمهيدا لإجراء الانتخابات".
بدورها، حثت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا القادة الليبيين على حل خلافاتهم السياسية من خلال الحوار والتسوية، وإجراء الانتخابات الموثوقة والشفافة والشاملة التي يريدها الليبيون ويستحقونها.
وقالت السفارة عبر حسابها بموقع "تويتر" إنّ "التهديد باستخدام القوة من شأنه أن يزعزع الاستقرار ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق الوحدة الوطنية، وهو ليس طريقة مشروعة أو مستدامة لحل الخلافات السياسية في ليبيا".
من جهتها، أعربت سفارة المملكة المتحدة عن قلقها إزاء منع جلسة المجلس الأعلى للدولة في طرابلس.
وعلقت السفارة على الحادثة قائلة عبر حسابها في تويتر: "ينبغي السماح للمؤسسات المدنية بالوفاء بمسؤولياتها والاضطلاع بها"، معتبرة أي محاولة لعرقلة نشاطها بالاشتراك مع المجموعات المسلحة "أمراً غير مقبول".
وكان المشري قد اتهم الدبيبة بالوقوف وراء منع عقد جلسة المجلس، من خلال نشر "قوة حماية الدستور" التابعة لحكومة الوحدة الوطنية آليات مسلحة أمام مقر المجلس بطرابلس، قائلا إن "مليشيا مسلحة تابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة منعت أعضاء المجلس من الدخول إلى قاعة الاجتماعات التي ستُعقد فيها جلسة اليوم، ونشرت آليات مسلحة أمام مقر المجلس".
وأضاف في كلمة متلفزة بثها المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى أن "قوة حماية الدستور التابعة للدبيبة هي التي منعت عقد الجلسة"، معقبا: "القوة التي هاجمت المقر أبلغتنا بأن مستشار رئيس الحكومة إبراهيم الدبيبة طالبها بمنع عقد جلسة لمجلس الدولة. وكل الفنادق أبلغتنا بأن حكومة الدبيبة أصدرت أوامرها بعدم عقد جلسات لمجلس الدولة".
كما اتهم المشري الدبيبة أيضا بـ"محاولة الاستفراد بالمنطقة الغربية ومنع توحيد السلطة التنفيذية"، معتبرا أن ما يقوم به الدبيبة ضد سلطة عليا "يحدث لأول مرة منذ ثورة فبراير (الثورة الليبية)".
وأوضح المشري أن الجلسة التي كان مقررا عقدها أمس وأجلت إلى اليوم قبل منعها "كان من المقرر أن يصوت المجلس الأعلى مجتمعا على القاعدة الدستورية بعدما صوت عليها موادها منفردا، وكذلك للنظر في آلية توحيد السلطة التنفيذية".
واستدرك قائلا: "الدبيبة يستخدم ماكينة إعلامية لتشويه صورتنا، وموقفنا من هذه الحكومة سيكون واضحا، وهي حكومة مليشياوية تريد السيطرة وفرض رأيها بالقوة".
ومن المنتظر أن يحدد المجلس موعدا جديد لجلسته القادمة يحدد خلالها اتجاهه بشأن ملفي المناصب السيادية وآلية توحيد السلطة التنفيذية والتصويت على القاعدة الدستورية.
ويعيش مجلس الدولة اختلافا كبيرا في مواقف أعضائه حيال أولوية حسم أي من ملفات المرحلة، حيث أشار عضو مجلس الدولة شعبان أبوستة، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إلى "وجود تكتل داخل المجلس يرفض الخوض في ملفي المناصب السيادية والسلطة التنفيذية قبل التوافق النهائي مع مجلس النواب بخصوص القاعدة الدستورية المؤطرة للانتخابات، وتكتل آخر يرغب في حسم الملفين قبل القاعدة الدستورية".
ويسعى المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب إلى حسم ملف الخلاف الحكومي القائم منذ أشهر بين حكومة الوحدة الوطنية والحكومة المكلفة من مجلس النواب، دون أن يعلن كلاهما عن مقترح واضح بشأنه.
وتعاني ليبيا منذ فبراير/ شباط الماضي انقساماً حكومياً إثر تكليف مجلس النواب حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، إلا أنها لم تلق قبولاً من مجلس الدولة، ولم تتمكن من استلام مهامها بشكل رسمي من حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها الدبيبة.
وترفض حكومة الوحدة الوطنية تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، إلا أنها لا تلقى قبولا من جانب مجلس الدولة الذي صرح رئيسه المشري، في أكثر من مناسبة، بضرورة تشكيل حكومة مصغرة بديلة عن الحكومتين كحل أمثل لحل الخلاف الحكومي.