لم يخرج تصريح المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، يوم الإثنين الماضي، حول الدستور والعملية السياسية في سورية، عن الموقف الفعلي لروسيا تجاه القضية السورية، إذ لم يختلف عنه، إلا لناحية الوضوح، والحديث صراحة عن أن موسكو التي تمسك بمعظم أوراق الحل في سورية، متمسكة ببقاء بشار الأسد في السلطة.
وبالتالي يعني ذلك أنها لا ترى ضرورة لتغيير الدستور في سورية، الذي تم إنشاء لجنة خاصة برعاية الأمم المتحدة تضم ممثلين من المعارضة والنظام لتغييره، كخطوة أولى على طريق تطبيق القرار الدولي 2254 الخاص بالحل السياسي في سورية.
هذا الموقف يعني نسف كل العملية السياسية التي تقوم على قرارات الشرعية الدولية، وأن كل اللجان والهيئات التي تم إنشاؤها لهذه الغاية، وكل جولات المفاوضات واجتماعات اللجنة الدستورية، لم تكن إلا وسيلة لكسب الوقت ريثما يتم إعادة تأهيل نظام الأسد، وطرح عملية سياسية وفق الرؤية الروسية تقوم على إعادة إنتاج النظام نفسه بشراكة جزئية مع جزء من المعارضة التي قام الروس بتصنيعها.
وعلى الرغم من وضوح الموقف الروسي منذ بداية تدخّل موسكو في سورية، إلا أن المعارضة السورية بكل هيئاتها ظهرت بموقف المُفاجأ من تصريحات لافرنتييف، وخرجت ببيانات استنكار واستغراب لتلك التصريحات التي عدتها انقلاباً على العملية السياسية، التي لم تكن موجودة أصلاً.
ويبدو أن استغراب المعارضة والمفاجأة التي أبدتها من التصريحات، لم تكن من الموقف الروسي المعروف أصلاً، وإنما من الوضوح الذي ألغى عملياً مبرر وجود بعض الهيئات واللجان التي شكلتها المعارضة بهدف تحقيق الحل السياسي، وبشكل خاص اللجنة الدستورية، التي أنهى كلام المسؤول الروسي مبرر وجودها.
في المقابل، لم تصدر أي ردة فعل من الأطراف الدولية الأخرى المتدخلة بالشأن السوري، خصوصاً الولايات المتحدة. كما حدد بوضوح الأدوار التي كانت تقوم بها بعض اللجان والوفود المعارضة، خصوصاً وفد المعارضة لمسار أستانة، الذي بدا واضحاً أن دوره لا يتعدى أن يكون شاهداً على تسليم مناطق سيطرة المعارضة تباعا للنظام بدءاً من ريف حمص الشمالي إلى غوطة دمشق، فالجنوب السوري، وحالياً إدلب.
ولكن على الرغم من كل الوضوح في الطريق الذي يسير به الحل في سورية، إلا أن الهيئات واللجان المعارضة لا تزال متمسكة بالتفاوض مع النظام وبإضاعة المزيد من الوقت في بحث الدستور، وفي تقديم شهاداتها على تسليم النظام مزيداً من مناطق سيطرة المعارضة.