دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، إلى جلسة لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد بعد غدٍ الخميس، وذلك بعدما شملت عطلة الأعياد الاستحقاق الرئاسي رغم الأزمة الاقتصادية الحادة والمخاطر المترتبة عن المماطلة والتأخر في ملء الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، المستمرّ منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ولا ينظر اللبنانيون بتفاؤل إلى الجلسة الجديدة التي تحمل الرقم 11 في ظلّ الانقسام السياسي الحادّ في البلاد وغياب التوافق حول شخصية رئاسية ما يجعل المفاجآت يوم الخميس خارج الحسابات باستثناء تبدّل التوجهات ولائحة أسماء المرشحين، خصوصاً من جانب "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل الذي قرّر الخروج عن قرار حلف "حزب الله" السياسي، وتالياً عباءة الورقة البيضاء، واتخاذ مسار مغاير، سواء بتوزيع الأصوات أو "الشعارات" والرسائل، ويدرس حالياً احتمال الإعلان عن مرشحه الرئاسي.
في السياق، يفضّل مصدر مسؤول في "التيار الوطني الحر" عدم استباق قرار حزبه المرتقب الإعلان عنه، اليوم الثلاثاء، بعد اجتماع التكتل النيابي الذي يبحث الملف الرئاسي بالدرجة الأولى، والنيابي التشريعي كما الحكومي ومجمل الملفات على الساحة اللبنانية.
ويقول المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إن "التيار لم يقرر بعد اسم مرشحه الرئاسي وهناك لائحة من الأسماء التي يتم التباحث بها، في إطار المبادرة الرئاسية التي كان قد أعلن عنها وعلى أساسها عقد لقاءات مع مختلف الأفرقاء السياسيين".
ومن المتوقع أن يواصل "حزب الله" و"حركة أمل" (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري) ومن يدور في فلكهما السياسي التصويت بالورقة البيضاء، علماً أن مرشح الثنائي بشكل أساسي هو رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، بيد أنه لا يزال غير مُعلَن رسمياً من قبلهما، وخارج دائرة التصويت، في ظلّ عدم تأمين التوافق حوله والأصوات الكافية لإيصاله لسدّة الرئاسة، خصوصاً أنه لم يلقَ دعم باسيل، الذي بدوره كان يعد من أبرز الطامحين لتولي المنصب الرئاسي.
ويستبعد النائب في كتلة "حركة أمل" البرلمانية محمد خواجة أن تحصل تغييرات مهمة في جلسة الخميس أو تسجَّل مفاجآت قادرة على قلب المعادلة، ويشير في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أن التوازنات القائمة والناتجة عن الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في أيار/مايو الماضي، لا تسمح لأي كتلة أو فريق يضم كتلاً عدّة أن يوصل مرشّحه بمفرده للرئاسة، "وهو ما نردده كلّ مرة، وقلناه من الجلسة الأولى، والدليل أن المشهد لم يتبدل على مدى عشر جلسات".
ويرى خواجة أن التصويت بورقة بيضاء أو لمرشح معين مجرد تفصيل، "والأرقام تظهر في كل جلسة أن لا أحد قادر على إيصال مرشحه، سواء تلك التي حاز عليها النائب ميشال معوض (مرشح الأحزاب المعارضة)، أو حتى فريقنا السياسي، الذي على مسافة النتائج نفسها، من هنا، فإن الاستحقاق يتطلب الجلوس معاً والتحاور والتفاهم، ومن دون ذلك، لن ينتخب الرئيس الجديد للبلاد ولو عقدت خمسون جلسة".
وفي ظلّ عجز رئيس البرلمان عن جمع القوى السياسية كلها على طاولة حوار "رئاسية" بعدما اصطدمت دعوته مرّتين برفض من "التيار الوطني الحر" و"حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، يجدد خواجة التأكيد على أهمية الحوار الجامع الذي يبحث مواصفات الرئيس ومن ثم يصبح اختياره سهلاً، لافتاً إلى أن التواصل مع الأفرقاء السياسيين قائم ويستمرّ ولكنه لا يمكن وضعه ضمن خانة الحوار الرسمي.
من جهته، يقول مصدر قيادي في "حزب الله" (فضل عدم الكشف عن اسمه)، لـ"العربي الجديد"، إن "حزب الله متمسّك بالمواصفات الرئاسية التي وضعها، يتقدمها إيصال رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها، وهو يفتح باب التشاور ضمن هذا الشرط"، لافتاً إلى أنه بغض النظر عن أي خطوة يتخذها "التيار الوطني الحر" فهذا لا يعني إلغاء التحالف، بل لكل حزب خياره واستقلاليته، ونأمل بالوصول إلى تفاهم شامل لانتخاب رئيس، فالتوافق أساس لسدّ الشغور الرئاسي، ولا يمكن لأي فريق منفرداً أن يوصل مرشحه.
وفي مقلب الأحزاب المعارضة، "الكتائب اللبنانية" (برئاسة النائب سامي الجميل)، و"القوات اللبنانية"، و"التقدمي الاشتراكي" (برئاسة وليد جنبلاط)، وبعض المستقلّين والتغييريين المنقسمين في خياراتهم الرئاسية، لا يزال المرشح الذي يحوز على أصواتهم هو النائب ميشال معوض، علماً أنهم يبقون المشاورات مفتوحة لاختيار مرشح بديل في حال كان قادراً على تأمين التوافق المطلوب والأصوات اللازمة لانتخابه.
وعقد المجلس النيابي اللبناني الجلسة الأخيرة له في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحيث بلغ عدد المقترعين 109 نواب، وحاز المرشح ميشال معوض على 38 صوتاً، والورقة البيضاء 37 صوتاً، و8 أصوات للمؤرخ والباحث عصام خليفة، الذي يحوز على أصوات بعض نواب التغيير والمستقلين، كما توزعت باقي الأصوات على شعارات وأسماء شخصيات سياسية مع تسجيل 3 أوراق ملغاة.