خاص| مساعٍ أميركية لوقف إطلاق نار "مؤقت" بلبنان واستئناف مفاوضات غزة

25 سبتمبر 2024
لقاء بايدن ونتنياهو في تل أبيب، 18 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تكثيف المساعي الدبلوماسية: يقود نبيه بري جهودًا دبلوماسية بالتعاون مع الولايات المتحدة لتهدئة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، مع التركيز على تطبيق القرار 1701 وتعزيز قدرات الجيش اللبناني.

- موقف حزب الله والدعم الأميركي: يدعم حزب الله الحراك السياسي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، بينما تسعى الولايات المتحدة لتجنب حرب شاملة والتركيز على التهدئة الفورية ووقف إطلاق النار.

- المبادرة الأميركية الجديدة: تقود إدارة بايدن مبادرة لوقف إطلاق نار مؤقت في لبنان واستئناف مفاوضات تبادل الأسرى في غزة، بهدف منع حرب أوسع وإعادة النازحين.

مصدر مقرّب من نبيه بري: هناك تعويل كبير على نجاح جهود التهدئة

واشنطن ناقشت المبادرة مع فرنسا وإسرائيل ولبنان ودول عربية

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو أعطى الضوء الأخضر لبحث المبادرة الأميركية

قال مصدر مقرّب من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ مساعي جدية تتكثف في هذه الساعات مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل التهدئة وتخفيف التصعيد العسكري بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، كما أن هناك تعويلا كبيرا على نجاحها، خصوصاً في ظلّ التأكيدات الخارجية الدولية بأنها لا تريد الحرب وتنقل تحذيراتها بشأن تداعيات هذا السيناريو الذي تصفه بالكارثي، وتنقل خشيتها من التطورات الأخيرة، وتشديدها على أن تأخر الحلّ يزيد الأمور سوءاً.

وأشار المصدر إلى أن الرئيس بري في حديثه الصحافي تحدث عن أن لبنان "أمام 24 ساعة حاسمة في نجاح هذه المساعي أو فشلها للتوصل إلى حلول سياسية للأزمة"، مؤكداً أن المسعى يراعي عدم الفصل بين ملفي لبنان وغزة، وأنه يرتكز على ما تم التوصل إليه سابقاً مع المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين قبل الحرب في غزة وبعدها.

ولفت المصدر إلى أنّ المساعي المكثفة لا تعني أن نجاحها مرتبط بوقف إطلاق النار بشكل نهائي، فالأساس الآن تخفيف التصعيد، ومحاولة العودة إلى قواعد الاشتباك، وحصر العمليات العسكرية على الشريط الحدودي، مع استكمال المشاورات السياسية للمرحلة المقبلة خصوصاً على صعيد المفاوضات غير المباشرة حول الحدود البرية، وذلك بعد وقف إطلاق النار في غزة.

وشدد المصدر على أنّ المساعي لا تعني أن لبنان تنازل عن أي من حقوقه أو مطالبه، إذ هناك تمسّك بتطبيق كامل للقرارات الدولية على رأسها القرار 1701 على أن يلتزم به الطرفان، إلى جانب وقف جميع الخروقات الإسرائيلية، باعتبار أن العدو هو المعتدي، وتعزيز قدرات الجيش العسكرية وتوسعة انتشاره على الحدود، وهذه نقاط جرى الحديث فيها مع الموفد الرئاسي الأميركي أكثر من مرّة وسمع وجهة النظر اللبنانية بشأنها.

في الإطار، يقول مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "المقاومة اليوم في الميدان، وتخوض العمليات العسكرية، وكلها ثقة بالحراك السياسي الذي يقوم به رئيس البرلمان نبيه بري، وهذا شأن الدولة اللبنانية، لكن موقف حزب الله واضح وبات معروفاً ومحسوماً بأن جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وسبق أن قلنا أيضاً إنه إذا نجحت المفاوضات بشأن هدنة غزة، فإننا سنوقف جبهة الإسناد اللبنانية، وبالتالي، نتمسك بهذا الموقف ولا نزيح عنه".

من جهته، يقول مصدر دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد": "نكثف مساعينا لوقف التصعيد، وتجنب الحرب التي ستطاول المنطقة ككلّ وليس لبنان وإسرائيل فقط، فالوضع ازداد خطورة في الأيام القليلة الماضية، وكل تأخير من شأنه أن يؤدي إلى تفجير الوضع أكثر"، مشيراً إلى أننا "لا نزال نرى أن تفادي الحرب الشاملة يبقى ممكناً رغم كل ما يحصل".

ويشير المصدر إلى أن "هناك نقاطاً طبعاً خلافية لا يمكن حلها الآن وتحتاج إلى وقتٍ، فأميركا تسعى لإيجاد حل طويل الأمد على المستوى الجنوبي، لكن محاولات تجري للتهدئة أولاً ومن ثم قيام مشاورات تؤسس للمرحلة المقبلة، مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة"، مشدداً على أنه "بالتزامن مع هذه المساعي هناك ضرورة لتكثيف الحراك للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهو ما قد ينسحب على جبهة لبنان، ونأمل ذلك طبعاً".

