دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الاثنين، "المعنيين بتشكيل الحكومة إلى أن يبادروا إلى التأليف من دون وضع شروطٍ مسبقة أو تلكّؤ، وإزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وحدة وطنية أعضاؤها من ذوي الاختصاص غير الحزبيين".
وشدد بري على أن "تكون الحكومة بلا أثلاث معطّلة فيها، (يُتَّهَم رئيس الجمهورية وصهره رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل بالتمسك بها)، ووفقاً لما نصّت عليه المبادرة الفرنسية، يكون برنامج عملها الوحيد إنقاذ لبنان واستعادة ثقة أبنائه به وبمؤسساته كوطن للعدالة والمساواة، حكومة تستعيد ثقة العالم به وبدوره وخصوصاً ثقة أشقائه العرب"، داعياً إلى "الاحتكام للدستور في مقاربة الملف الحكومي، والالتقاء على كلمة سواء لإنقاذ لبنان، وتصفية النوايا وتفعيل الإرادات الصادقة لتأليف حكومة قبل فوات الأوان".
وبمناسبة الذكرى السنوية لتحرير جنوبي لبنان من الاحتلال الإسرائيلي (يوم 25 مايو/أيار 2000)، شدد الرئيس بري على أن المطلوب من كافة القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني وكل اللبنانيين استعادة لبنان من فمّ تنّين الانهيار، وتحرير البلاد، أولاً من عبدة الأنانية التي يُمعِن من خلالها البعض في تقديم أهوائه ومصالحه الشخصية على مصالح الوطن والمواطن". وأضاف: "ثانياً، من حقد الطائفية والمذهبية، من خلال الاقتناع بأن المستقبل الحقيقي لتحصين لبنان وعدم تعريضه بين فترة وأخرى إلى اهتزازات أمنية وسياسية يكون من خلال الدولة المدنية وإقرار قانون للانتخابات، فلتكن للذين لا يريدون لبنان دائرة انتخابية واحدة، دائرة موسَّعة خارج القيد الطائفي على أساس النسبية وإنشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف بعدالة".
ومضى قائلا: "وثالثا، تحرير لبنان من احتلال المحتكرين للقمة عيش الناس وأمنهم الصحي والدوائي والغذائي، وكل ما هو متصل بحياتهم اليومية، وتحرير أموال المودعين في المصارف، إلى جانب تحرير القضاء من التدخلات السياسية وإقرار قانون استقلالية القضاء، وتفعيل الهيئات الرقابية، ومكافحة الفساد ونهب المال العام، استناداً إلى القانون الذي أقره مجلس النواب لجهة إجراء التدقيق الجنائي، انطلاقاً من مصرف لبنان وكل الوزارات والصناديق والمجالس والإدارات العامة وخاصة كهرباء لبنان".
ولفت رئيس البرلمان إلى أنّ "مشكلتنا الحكومية الراهنة هي مئة بالمئة داخلية وشخصية، حيث إن سوس الخشب منه وفيه، على أن نملك القدرة على التضحية من أجل لبنان لا التضحية به من أجل مصالحنا الشخصية".
وحذّر بري من أن "البعض، عن قصدٍ أو غير قصدٍ، يتعمّد التفنّن في صناعة الأزمات التي، إن استمرّت في التناسل ومن دون مبادرة سريعة وفورية لمعالجة الأزمات، سوف تطيح بلبنان"، مشدداً على أن "الواجب والمسؤولية يفرضان على الجميع أن يستشعروا خطورة المرحلة الراهنة والمصيرية التي تهدد لبنان واللبنانيين في وجودهم".
ويأتي حديث نبيه بري أيضاً بعد "سبت ناريّ" زاد من حدّة الخلاف بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، الذي اتهم الرئيس عون بأنه أراد من خلال رسالته إلى مجلس النواب سحب التكليف منه، والتخلّص منه بشتى الوسائل، وردّ على الخطوة هذه بجملة اتهامات لرئيس "له باع طويل في التعطيل"، على حدّ قوله، مشدداً على أنه لن يعتذر، ولن يشكل حكومة كما يريدها الرئيس أو أي فريق سياسي، في حين حرص الحريري على توجيه رسائل حادة إلى العهد وفريق الرئيس عون ومن أسماهم "أزلامه".
ويؤكد مطلعون على الملف الحكومي، لـ"العربي الجديد"، أن محاولات كثيرة تجرى منذ يوم السبت الماضي، تاريخ انعقاد جلسة مجلس النواب، لحلّ الخلاف بين الرئيسين عون والحريري، وحصلت اتصالات سياسية على مستوى عالٍ وبشكل منفرد بين كل من الرئيس عون فالرئيس الحريري كي يعقد الطرفان لقاءً قريباً بينهما أقلّه لتوضيح نقاط الخلاف وهناك سعي لذلك.
ويلفت المطلعون إلى أنّ "هناك نوايا للردّ بشكل مفصّل من الرئيس عون على كلام الرئيس الحريري، علماً أن نصائح من مقرّبين من رئيس الجمهورية وصلت إليه بعدم الخروج إلى العلن بتصريح مضاد، والتمهّل قبل إطلاق موقف يقضي تماماً على أي احتمال أو نية في التقارب، من بوابة أن الرئيس عون سبق أن وجه رسالة هي كافية لتحريك الحريري، وكانت مجدية على صعيد إبداء كل كتلة نيابية رأيها".
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم، إنه "في ذكرى التحرير، نسترجع طعم الانتصار والكرامة، ونتعهد بمواصلة مسيرة استرجاع سيادتنا على كامل ترابنا ومياهنا، وكما حاربنا العدو وحررنا الأرض؛ علينا اليوم مجتمعين تحرير الدولة من الفساد وإعادة لبنان إلى سكة النهوض والازدهار، وحدها وحدة اللبنانيين تحقق الإصلاح وتعيد كرامة الحياة لمجتمعنا".
والتقى عون، اليوم الاثنين، أعضاء الوفد اللبناني إلى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع العدو الإسرائيلي، وعرض معهم تطورات عملية التفاوض، التي انتهت الجولة الخامسة منها على خلاف بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وانحياز أميركي للأخير، علماً أن الرئيس اللبناني أيضاً لم يوقع بعد تعديل المرسوم 6433 – تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.