طلب لبناني من الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود... والاستشارات النيابية الأسبوع القادم
قال الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، إن لبنان سيطلب من الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع الاحتلال الإسرائيلي آموس هوكشتاين "استئناف مساعيه لإعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة، التي يريد لبنان من خلالها أن يتمكن من استثمار ثروته النفطية والغازية في المياه اللبنانية، وأن يحافظ على الاستقرار والأمن في المنطقة الحدودية".
الرئيس عون : سنطلب من هوكشتاين استئناف مساعيه لاعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة خصوصا ان لبنان يريد من خلال هذه المفاوضات ان يتمكن من استثمار ثروته النفطية والغازية في المياه اللبنانية، وان يحافظ على الاستقرار والأمن في المنطقة الحدودية
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) June 9, 2022
وأكد عون أن "معالجة ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، تنطلق من المحافظة على مصلحة لبنان، وعلى حقوقه في مياهه وأرضه، وأن هذا الملف الذي يندرج في إطار المفاوضات الدولية هو من صلب مسؤوليات رئيس الجمهورية".
رئيس الجمهورية مستقبلاً سفراء دول الشمال (الدانمارك، النروج، فنلندا والسويد): ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية هو من صلب مسؤوليات رئيس الجمهورية، ومعالجة الملف تنطلق من المحافظة على مصلحة لبنان وعلى حقوقه في مياهه وأرضه pic.twitter.com/cpp8UKpa9h
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) June 9, 2022
وشدد الرئيس اللبناني خلال استقباله اليوم وفداً من سفراء دول الشمال، الدنمارك، فنلندا، والسويد على أنه "سوف يواصل جهوده للوصول إلى نتائج إيجابية في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ولا سيما مع مجيء الوسيط الأميركي إلى بيروت بداية الأسبوع المقبل".
وتتركز الأنظار في الأيام المقبلة على الزيارة التي يقوم بها الوسيط الأميركي إلى بيروت، وذلك تلبيةً لدعوة وجّهها إليه المسؤولون اللبنانيون للحضور، وبحث مسألة استكمال المفاوضات، والعمل على إنهائها بأسرع وقتٍ ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد، في ظل رسائل متبادلة بين الجانبين الإسرائيلي و"حزب الله" بالمواجهة العسكرية.
وتأتي الدعوة اللبنانية غداة إعلان شركة "إينرجيان باور" اليونانية البريطانية وصول سفينة وحدة إنتاج وتخزين الغاز الطبيعي إلى حقل كاريش النفطي في بحر فلسطين المحتلة، وإعلانها العزم على بدء تشغيلها في الأشهر المقبلة، الأمر الذي أثار تنديداً كبيراً من الجانب اللبناني الذي يعتبر أن حقل كاريش يقع ضمن منطقة متنازع عليها.
ويبقى لبنان في ظل غياب التوافق الداخلي حول موقف واحد في الملف عامة، وسط صراع خرج إلى العلن حول الخط التفاوضي، وأحدث شرخاً كبيراً طاول رئيس الوفد التقني العسكري اللبناني المفاوض العميد المتقاعد بسام ياسين، الذي خرج عن صمته متهماً المسؤولين اللبنانيين بارتكاب خيانة وطنية، ومنحهم هدية مجانية للاحتلال بتخليهم عن جزء كبير من حدود لبنان البحرية الطبيعية والقانونية.
في السياق، يسود الترقب كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله مساء اليوم الخميس، والتي يتطرق خلالها إلى التطورات السياسية، والتي قد يشمل بها ملف ترسيم الحدود، خصوصاً بعد تلويح نائبه نعيم قاسم باستخدام القوة ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية عن الغاز، في حال أعلنت الدولة اللبنانية أن هناك انتهاكاً اسرائيلياً، مع الإشارة إلى أنه قام بتكليف النائب السابق نواف الموسوي بملف الترسيم والتنسيق مع القوى السياسية في لبنان بشأنه.
ويجتمع الرئيس عون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قبل نهاية الأسبوع لبحث الخطوات الواجب اتخاذها، وذلك قبيل زيارة الوسيط الأميركي، وكان لافتاً قول ميقاتي أمس الأربعاء إن "الخط 29 هو أصلاً خط تفاوضي، وأنا شخصياً لست على استعداد للقيام بأي عمل ارتجالي يعرّض لبنان للمخاطر"، مشيراً إلى أن "هذا الموضوع يُحلّ بدبلوماسية عالية ورويّة".