ويتمسّك لبنان بموقفه الرافض للحرب، وتأكيد التزامه القرارات الدولية، والتعاون بين الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) لضمان توافر الشروط اللازمة لتنفيذ القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن، مع ضرورة دعم المؤسسة العسكرية لتعزيز انتشار العناصر على الحدود، كما يشدد على ضرورة وقف إسرائيل اعتداءاتها على السيادة اللبنانية، وخروقاتها البرية والجوية والبحرية، وانسحابها من الأراضي اللبنانية التي تحتلها.

وسبق أن وضعت الحكومة اللبنانية ورقة مقترحات لتحقيق خفض التصعيد بعد حادثة "مجدل شمس" واغتيال الاحتلال الإسرائيلي للقيادي في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، قسمت إلى ثلاث نقاط، المنظور القريب، الأمد المتوسط وسبل المضي قدماً.

وقد تكون تبعاً لذلك المساعي الحالية في إطار خفض التصعيد الفوري ووقف الأعمال الاستفزازية من أجل تخفيف المخاطر وحماية المدنيين إلى أن يتم التنفيذ الكامل والمتكافئ للقرار 1701، الذي بحسب الحكومة اللبنانية يمثل حجر الزاوية لضمان الاستقرار والأمن في الجنوب اللبناني.

في المقابل، تُعد أبرز "الشروط الإسرائيلية" التي تُنقل عبر الوسيط الأميركي وتلاقي رفض حزب الله القاطع، تلك المرتبطة بإبعاد عناصره عن الحدود، وهم بالدرجة الأولى "قوة الرضوان"، التي تعد من قوات النخبة لدى المقاومة، وتعمد إسرائيل منذ بدء الحرب إلى اغتيال أبرز قادتها، وقد استشهد العديد منهم ولا سيما في الأيام الماضية.

وينقل حزب الله عبر أوساطه أنه منفتح على الجهود الدبلوماسية خصوصاً أنه غير راغب بالحرب، ويولي مهمة التفاوض الرسمي مع الأميركيين والعاملين على خطّ التهدئة، إلى الرئيس بري، حليفه السياسي، والعسكري أيضاً في الميدان بعد مشاركة حركة أمل أكثر من مرة في المعارك، وسقوط شهداء لها فيها، لكنه يصرّ في المقابل على شرطه الأساسي بوقف العدوان على غزة قبل أي حديث آخر.

وكان موقع أكسيوس قد كشف أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بدأت العمل على مبادرة دبلوماسية جديدة تهدف لوقف إطلاق نار "مؤقت" على جبهة لبنان، واستئناف المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى في قطاع غزّة، في وقت صعّد فيه حزب الله عمليات القصف الصاروخي ردّاً على المجازر المرتكبة بحق المدنيين، مستهدفاً تل أبيب للمرّة الأولى بصاروخ باليستي قصير المدى.

ونقل الموقع الأميركي عن مسؤولين أميركيين ومسؤول إسرائيلي ومصدرين مطلعين على جهود التوصل لوقف إطلاق النار، قولهم إنّ فكرة المبادرة الأميركية الجديدة جاءت خلال مكالمة هاتفية، يوم الاثنين الماضي، بين مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر. وقال مسؤول أميركي ودبلوماسي أوروبي إنّ الولايات المتحدة ناقشت الفكرة على مدار اليومين الماضيين مع فرنسا وإسرائيل ولبنان وعدّة دول عربية أخرى.

وأكّد مسؤول أميركي آخر: "نحن نعمل مع عدّة دول على اقتراح لحلّ دبلوماسي للشمال"، فيما قال مسؤول إسرائيلي إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين "نتنياهو أعطى الضوء الأخضر لمناقشة هذه المبادرة". وأوضح مصدر مطلع على الخطط أنّ هدف المبادرة الأميركية هو تحقيق وقفة تتيح مساحة للمفاوضات بشأن اتفاق دبلوماسي لمنع حرب أوسع في المنطقة، والسماح للمدنيين النازحين بالعودة إلى منازلهم على جانبي الحدود، وإعادة إحياء جهود التوصل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون فينر في حديثه مع الموقع الأميركي إن إدارة بايدن ترى مساراً لتهدئة الوضع على الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف: "نحن نعمل على ذلك في الوقت الفعلي في نيويورك وفي عواصم العالم". من جانبه، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الأربعاء، أن الساعات الأربعة والعشرين القادمة ستكون "حاسمة" للجهود الدبلوماسية لتجنب المزيد من التصعيد. ولم يرد البيت الأبيض على أسئلة حول المبادرة الجديدة.

ويأتي هذا في وقت يواصل فيه طيران الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثالث على التوالي، حملة القصف الدموية الواسعة على قرى وبلدات جنوب وشرق لبنان مخلفاً مزيداً من الشهداء والجرحى. وطاولت غارة جوية، للمرة الأولى، منطقة السعديات، جنوبي بيروت. 

وهدد قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي اللواء أوري غوردين باجتياح لبنان. وأضاف "دخلنا مرحلة أخرى في الحرب ويجب أن نكون مستعدين جيداً لتوغّل بري". وجاءت أقوال غوردين، بحسب ما أفادت وسائل إعلام عبرية اليوم الأربعاء، خلال زيارته أمس قادة وجنود اللواء 7 في التدريب اللوائي على الحدود الشمالية (حدود لبنان الجنوبية)، للاطلاع على مدى جهوزيتهم وأجرى معهم تقييماً عملياتياً. وشدد غوردين خلال زيارته على أهمية استعداد القوات وجهوزيتها من أجل "تغيير الوضع الأمني وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم".