لجأت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) إلى التوسل لقبائل مأرب إثر نزيف بشري في صفوف مقاتليها، بالتزامن مع تحقيقها تقدما جديدا في الجهة الغربية لمحافظة مأرب النفطية، شرقي اليمن، بعد معارك ضارية مع قوات الجيش الوطني ورجال القبائل. ودعت ما تسمى بـ"الهيئة العامة لشؤون القبائل" الموالية للجماعة، اليوم الأربعاء، المشايخ والوجهاء في مأرب الذين يقفون في صف الحكومة الشرعية، إلى تحكيم العقل والعودة إلى صف الوطن، في إشارة إلى سلطة صنعاء.
ومنحت الهيئة، في بيان صحافي اطلع عليه "العربي الجديد"، كافة المقاتلين في مأرب الأمان، وما يسمى بـ"الوجيه" في العرف القبلي، بتسهيل عودتهم إلى قراهم في المدن الشمالية، وعدم التعرض لهم وبأن أنفسهم وأهلهم وأموالهم لها الأمان الكامل.
كما طالبت الهيئة رجال القبائل الذين يقاتلون خلف الجيش الوطني في مأرب بـ"تغليب الحكمة والعقل والمصلحة العليا للوطن والترفع عن الصغائر ونسيان الأحقاد التي زرعها العدو بين أبناء القبائل"، في موقف وصفه مراقبون بأنه يكشف عن حالة يأس من الالتفاف القبلي الواسع في التصدي للهجمات الحوثية.
وفي مسعى منها للظهور بموقف محايد، حمّلت هيئة القبائل المشايخ والوجاهات القبلية وكل من يقف في صفوف التحالف السعودي الإماراتي، أو يستمر في مساندته، أو الوقوف موقف المتفرج، مسؤولية سفك دماء اليمنيين الأبرياء من دون ذنب.
ودأبت جماعة الحوثيين، طيلة الأيام الماضية، على نشر بيانات تتحدث عن عودة العشرات ممن تصفهم بـ"المغرر بهم" من مأرب إلى صنعاء وذمار وباقي مناطق الحوثيين، وذلك بناء على قرار عفو عام أصدره زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
ووصف رئيس هيئة الاستخبارات الحوثية عبد الله علي الحاكم بيان القبائل بأنه يحمل أبعادا استراتيجية تجسد الحرص على حقن دماء اليمنيين واستعادة السيادة.
وأشار الحاكم، الذي لم يشمله قرار الشطب من العقوبات الأميركية، إلى أن دعوة القبائل "تعبر عن تصميم وإرادة قوية لطرد المحتل والغازي من كل أراضي الجمهورية اليمنية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها"، في إشارة إلى أن طموح الحوثيين يتجاوز معركة مأرب وسيمتد مجدداً إلى محافظات جنوبية.
ومنذ 7 فبراير/شباط الحالي، تعرضت جماعة الحوثيين لأكبر عملية استنزاف على الإطلاق في معركة مأرب، حيث تقوم بتشييع أكثر من 20 ضابطاً بشكل يومي في صنعاء، فيما تحدث التحالف بقيادة السعودية عن مقتل 700 عنصر حوثي خلال 4 أيام فقط.
وقالت مصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، إن معارك الأربعاء تركزت في رغوان ووادي ذنة التي حاولت مجاميع حوثية التوغل فيها، فيما دفعت ألوية الحماية الرئاسية القادمة من شقرة في محافظة أبين، بكتائب جديدة إلى منطقة الكسارة في جبل هيلان، واستعادت عددا من المواقع. وذكرت المصادر أن القوات المشتركة استطاعت تأمين تلال الملبودة في صرواح، بعد هجمات مكثفة وكمائن أسفرت عن مقتل أكثر من 20 عنصرا حوثيا على الأقل، وأسر 7 آخرين.
#مارب مواجهات عنيفة بين أبطال الجيش والمقاومة من جهه ومليشيا الحوثي الانقلابية من جهة أخرى على إمداد جبهات رغوان الغربية غرب محافظة مأرب
— سلطان الروساء (@Sultan_alrosa) February 17, 2021
"الشرعية" تناشد مجلس الأمن
في المقابل، دعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، على لسان وزير الخارجية أحمد بن مبارك، الأربعاء، مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضع حد للتصعيد العسكري الحوثي، وإجبار المليشيات على ضبط سلوكها.
وجاءت الدعوة الحكومية عشية جلسة خاصة للمجلس بشأن اليمن، ومن المقرر أن يقدم المبعوث الأممي مارتن غريفيث ومنسق الشؤون الإنسانية مارك لوكوك، إحاطتين حول تداعيات العمليات العسكرية على الوضع الإنساني وأكبر تجمع للنازحين تحتضنه مأرب على مستوى البلاد.
وأبلغ وزير الخارجية اليمني السفير الروسي لدى بلاده فلاديمير دوشكين بأن التصعيد الحوثي بمأرب "يعد رسائل واضحة بأنها غير معنية بالسلام"، وهو ما يستلزم "ممارسة أقصى الضغوط على مليشيات الحوثي لوقف اعتداءاتها والتعامل الإيجابي مع جهود إحلال السلام".
وأدت المعارك المحتدمة غربي مأرب، إلى سقوط قذائف بالقرب من مخيمات النازحين في صرواح، وقال مصدر في الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، لـ"العربي الجديد"، إن المعارك المتصاعدة للأسبوع الثاني على التوالي، أسفرت عن تهجير 1180 أسرة، أي حوالي 6 آلاف نازح.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية، مساء الأربعاء، جماعة الحوثيين لوقف هجماتهم على مأرب التي ستزيد من أعداد النازحين، والمشاركة بشكل بناء في جهود الأمم المتحدة مع المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ.
RT @StateDept_NEA: لجأ ما يقرب من مليون يمني إلى محافظة مأرب بسبب الحرب. هجوم الحوثيين على مأرب سيزيد من أعداد النازحين. يجب على الحوثيين وقف هجومهم والمشاركة بشكل بناء في جهود الأمم المتحدة مع المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ.
— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) February 17, 2021