كذلك، كان لافتاً تصريح نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب (ينتمي إلى تكتل لبنان القوي برئاسة النائب جبران باسيل) أمس، بأن الفريق التقني العسكري اللبناني طرح أمام الرؤساء الثلاثة خطاً مختلفاً عن الخط 29، وبعض المسؤولين السابقين عن الملف تحدثوا بشيء أمام المفاوض الأميركي وبشيء آخر في الإعلان، ناصحاً من لم يعد في موقعه، بالتوقف عن الكلام، وذلك في إشارة إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها العميد ياسين، مع الإشارة إلى أن بو صعب يلعب دوراً كبيراً في الملف والتفاوض مع الوسيط الأميركي ممثلاً الرئيس عون.
وانطلقت المفاوضات التقنية غير المباشرة بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020، وعُقدت 5 جولات آخرها في مايو/أيار 2021، قبل أن تتوقف نتيجة خلاف حول الخطوط ومساحة المنطقة المتنازع عليها.
واستعيض خلال هذه الفترة عن المفاوضات بلقاءاتٍ جانبية بين الوسيط الأميركي وكلّ من لبنان والاحتلال الإسرائيلي، وقد حمل هوكشتاين الذي يُعدّ من كبار مستشاري وزارة الخارجية الأميركية لأمن الطاقة، حامل الجنسية الإسرائيلية، في فبراير/شباط الماضي، مقترحات إلى الطرفَيْن اعتُبرت منحازة للإسرائيليين، منها إقامة حقول مشتركة، والتفاوض ضمن مساحة 860 كيلومتراً مربعاً حصراً، التي يتمسك بها الاحتلال، ما يعني تخلي لبنان عن الخط 29.
ولم يكن الردّ اللبناني على المقترحات واضحاً، لكن تصريحاً صحافياً أعقب زيارة الوسيط الأميركي، أدلى به الرئيس اللبناني اعتُبر صادماً ومفاجئاً، ووُضع في خانة الخيانة الوطنية والتنازل عن الثروة الوطنية، أعلن فيه أن النقطة 23 هي حدود البلاد البحرية، رافضاً حتى الساعة توقيع تعديل المرسوم رقم 6433 الذي اقترحه الجيش اللبناني، ويعتمد الخط 29، ويصحّح حدود لبنان، ما يمنحه حكماً مساحة إضافية، وتالياً يزيد من ثروته الوطنية النفطية.
وقد اتُّهم عون بأنه يعمل على صفقة مع الأميركيين لرفع العقوبات عن صهره باسيل من بوابة الحدود البحرية، وهو ما يواصل نفيه.
حكومياً، قال عون إن "المسار الديمقراطي سوف يستمر في الأيام المقبلة من خلال الاستشارات النيابية لتكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة، التي يفترض أن تنال ثقة مجلس النواب وتباشر العمل في معالجة القضايا الملحة، ولا سيما الوضع الاقتصادي وخطة التعافي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يتوقع ان تؤمن للبنان قروضاُ تساعده على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها".
الرئيس عون: الاستشارات النيابية في الأيام المقبلة وعلى الحكومة الجديدة معالجة الأوضاع الاقتصادية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) June 9, 2022
وتنتظر الساحة اللبنانية بعد إتمام انتخابات اللجان النيابية أعضاءً ورؤساء ومقررين يوم غد الجمعة، أن يدعو عون الأسبوع المقبل لاستشارات نيابية غير ملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، وسط أجواء تفيد بعودة ميقاتي ليكمل الملفات التي بدأتها حكومته، خصوصاً على صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبحكومة تضم بعض الوجوه الحالية مع بعض التغييرات في أسماء عددٍ من الوزراء، بيد أن الأمور لم تُحسم بعد، مع رفع ميقاتي شروطه وسط صراع على وزارات أساسية، منها الطاقة التي يتمسّك بها باسيل. ومن هنا، لم يحدّد عون يوماً للاستشارات، لحين التوصل إلى اتفاق مسبق كما تجري العادة.