- عائلته ومنظمات حقوقية تشكك في الرواية الرسمية للوفاة، متهمة النظام بالتغطية على الأسباب الحقيقية، وتعتزم رفع دعاوى قضائية ضد النظام السوري.
- الإدارة الأميركية، بما في ذلك إدارة بايدن، تواجه انتقادات لتقاعسها في التعامل مع قضية ألماز والأميركيين المحتجزين في سوريا، مما يسلط الضوء على التحديات الدبلوماسية والإنسانية.
أثارت وفاة الطبيب الأميركي سوري الأصل مجد كم ألماز داخل سجون النظام السوري، التي كشفتها صحيفة نيويورك تايمز أمس السبت، الرأي العام الأميركي مجددا ضد ممارسات النظام، كما دفعت عائلة المتوفى وبعض المنظمات الحقوقية للعمل على رفع دعاوى قضائية، والقيام بحملات مناصرة لفتح ملف المعتقلين مجددا.
وقالت مريم كم ألماز، لـ"العربي الجديد"، إن "الجهات الحكومية المختصة في واشنطن أخبرتنا وأكدت لنا وفاة والدي مجد كم ألماز في معتقلات النظام"، مضيفة أن السلطات الأميركية أعطتهم "معلومات تؤكد الوفاة"، وذلك بعد سبع سنوات من اختفاء الضحية في العاصمة السورية دمشق.
وكان الطبيب النفسي الأميركي السوري مجد كم ألماز يقيم مع عائلته في الولايات المتحدة، ويدير منظمة في لبنان لدعم اللاجئين السوريين، قبل أن ينطلق منها إلى دمشق في شباط/ فبراير 2017، وحينها أخبر عائلته بأن عليه زيارة بعض الأقارب في العاصمة السورية، وبعد ساعات قليلة من وصوله، ألقي القبض عليه عند نقطة تفتيش تابعة لأمن النظام قرب العاصمة، بحسب سائق سيارة أجرة كان يرافق الطبيب، ومنذ ذلك الوقت، تضاربت المعلومات حول مصيره من دون أنباء مؤكدة، حتى الإعلان عن وفاته من قبل عائلته بعد إعلامهم من قبل السلطات الأميركية، أخيراً.
وكان مسؤولون من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي قد زاروا، في بداية العام 2020، منزل العائلة في ولاية تكساس، لتقديم معلومات بأن مجد كم ألماز توفي نتيجة قصور في القلب في معتقلات النظام السوري، لكن العائلة حينها لم تقبل تلك المعلومات، لكون الضحية يتمتع بصحة قلبية جيدة.
وقالت مريم كم الماز: "والدي لم يُتوفَّ من جراء جلطة أو قصور في القلب، ولكن هذا الخبر سربه النظام للتعمية على سبب وفاته الحقيقي، وهذه الأدوات يستخدمها النظام دائما للتغطية على جرائمه".
"الرئيس بايدن لم يهتم"
وحول ما إذا كانت الحكومة الأميركية أهملت ملف مجد كم ألماز، أكدت مريم أن "مكتب التحقيقات الفيدرالي ومنظمات حقوق المعتقلين كانت دائما تسعى للمساعدة"، لكنها اتهمت الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم الاهتمام بالقضية، مشيرة إلى أن "عائلة مجد كم ألماز ستقوم برفع دعاوى قضائية مدنية وجنائية ضد النظام" في سبيل المحاسبة وتحقيق العدالة والضغط لكشف مصير الآلاف من المعتقلين والمختفين في سجون النظام.
مجد كم ألماز كان محتجزاً لدى المخابرات الجوية
من جانبه، أشار معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، وهي منظمة أميركية- سورية مقرها واشنطن، إلى أنهم بدأوا بعد عام من اختطاف مجد العمل مع عائلته في مسألة المناصرة لقضيته والبحث عن أي معلومات حول مصيره.
وأكد مصطفى لـ"العربي الجديد" أن المعلومات التي وصلت إليهم تؤكد أن مجد كان يقبع في معتقل يتبع للمخابرات الجوية (أحد أبرز الأجهزة الأمنية للنظام)، وقد "اعتقل، وعذب، وقتل هناك، من قبل عناصر أمن نظام بشار الأسد"، بحسب عدة مصادر، منها مصادر في الحكومة الأميركية، وفق مصطفى.
وأضاف مصطفى أن المنظمة التي يديرها ستعمل مع العائلة ومكاتب محاماة لتقديم دعاوى جنائية ومدنية ضد النظام، وقال: "أيضا سنطالب الحكومة الأميركية بإبراز موقفها الرسمي حيال قضية تعذيب وقتل مجد في معتقلات النظام، بالإضافة إلى الضغط للمشاركة في رفع دعاوى على كل متورط في قتل الطبيب". وكشف عن بدء منظمات وجماعات ضغط بحشد أصوات النواب في الكونغرس لإشراك الحكومة الأميركية في أي تحرك قضائي أو موقف رسمي ضد النظام السوري.
وتعتقد الإدارة الأميركية أن نظام الأسد يحتجز، إلى جانب الصحافي أوستن تايس والمتوفى مجد كم ألماز، ما لا يقل عن أربعة أميركيين آخرين، لكنها لا تعرف الكثير عنهم، في حين تشير معلومات أخرى إلى أن مجموع الرهائن قد يصل إلى عشرة.
مفاوضات بلا نتائج
وفي مايو/أيار من العام الماضي، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إجراء واشنطن مفاوضات مع النظام للإفراج عن تايس والمختطفين، مشيراً إلى التواصل مع سورية ودول أخرى.
وأبدت إدارة بايدن رغبة في إنهاء هذا الملف (المختطفين) قبل انتهاء ولايته الحالية، وإن كانت المحادثات حول ذلك بدأت في عهد الرئيس دونالد ترامب، وبشكل مباشر، إذا سبق أن جرى الكشف في العام 2020 عن زيارة قام بها مسؤولان أميركيان كبيران إلى دمشق للتباحث حول مصير تايس والمختطفين. وحسب الكشف، أجرى الزيارة نائب مساعد الرئيس الأميركي السابق كاش باتل رفقة مسؤول آخر، وتخللها عقد اجتماعات سرّية مع مسؤولين من النظام من أجل الإفراج عن مواطنين، في مقدمتهم تايس وكم ألماز.
وفي منتصف العام 2020، أكد وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو أن الرئيس السابق دونالد ترامب بعث، في مارس/ آذار من العام ذاته، رسالة إلى بشار الأسد بشأن مصير الصحافي أوستن تايس.
ولم يحرز هذا الملف أي تقدم منذ اختفاء الرهائن بداية الأزمة السورية وحتى اليوم، رغم تعاقب ثلاث إدارات أميركية، غير أن المعطيات أشارت إلى أن واشنطن قد تسير في اتجاه تقديم تنازلات في ملفات إنسانية مقابل إحراز تقدم في عملية التفاوض على الرهائن مع النظام السوري.