تحركات الشارع اللبناني تتواصل... واتهامات متبادلة بين الحريري وباسيل بـ"احتجاز" الحكومة
يخيّم مشهد قطع الطرقات على السّاحة اللبنانية منذ أيّام احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وانسحابه غلاءً فاحشاً على مختلفِ السلع والبضائع والمواد الغذائية، في ظلّ غياب الأجهزة الرقابية وعجز حكومة الرئيس حسان دياب عن تصريف أدنى الأعمال المطلوبة منها، بينما يقتصر التحرّك على اجتماعات مُكرَّرة من حيث البيانات وفارغة بمضمونها وترجمتها الميدانية.
وقطع متظاهرون، اليوم الخميس، الطرقات في العاصمة بيروت، من بينها ساحة الشهداء وطريق المطار والغبيري، إضافة إلى أوتوستراد جل الديب والذوق (شمال العاصمة)، وأوتوستراد الجية – برجا (محافظة جبل لبنان)، كما شهدت مناطق شمالية وبقاعية وجنوبية تحركات احتجاجية، حملت جملة مطالب شملت الإفراج عن جميع الموقوفين على خلفية أحداث طرابلس (شمالي لبنان) الأخيرة.
وكان مدخل مرفأ بيروت، اليوم، على موعدٍ مع الوقفة الشهرية لأهالي ضحايا الانفجار، الذين كرّروا مطالبهم بتحقيق شفاف وعادل، وسلطة قضائية مستقلة قادرة على وقف التدخلات السياسية.
وتمنّى الأهالي على المحقق العدلي القاضي طارق بيطار ألا يكرّر هفوات سلفه القاضي فادي صوان، وطلبوا منه عدم التردّد في توقيف الرؤوس الكبيرة بعد مرور سبعة أشهر على الانفجار، وأعلنوا أنهم سيقفون إلى جانبه في هذه المعركة، مؤكدين أنّ "كل الحصانات طائفية كانت أم سياسية تسقط تحت نعالهم". كما طالبوا بتكريس تاريخ 4 أغسطس/ آب كذكرى حدادٍ وطنيٍّ.
ولم تساهم التحركات الاحتجاجية حتى الساعة في تسريع عجلة تشكيل الحكومة، وجلوس الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري معاً لوضع خلافاتهما جانباً لمصلحة البلد المنهار بشكل كامل، خصوصاً أنّ غياب الاستقرار السياسي يعدّ من أبرز عوامل ارتفاع سعر صرف الدولار، ووقف الدعم المالي عن لبنان، الذي بات يرتبط بتشكيل حكومة من أصحاب الكفاءة والنزاهة والاختصاص، تعمل وفق برنامج إصلاحي متكامل.
وعلى العكس، تشتدّ بيانات فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الموجود حالياً في دولة الإمارات، فكانت جولة جديدة من الاتهامات المتبادلة بالتعطيل.
وردّ المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، اليوم الخميس، على خبر منشور في صحيفة "الأخبار" اللبنانية يتحدث عن اقتراح قدّمه الرئيس عون للحريري، عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يبادر على خطّ الطرفين لحلّ العقد الحكومية، لاقى رفض الرئيس المكلف، ورُبط بأنّ الحريري لا يريد تشكيل الحكومة قبل نيل رضى السعودية.
ونفى المكتب الخبر واضعاً إياه في إطار نقل مسؤولية التعطيل من الرئيس عون وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل إليه، وقال: "إن الحريري، وعلى عكس حزب الله المنتظر دائماً قراره من إيران، لا ينتظر رضى أي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها، إنما ينتظر موافقة الرئيس عون على تشكيلة حكومة الاختصاصيين مع التعديلات التي اقترحها الحريري أخيراً".
واصر في المقابل على ان يحصل على حقيبة الداخلية، على ان يمتنع النائب جبران باسيل عن منح الحكومة الثقة، وان المفاجأة كانت ان الرئيس الحريري رفض اقتراح عون. وساقت الصحيقة تفسيرا لذلك ان الرئيس الحريري لا يريد تشكيل حكومة قبل نيل رضى السعودية. ٢/١١
— Saad Hariri (@saadhariri) March 4, 2021
كما خصّص جزءاً من البيان للهجوم على باسيل والتذكير بمواقف سابقة له وتياره السياسي، والتأكيد أنه لن يتراجع عن موقفه من مواصفات الحكومة وعدد الوزراء الـ18.
ولوّح الحريري بأنّ "حزب الله من بين الأطراف المشاركة في محاولة رمي كرة المسؤولية على الرئيس الحريري، لا بل يناور لإطالة مدة الفراغ الحكومي بانتظار أن تبدأ إيران تفاوضها مع الإدارة الأميركية الجديدة، ممسكة باستقرار لبنان كورقة من أوراق هذا التفاوض".
وسريعاً، أتى الرد من باسيل، عبر مكتبه الإعلامي أيضاً، متهماً إياه بحجز التكليف ووضعه في جيبه والتجول فيه على عواصم العالم لاستثماره، من دون اعتبار منه لقيمة الوقت الضائع والمكلف، إلى أن يجهز ما هو بانتظاره.
وتوجه باسيل إلى اللبنانيين بالقول: "إن حكومتكم الموعودة مخطوفة، ولن تكون ممكنةً استعادتها سوى برضا الخارج أو ثورة الداخل".