جنازة المناضل الثوري ومناصر فلسطين بورقعة تتحوّل لمظاهرة غاضبة ضد السلطة في الجزائر
تحولت الجنازة الشعبية لدفن جثمان المناضل الثوري الجزائري لخضر بورقعة اليوم في الجزائر، الى مسيرة شعبية غاضبة ضد السلطة، شارك فيها المئات من الناشطين في الحراك الشعبي والمتعاطفين مع بورقعة في ظروف محنته السياسية منتصف العام الماضي.
وبعلم جزائري، سجي جثمان المناضل القومي لخضر بورقعة، أحد قادة ثورة التحرير، في جنازة مهيبة، ووسط حضور لافت لقوات الشرطة التي عملت على تأمين الجنازة، ورافقت المسيرة الشعبية جثمان الراحل منذ خروجه من منزله في منطقة حيدرة بأعالي العاصمة الجزائرية، حتى مقبرة سيدي يحيى القريبة منه، هاتفة بشعارات مناوئة للسلطة، ومطالبة بالديمقراطية والحريات: "دولة مدنية وليست عسكرية، و"اسمعوا ياناس، بورقعة خلى (ترك) وصية، دولة مدنية"، و"يا بورقعة ارتاح سنواصل الكفاح" .
وووري جثمان بورقعة، الذي برز حضوره السياسي خلال فترة الحراك الشعبي، بحضور المئات من المواطنين الذين غصت بهم المقبرة، كما شارك عدد كبير من قادة الأحزاب السياسية ومنظمات وهيئات مختلفة، خاصة من كتل المعارضة التي كان بورقعة ينشط في دعمها، وتعاملت الشرطة بكثير من الانضباط مع حالة الغضب العاصف الذي اجتاح المشيعين، بسبب الإساءة والضرر اللذين لحقا ببورقعة من قبل السلطات التي اعقلته في 26 يونيو/حزيران 2019، حيث اتهم بإضعاف معنويات الجيش، على خلفية تصريحات حول قضايا تاريخية تخض الجيش، أدلى بها في ندوة سياسية.
ويعرف عن بورقعة نضاله في إطار المؤتمر القومي العربي الإسلامي، وفي اطار مؤسسة القدس، وفعاليات نضالية ومدنية كثيرة في الجزائر وفي المنطقة العربية، لصالح نصرة القضية الفلسطينية، وقوى المقاومة، ومناوأة المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة العربية. وقال الناشط سمير بلعربي، في تصريح لـ"العربي الجديد" على هامش تشييع جثمان بورقعة، إن الأخير "يجسد الوحدة الوطنية، فقد كان له اهتمام كبير بقضايا الأمة، وخاصة القضية الفلسطينية". وقال رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، لـ"العربي الجديد"، إن "هذا الرجل أفعاله ونضاله وجهاده هي من تتحدث عنه، رأينا كيف تحرك الشعب الجزائري وكيف كانت أصداء وفاته في كل البلاد قاطبة، هو كان مجاهدا وواصل النضال من أجل الديمقراطية، والحقوق، سجن ظلما في الستينيات، وسجن تعسفا في 2019، كما حاولوا أن يشوهوه، هذا الرجل سيظل قدوة في النضال بالنسبة للشباب". وكان محسن يشير في حديثه إلى محاولة السلطات التشكيك عبر التلفزيون الرسمي في النضال الثوري لبورقعة، ردا على مواقفه المؤيدة للحراك الشعبي والرافضة لهيمنة الجيش على السلطة وفرض خيارات سياسية.
وقال الرئيس السابق لحركة النهضة فاتح ربيعي، إن "الجزائر فقدت رجلا أبلى بلاءا حسنا في وقت الاستعمار، وبعد الاستقلال أيضا، مقاوما ضد الظلم والفساد، ويحسب له دعمه للشباب في النضال السلمي والسياسي، لقد كان رجلا جامعا وموحدا وهو لم يغير نضاله".
وعبّرت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير، زبيدة عسول، عن القيمة النضالية للخضر بورقعة. وقالت لـ"العربي الجديد"، إن "هذا الرجل عاش عظيما ومات عظيما، لأنه كرس كل حياته لأجل استقلال البلاد، وكرس نهاية حياته لأجل الدفاع عن الديمقراطية والحرية ووقف إلى جانب الشعب، لقد عرفت الرجل عن قرب، خاصة في فترة سجنه حيث كنت أزوره كمحامية. هو مدونة تاريخية رحلت، ونحن سنظل أوفياء لخطه".
كما عبّر يوسف أوشيش، السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، وهو الحزب الذي ساهم الراحل بورقعة في تأسيسه عام 1963، عن أن "المناضل بورقعة رجل ورمز من رموز الجزائر"، مضيفا في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "ناضل في الحركة الوطنية، ثم ناضل كثيرا من أجل الحرية والديمقراطية. لقد كرس حياته لأجل الوحدة الوطنية والعدالة".
واعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في فلسطين، إسماعيل هنية، وفاة المناضل لخضر بورقعة خسارة كبيرة لجبهة دعم القضية الفلسطينية، إذ كان يشرف على رئاسة الجبهة الشعبية الجزائرية لمناهضة التطبيع ضد الكيان الصهيوني. وأجرى هنية اتصالا بعائلة المناضل لتعزيتها وتعزية الجزائر قيادةً وشعبًا، وقال إن "المجاهد لخضر بورڨعة رجل من رموز الثورة والنضال ضد الاحتلال الفرنسي، ومقاتل من مقاتلي الحرية الذين اعتبروا الجزائر وفلسطين قضية واحدة، وأن تحرير الجزائر لا يكتمل إلا بتحرير فلسطين، وواصل دعمه للحق الفلسطيني حتى الرمق الأخير من عمره رحمه الله".
وحضر الجنازة ممثلون عن القيادة العسكرية للجيش، والتي قدمت التعازي لشقيقه.
وكان المناضل لخضر بورقعة قد توفي الليلة الماضية عن عمر ناهز87 عاما متأثرا بإصابته بكورونا، حيث كان يعالج في مستشفى تابع للأمن الوطني.