تصاعدت خلال اليومين الماضيين الضغوط التي يتعرّض لها رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك لإقالة رئيس حزب المحافظين نديم الزهاوي، المتهم بالتهرّب الضريبي، فيما اكتفى سوناك بإحالة القضية لمستشاره الأخلاقي لوري ماغنوس للنظر في المزاعم التي تفيد بدفع الزهاوي غرامة بلغت 5 ملايين جنيه إسترليني لتسوية قضية عالقة بينه وبين مصلحة الضرائب منذ سنوات.
وأقرّ الزهاوي، وهو وزير بلا حقيبة في حكومة سوناك، بدفعه غرامة لتسوية القضية العالقة، دون أن يورد، في حديث للصحافيين، المزيد من التفاصيل حول مقدارها أو تاريخ وفائه بالتزاماته.
وكان من المتوقع أن يعلن الزهاوي عن استقالته قبل ظهر اليوم، حيث تعقد جلسة مساءلة رئيس الحكومة في البرلمان ككل يوم أربعاء، إلا أنه لم يفعل، كما أنه كان غائباً عن الجلسة، ما ترك سوناك وحده في مواجهة أسئلة وانتقادات زعيم حزب العمّال المعارض كير ستارمر.
وتبادل الأخيران الانتقادات والاتّهامات، فقال ستارمر إنّ المنصب أكبر بكثير من سوناك، وإنه أضعف من أن يقيل مسؤولاً تلاحقه تهمة التهرّب الضريبي، لكن سوناك اعتبر أنّ ستارمر هو الضعيف، إذ لم يستقل من حكومة سلفه زعيم حزب العمال جيريمي كوربين، على الرغم من خلافهما، بينما استقال هو من حكومة بوريس جونسون عندما اختلف معه.
وكان الزهاوي قد تعرّض، الصيف الماضي، إلى المساءلة مع تعيينه وزيراً للمالية في حكومة جونسون على خلفية التهرّب الضريبي، إلا أنّ جونسون الذي كان مشغولاً بالحفاظ على منصبه، تجاهل تلك المساءلة ولم يتّخذ بحق الزهاوي أي إجراء قانوني.
ولم يكن الإجراء الذي اتّخذه سوناك كافياً لإسكات أصوات المعارضين وبعض الموالين للحكومة، ولا سيما أنّ العنوان العريض لحملته الانتخابية الأخيرة كان "المساءلة والنزاهة المهنية". تضاف إلى ذلك قضية وزير العدل دومينيك راب، الذي يواجه أكثر من ثماني شكاوى حول سلوك التنمّر مع موظّفي الخدمة المدنية، إلا أنّ سوناك احتفظ به في منصبه مكتفياً بإحالة قضيته للتحقيق.
ويفتح ذلك باب التساؤلات حول مدى قدرة سوناك على البقاء في منصبه وعلى الوصول بحزب المحافظين إلى الانتخابات العامة المقبلة المقررة بعد عامين على أبعد تقدير. وتعد "النزاهة" وما ترافقها من مفردات أخرى كـ"المساءلة والمهنية والالتزام بالمعايير"، بمثابة مفتاح لاسترجاع شعبية حزب المحافظين المتدنية وحماية المستقبل السياسي لسوناك.
فبينما يستطيع سوناك الادّعاء بأن لا يد له في الأزمة الاقتصادية الحالية، وأن الحرب الروسية على أوكرانيا ساهمت عالمياً بارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، وأنّ جائحة كوفيد-19 راكمت الخسائر والمعضلات، إلا أنه لن يستطيع التهرّب من عدم وفائه بالتزاماته، وإصراره على الاحتفاظ بمسؤولين متّهمين بالفساد والتنمّر والتهرّب الضريبي، وحتى بالاعتداءات الجنسية.
لن يستطيع رئيس الوزراء البريطاني أن يبرّر طويلاً عدم اتّخاذه إجراءات صارمة في وجه من تلاحقهم الاتّهامات والانتقادات، هو الذي تلقّى خلال عام واحد فقط غرامتين من الشرطة لخرقه القوانين، كما طاولته سابقاً تهمة التهرّب الضريبي عندما تحايلت زوجته على القانون ولم تعلن عن إقامتها في بريطانيا لكي تعفى من الضرائب.