زيارة بلينكن الـ11 للمنطقة... اقتضتها الانتخابات لفرملة إسرائيل لا لردعها

22 أكتوبر 2024
بلينكن يصعد على متن الطائرة متوجهاً إلى المنطقة، 21 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة في المنطقة تشمل إسرائيل، وسط تعثر المحادثات مع لبنان وتصاعد التوترات في غزة وإيران، في وقت حساس يسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية.

- تتفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة مع عرقلة إسرائيل لوصول المساعدات، مما يهدد بفقدان دعم الناخبين العرب في الولايات المتحدة، وتضغط واشنطن على إسرائيل لتسهيل الأمور.

- تزايدت التكهنات حول الرد الإسرائيلي على إيران، مع توافق على تأجيله لما بعد الانتخابات الأميركية، وسط ضعف الثقة بين الإدارة الأميركية ونتنياهو.

توجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة في جولة تبدأ اليوم الثلاثاء في إسرائيل على أن ينتقل بعدها إلى عواصم أخرى يجري تحديدها لاحقا، كما قالت وزارة الخارجية الأميركية. يُذكر أن زيارته الـ11، منذ اندلاع حرب غزة، كانت معلقة ولم تعلن رسميا إلا صباح أمس الاثنين. وربما تقررت في ضوء تعثر محادثات الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين، الذي ذهب إلى بيروت على ما بدا "لتقريش" العمليات العسكرية الإسرائيلية بشروط تعجيزية وضعتها حكومة نتنياهو.

هذا التعجيز معطوفاً على تجدد حرب الإبادة على غزة واقتراب الرد الكاسر على إيران، أوحى باعتزام إسرائيل رفع وتيرة التشدد والتصعيد على كافة الجبهات في الأيام القليلة القادمة، وهي فترة حساسة تسبق انتخابات الرئاسة التي باتت على بعد أسبوعين فقط. وتتغاضى الإدارة، بل توفر الغطاء لحرب إسرائيل على لبنان، لكنها تخشى تبعات التصعيد المتزايد في غزة واحتمالات التفجير مع ايران قبيل الاستحقاق الرئاسي، لما قد يكون لهما من انعكاسات سلبية على وضع كامالا هاريس الدقيق في أواخر أيام المعركة. وليس سراً أن البيت الأبيض والديمقراطيين عموماً، يشككون منذ فترة بنوايا نتنياهو للتسبب بمثل هذه الانعكاسات إذا أمكنه ذلك، والإشارات التي توالت في المدة الأخيرة تعزز هذه الشكوك.

وفي غزة، تعمّدت إسرائيل أخيرا مفاقمة حرب التجويع وحصد المدنيين، وعادت الصورة إلى دائرة الضوء والتداول كما كانت في الأشهر الماضية. وسارعت الإدارة إلى الاستدراك عبرالتهويل بخطوات عملية إذا واصلت إسرائيل عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلّا بالقطّارة. وتعمّدت الإدارة التحذير بصوت عالٍ ليسمع الناخب، خاصة العربي في ولاية ميشيغن التي ما زالت تهدد بالإفلات من الديمقراطيين إذا قاطعت الأصوات العربية الانتخابات، ثم سارعت في اليوم التالي لتبشر بانفراج الوضع "وتزايد دخول الشاحنات" إلى القطاع، لكن واشنطن تعرف بأنه انفراج نسبي ومؤقت، فهي لطالما تعاملت مع هذا الموضوع بالترقيع والتوسل للحكومة الإسرائيلية كي تسمح بمرور المساعدات التي ما زالت تحت رحمة هذه الأخيرة.

أما بخصوص الرد الإسرائيلي المرتقب على إيران، فقد كثرت التكهنات في المدة الأخيرة حول اقتراب موعده، لكن أجواء الارتياح التي سادت بعد حديث الرئيس بايدن الأخير قبل أكثر من أسبوع مع نتنياهو، رجحت استجابة نتنياهو لمطلب واشنطن بتأجيل هذا الرد إلى ما بعد الانتخابات. وتعزز الاعتقاد بمسارعة الإدارة إلى تزويد إسرائيل بمنظومة "ثاد" المضادة للصواريخ الباليستية المحصور استعمالها بالقوات الأميركية فقط، لكن واشنطن تعرف من السوابق أن استجابات نتنياهو غير مضمونة وبقيت استخباراتها ترصد التحركات والاستعدادات الإسرائيلية لهذا الرد لتتأكد من توقيته.

وقبل يومين، تسرّبت سيرة هذا الرصد إلى موقع يقال إنه مقرب من إيران وسرعان ما احتل العناوين نظرا لحساسيته، ودارت حوله أسئلة كثيرة لم تلق الإجابة لا من البنتاغون ولا من جانب وكالة الاستخبارات الوطنية (التي تضم 16 وكالة استخباراتية أميركية). التسريب، بحد ذاته، كشف عن ثغرة استخباراتية خطيرة، كما كشف عن ضعف الثقة بين الإدارة ونتنياهو وبما قد يحمل هذا الأخير على التصرف في قضية الرد بمعزل عن واشنطن ومن دون مجازفة لكونه على يقين بأن هذه الأخيرة لن تترك إسرائيل وحدها في حرب مع ايران إذا احتاجت إليها. زيارة بلينكن لا بد أن تتناول ما انكشف عن الرصد والتسريب، للاحتواء كما لفرملة نتنياهو في إيران كما في غزة. اللحظة الأميركية تتطلب ذلك، لكن مشكلة الإدارة أن نتنياهو قد لا يراعي متطلبات هذه اللحظة، بل ليس من المستبعد أن يعمل في الاتجاه المعاكس لها.

وفشل الوزير بلينكن عشر مرات في احتواء معاكسات وتحليلات نتنياهو، رغم التحذيرات من مواصلة التهاون مع رئيس الحكومة "المفرط" في الثقة باقتداره، حسب السفير السابق راين كروكر، والإفراط كما يقول، لم يقو على حسم النزاع في حرب 1982 لأن "هزيمة الخصم لا تتحقق إلا إذا شعر هذا الأخير بالهزيمة" وتقبّلها. ومثل هذا القبول لم يحصل بعد، أي من الحروب السابقة، والخشية الأخرى التي تتكرر الإشارة إليها هي أن نتنياهو المندفع في الخيار العسكري من دون امتلاكه مخرجاً سياسياً، محكوم اندفاعه بالوصول إلى مأزق، لكنه في الوقت الحاضر يمسك بزمام المبادرة وبتفويض من الإدراة التي تحاول الآن فرملة انفلاته.

المساهمون