عاد المعتصمون في محافظة السويداء جنوبي سورية، اليوم الثلاثاء، لتجديد وقفتهم في ساحة الكرامة للأسبوع التاسع على التوالي، بعد أن أجّلوا وقفتهم، التي كانت مقررة، أمس الاثنين، منعاً للاحتكاك مع مسيرة داعمة للنظام السوري نُظمت في المكان نفسه، بناءً على دعوة من فرع حزب البعث للمطالبة برفع العقوبات عن سورية.
وحمل المشاركون في الاعتصام لافتات طالبوا فيها مجدداً بتنفيذ القرار الدولي 2254، وإطلاق سراح المعتقلين، وعدم تمرير البيان 66 مرة أخرى، وهو البيان الذي أعلن سقوط القنيطرة والجولان السوري بيد الاحتلال الإسرائيلي، وهزيمة الجيش السوري في حرب السادس من حزيران 1967، ويحمل توقيع وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد. ويعتبر عدد من السوريين أن الأسد تخلى عن الجولان لضمان حكمه. وحذر المعتصمون رأس النظام بشار الأسد من تكرار ذلك و"بيع إدلب".
وألقى الناشط المدني، يوسف قطيش، كلمة في نهاية الاعتصام قال فيها: "لا فرق لدينا بين من يموت على يد القدر أو على يد الاستبداد، فالموت هو الموت، سواء سُرق الرغيف، أو سُرقت المعونة الإنسانية، أو سرقت الحرية، أو التأخر عن نجدة منكوب، كله واحد".
أهالي السويداء يجددون وقفتهم الأسبوعية للمطالبة بالاصلاح السياسي والاقتصادي والإفراج عن المعتقلين pic.twitter.com/ZJYs9t70ac
— موقع 18 آذار (@march18sy) February 21, 2023
وأضاف قطيش: "نحن طلاب حرية وكرامة، طلاب عدالة وديمقراطية، نرفض الاستبداد وتبعاته البغيضة، نرفض وجود كل الغزاة على أرض الوطن، ولا فرق بين من أتى طوعاً ومن استدعيَ".
وقال الناشط المدني، عماد العشعوش، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث ويحدث بسورية يؤكد لنا أن الشعب السوري يقف وحيداً في وجه الطغاة، فكل ما نراه اليوم من هرولة لإعادة العلاقات مع النظام السوري وإعادة تعويمه عربياً وعالمياً يؤكد حقيقة المؤامرة "الكونية" على الشعب السوري. ويبدو أننا شعب منسي حتى في النكبات الطبيعية".
من جهتها، قالت الناشطة المدنية، أمل أبو عساف، لـ"العربي الجديد": "لقد تعرّت السلطات تماماً أمامنا، نحن السوريين، معارضين وموالين. وبدأنا نسمع أصوات رفض واستنكار لهذه السلطات حتى في أكثر الأماكن التي صُنفت بأنها حاضنة شعبية لها". وأضافت أبو عساف: "إن هذه النكبة الطبيعية التي تعرض لها الشعب السوري بينت مدى هشاشة هذه السلطات واستكلابها على استغلال هذا الظرف حتى في سرقة المساعدات الإنسانية".
وفيما كان معظم السوريين يهزؤون من وعود النظام بتأمين سكن بديل وتعويض المتضررين، أعلن أحد البنوك السورية طرح قرض بقيمة 15 مليون ليرة سورية للمتضررين من الزلزال، كما أعلن رئيس دائرة الدفن في حلب، أمس الاثنين، أن دفن ضحايا الزلزال مجاني دون أي مقابل. وقال الناشط المدني، وسام حسان، لـ"العربي الجديد" تعليقاً على ذلك: "القروض بفوائد للمواطنين والمساعدات للدولة، وجُلّ ما تقدمه الدولة لنا هو دفن مجاني وما علينا سوى أن نموت".
وكانت لجنة الحراك السلمي قد وزعت كلمة، حصل عليها "العربي الجديد"، جاء فيها: "أيها السوريون، سلاماً ورحمةً وسكينةً على من فقدناه من أهلٍ وأحبّةٍ، ومن أخرجته أصناف الكوارث من بيتٍ إلى خيمةٍ، ومن سجنٍ إلى منفى. لم تبرد قلوبنا بعد ولن تبرد في القريب، ولم يخف حِملُنا ولم ينقطع نزف الوريد".
وتابع البيان: "ملعونٌ ومُدانٌ من يفكر أو يسعى لرهن وطنه لأجل مصلحته الشخصية، أو يستقدم عدواً ليحتل وطنه، أو يوزع الوطنيات والهوية والانتماء على من يتبعه فقط. ملعونٌ ومدانٌ من يستعرض بطولاتٍ لاستعادة أرض باعها من قبل ثم يبيع أكثر منها الآن. الأرض السورية التي عاش عليها أجدادنا السوريون من قبل ستظل سورية رغماً عن الجميع".
وأكد البيان على وحدة سورية والسوريين: "كل مدننا في قلوبنا إلا من لا ينتمي لنا، هذا يبيع ويتنازل ويستثني ويسرق ويخون. أيها المعتصمون على أرض السويداء جباهكم جباه كل حر في سورية، صوتكم هو صوتهم، ومستقبلنا جميعاً واحد. كل حاجزٍ بين اثنين منا جريمة بحق الوطن، وكل خطاب أو مشروع يفرق بيننا خيانة في حق الجميع".
وفي شأن آخر، شهدت مدينة السويداء جريمة قتل مروعة ليل الأحد الماضي، راح ضحيتها الفتى تيم الأعور، عقب طعنه بآلة حادة من قبل شاب حاول سرقة دراجته النارية عند مكان لبيع البنزين يعود للقاتل نفسه، ووصل الضحية إلى مستشفى السويداء العام مفارقاً الحياة.
وبحسب رواية أحد الشهود لـ"العربي الجديد"، فإن القاتل لا يزيد عمره عن عشرين عاماً، وبسبب الجريمة، التي كان سببها الفوضى وانتشار المخدرات والفساد في توزيع المحروقات؛ عادت لهجة الثأر من جديد، واستنفرت عائلات الضحية والقاتل، ولم تفلح الوساطات لاحتواء الحادثة الخطيرة بسبب تعنّت أهل القاتل وعدم تسليمه للقضاء.
ورصد "العربي الجديد" ابتعاد الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري عن أي دور في هذه الحادثة لمنع تفاقمها، حيث اتهم أهل الضحية هذه الأجهزة بالتخاذل والتسويف.