أعلنت جماعة الحوثيين، الاثنين، أنها باتت تمتلك الامتياز في رسم السياسة واتخاذ القرار السيادي بعيداً عن الهيمنة والتبعية والوصاية الخارجية، وذلك بعد ساعات من صدور بيان سعودي-عُماني، أشار إلى وجود توافق على إيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وفقاً لمرجعيات ترفضها الجماعة.
وذكر وزير الدفاع الحوثي، محمد العاطفي، أن لدى جماعته "قدرات عسكرية جديدة على مختلف المستويات التعبوية والتسليحية"، منحتها الامتياز في رسم السياسة واتخاذ القرار السيادي بعيداً عن الهيمنة، وفقاً لبيان نشرته وكالة "سبأ" في نسختها الخاضعة للحوثيين.
ويُفهم الحديث الحوثي عن خيار القوة وامتلاك القرار السيادي، بأنه رسالة ضمنية للتقارب السعودي-العُماني، والبيان المشترك الذي أكد وجود توافق على حل سياسي بناءً على المرجعيات الثلاث التي ترفضها جماعة الحوثيين، وهي القرار 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وتمتلك سلطنة عمان نفوذاً إقليمياً على جماعة الحوثيين، نظراً للعلاقة الودية التي تجمعهما منذ سنوات، وتستضيف مسقط وفد الجماعة التفاوضي منذ أواخر عام 2018.
ولم تتوقف الرسائل الحوثية عند ذلك، حيث أكد الوزير العاطفي أن قيادة الجماعة الثورية والسياسية والعسكرية "لها اليد الطولى والمقتدرة في إدارة دفة المواجهة، والإمساك بزمام المبادرة، وتوجيه البوصلة في مجمل الاتجاهات التي تصبّ في خدمة شعبنا ومصالحه العليا"، في تلميح ضمني إلى أنه ليس لأي طرف خارجي، ولو كان حليفاً حق اتخاذ أي قرار سياسي بالنيابة عنهم.
#المسيرة_عاجل | اللواء العاطفي: إدارة وخوض المواجهة التاريخية المصيرية لم تعد بأيدي المعتدين وأصبح لقيادتنا الثورية والسياسية والعسكرية اليد الطولى والمقتدرةhttps://t.co/uMQtKOoEqs
— المسيرة - عاجل (@alosbou) July 12, 2021
وفيما أشار إلى أنهم يقفون على أعتاب "مرحلة حاسمة سيمتد أثرها إلى أبعد مما يتصوره المعتدون في حساباتهم الخاطئة"، توعّد الوزير الحوثي، التحالف السعودي الإماراتي "بدفع ثمن باهظ" في حال الاستمرار بالغطرسة على اليمن، ودعاهم إلى "استيعاب ذلك والاستفادة من الدروس السابقة".
وقال إنه لا مفر للتحالف السعودي "إلا القبول بالهزيمة والرحيل من اليمن براً وبحراً وجواً، وفقاً لموجبات الإذعان للإرادة اليمنية التي أكدت أن لا مكان للوجود الأجنبي على تراب الوطن ومياهه الإقليمية".
وسبق لسلطنة عمان أن تدخلت مباشرةً للضغط على الحوثيين من أجل القبول بالمبادرة السعودية المطروحة لإنهاء الأزمة، وأرسلت وفداً رفيعاً إلى صنعاء، لكنها لم تحقق أي تقدم جوهري، جراء التمسك الحوثي بفصل الملف الإنساني عن العسكري والسياسي.
ولا يُعرف ما هي مستجدات الوساطة العمانية التي تعوّل عليها السعودية والولايات المتحدة بدرجة رئيسة لإحداث الفارق، ومن المتوقع أن تتضح الصورة بشكل أكبر حال تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث الذي انتهت ولايته أواخر يونيو/ حزيران الماضي.
وتراجعت الهجمات الحوثية بنحو لافت غربيّ مأرب. وفي وقت سابق من مساء الاثنين، أحصت قناة "المسيرة" الناطقة بلسان الحوثيين سبع غارات جوية فقط على مديريتي صرواح ومدغل، في معدل يومي منخفض يشير إلى تراجع الهجوم البري على معاقل القوات الحكومية.
الانفصاليون يدافعون عن تصعيدهم
وفي سياق آخر، انتقد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، الاثنين، التصريحات الدولية الأخيرة التي نددت بالتصعيد في مدن جنوبيّ اليمن، واعتبر الخطوات التي قام بها في محافظتي شبوة وحضرموت بأنها تندرج ضمن "حرية التعبير"، فيما عادت جماعة الحوثيين للتلويح بخيار القوة العسكرية.
وهذا أول تعليق للانفصاليين جنوبيّ اليمن، على الدعوات التي أطلقها عدد من الدول، وعلى رأسها واشنطن، أواخر الأسبوع الماضي، والتي نددت بـ"الخطاب التصعيدي والإجراءات الاستفزازية في المحافظات الجنوبية"، ولوّحت بفرض عقوبات دولية على من يقوضون أمن اليمن واستقراره ووحدته.
وقال المجلس الانتقالي، في اجتماع لهيئة رئاسته، إن ما شهده الجنوب خلال الأيام الماضية "يندرج ضمن حرية التعبير للمواطنين من أجل الدفاع عن مصالحهم ومستقبلهم السياسي الذي تقرّه التشريعات الدولية، وللمطالبة بتنفيذ اتفاق الرياض، وليس فيه ما يشير إلى استفزاز أحد".
هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي تعقد اجتماعها الدوري برئاسة الرئيس الزُبيديhttps://t.co/kW2ACXiJl2 pic.twitter.com/0uOgpNVZOc
— المجلس الانتقالي الجنوبي (@STCSouthArabia) July 12, 2021
وأعرب المجلس الانتقالي عن أسفه للتصريحات الخارجية، لافتاً إلى أنها "حمّلت الأمور أكثر مما تتحمل، وأوصلت رسائل خاطئة إلى بقية الأطراف لاستغلالها ضد الحقوق الديمقراطية والحريات التي تنادي بها كل شعوب العالم المتحضر".
وهذا أول صدام بين المجتمع الدولي والمجلس الانتقالي الطامح إلى فرض أمر واقع جنوبيّ اليمن، وذلك بالسيطرة على الأرض، بما يؤدي إلى إعادة انفصال جنوب اليمن عن شماله، كما كان قبل تحقيق الوحدة عام 1990.
وكان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً قد توعد أواخر الأسبوع الماضي، بتحرير محافظة شبوة النفطية الخاضعة للحكومة الشرعية مما يصفها بـ"القوات الغازية" التي يقول إنها تنحدر من محافظات شمالية.