قالت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، الخميس، إنها ستعقد مؤتمراً صحافياً يوم الأحد المقبل، للإعلان عن النتيجة النهائية للانتخابات في المحافظات التي جرت فيها المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب على مدار أيام 21 و22 و23 أكتوبر/ تشرين الأول في الخارج، و24 و25 أكتوبر في الداخل، وذلك بعدما انتهت الهيئة من الفصل في تظلمات المرشحين على عملية الاقتراع والفرز.
وأشارت الهيئة إلى إخطار المرشحين الذين تقدموا بتظلمات بقرارتها خلال يومي الخميس والجمعة، متضمنة الأسباب والحيثيات التي استندت إليها في اتخاذ قرار قبول أو رفض التظلم، مستطردة بأنها "انتهت إلى أن جميع التظلمات لم تتطرق إلى أي مخالفات من شأنها التأثير على سير العملية الانتخابية، باعتبار أن معظمها طالب بإعادة فرز بعض اللجان الفرعية!".
وزعمت الهيئة، في بيان، أنها "وقفت على مسافة واحدة من جميع المرشحين، والتزمت الحيدة في الفصل في التظلمات، من دون أن تنحاز لطرف على حساب الآخر"، مضيفة أنها "انتهت من تجهيزات انطلاق عملية التصويت في محافظات المرحلة الثانية، ومنها طباعة أكثر من 30 مليون بطاقة اقتراع لاستخدامها في التصويت، بالنسبة للمرشحين على النظام الفردي أو على نظام القوائم".
وتأتي مزاعم الهيئة رغم انتشار العشرات من مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، التي توثق عملية شراء أصوات الناخبين مقابل مبالغ مالية في المحافظات التي جرت فيها المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان، على مسمع ومرأى من الجميع أمام اللجان الانتخابية، لا سيما من أنصار مرشحي حزب "مستقبل وطن"، وسط تواطؤ من قوات الجيش والشرطة المسؤولة عن التأمين.
وتقدم "الحزب المصري الديمقراطي" بطعن على نتيجة الانتخابات المعلنة من اللجان القضائية عن دوائر محافظة الجيزة، للمطالبة بإعادة فرز وجمع الأصوات في ضوء المحاضر المعتمدة للجان الفرعية، إذ إن الأرقام النهائية لانتخابات المقاعد الفردية في المحافظة "تنبئ بوقوع كارثة في رصد وتجميع الأصوات في أغلب الدوائر، خصوصاً في الدائرة السابعة (العمرانية والطالبية)".
وأفاد الحزب بأن "الأرقام التي أعلنتها شفهياً اللجنة العامة (المركزية) في دائرة العمرانية والطالبية شهدت زيادة فاحشة، وغير مبررة، تتجاوز عشرات الآلاف من الأصوات مقارنة بكشوف الفرز في اللجان الفرعية. وقد أضيفت هذه الأصوات إلى مرشحين بعينهم، وأدت إلى فوزهم من الجولة الأولى، رغم أن المحاضر الرسمية للفرز في اللجان الفرعية تؤكد وصول مرشحي الحزب إلى جولة الإعادة".
وكان المرشحان الخاسران عن "الحزب المصري الديمقراطي" في دائرة العمرانية والطالبية بالجيزة، قد اتهما القضاة المشرفين على لجان الدائرة بـ"تزوير الانتخابات" لصالح مرشحي النظام، من خلال التلاعب في أصوات الناخبين بزيادة نسبة الإقبال، ومنح أصوات وهمية للمرشحين الفائزين من الجولة الأولى: محمد علي عبد الحميد عن حزب "مستقبل وطن"، وأحمد عاشور عن حزب "الشعب الجمهوري".
واختارت الهيئة الوطنية للانتخابات لرئاسة اللجنة العامة عن دائرة العمرانية والطالبية المستشار ناجي شحاتة، المعروف إعلامياً بـ"قاضي الإعدامات"، وهو صاحب واقعة التزوير الشهيرة في انتخابات البرلمان عام 2015، حين كان يرأس اللجنة العامة لدائرة الدقي والعجوزة بالجيزة، وأشرف على تزييف النتائج لصالح النائب السابق أحمد مرتضى منصور، والذي قضت محكمة النقض ببطلان عضويته بعد مراجعة عدد الأصوات، وتصعيد المرشح عمرو الشوبكي بدلاً منه (امتنع البرلمان عن تنفيذ الحكم).
الأمر نفسه تكرر في دائرة أطفيح بالجيزة، فبعدما أثبتت محاضر الفرز في اللجان الفرعية حصول المرشح المستقل محمد كاسب على 21 ألف صوت، مقابل 20 ألف صوت لمرشح حزب "حماة الوطن" أحمد شعبان الفار، و8 آلاف صوت لمرشح حزب "مستقبل وطن" شحاتة أبو زيد، جاء قرار اللجنة العامة بإعلان فوز الأخير بمقعد الدائرة من الجولة الأولى بعدد أصوات بلغ 78 ألف صوت.
وفي دائرة الصف بالجيزة، أعلن المرشحان محيي الزيدي، وعربي زيادة، وصولهما إلى جولة الإعادة، بعد حصول كل منهما على أكثر من 20 ألف صوت، بينما أعلنت اللجنة العامة فوز مرشح حزب "مستقبل وطن" أحمد سعد نويصر بمقعد الدائرة، بإجمالي 63 ألف صوت، رغم أن ترتيبه كان الخامس بين المرشحين بنحو 8 آلاف صوت فقط، بحسب نتائج الفرز في اللجان الفرعية.
كذلك الحال في دائرة أكتوبر والواحات بالجيزة، والتي أظهرت محاضر اللجان الفرعية فيها خوض 6 مرشحين لجولة الإعادة، بسبب عدم حصول أحد منهم على 50%+1 من الأصوات الصحيحة، وهم مرشحو حزب "مستقبل وطن أحمد غفرة، وعمرو القطامي، ومحمد سلطان، والمرشحون المستقلون هشام حسين، ومي البطران، وعلي حسين القاضي، بينما أعلنت اللجنة العامة حسم المقاعد الثلاثة من الجولة الأولى لصالح مرشحي "مستقبل وطن".
وتقدم عضو مجلس النواب عن حزب "الوفد" عمرو أبو اليزيد بطعن على نتائج دائرة بولاق الدكرور في الجيزة، على وقع اختلاف أرقام النتائج التي أعلنتها اللجنة العامة للدائرة عن تلك المثبتة في محاضر اللجان الفرعية، والتي ارتفعت من نحو 50 ألف صوت إلى 165 ألف صوت، واحتساب تلك الزيادة لصالح منافسيه من حزب "مستقبل وطن" الذين أعلن فوزهم بمقاعد الدائرة.
تجدر الإشارة إلى موافقة مجلس النواب على زيادة مخصصات الهيئة الوطنية للانتخابات من 60 مليون جنيه في العام المالي المنقضي، إلى 72 مليون جنيه في العام المالي الجاري، لصالح تمويل أجور ومكافآت رئيس وأعضاء الهيئة والأمانة الفنية لها، في العام المالي الحالي، والتي كانت لا تتجاوز نحو 7 ملايين جنيه فقط في العام المالي 2018-2019، أي أنها زيدت بنحو عشرة أضعاف خلال عامين فقط.
ومنذ الاستيلاء على السلطة في عام 2013، يعمد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى زيادة عدد المشاركين في كل استحقاق انتخابي، نظراً لعزوف الغالبية العظمى من المواطنين عن المشاركة، من خلال إصدار هيئة الانتخابات تعليمات شفهية للقضاة رؤساء لجان الانتخاب العامة (المركزية) في المحافظات، بإضافة نسبة مقطوعة على عدد المصوتين عند إعلان النتائج النهائية لزيادة نسبة المشاركة من ناحية، وتزوير النتائج لصالح مرشحي النظام من ناحية أخرى.