بالتوازي مع أحداث طرابلس، شمال لبنان، والتحركات التي تشهدها مناطق لبنانية عدّة، اليوم الجمعة، في إطار رفض تمديد حالة التعبئة العامة واحتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، تندلع جولة جديدة من المواجهات على السّاحة السياسية بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، تخلّلتها اشتباكات كلامية عبر بيانات إعلامية متبادلة تحمل في سطورها اتهامات بالتعطيل وأخذ البلاد إلى المجهول، وتؤكد في جوهرها أنه لا اعتذار ولا تنازل ولا حكومة في المدى القريب.
البداية كانت مع الرئيس عون في حديثٍ نقلته جريدة "الأخبار" اللبنانية عن لسانه، في عددها الصادر اليوم الجمعة، قطع خلاله رئيس الجمهورية الطريق أمام الصيغة التي يتّبعها الحريري في تشكيل "حكومة غير متوازنة والتفرّد في عملية التأليف". وعاد عون خطوة إلى الوراء ليتمسّك من جديد بحجم الحكومة الذي يراه مناسباً، بقوله، "سايرناه بحكومة من 18 وزيراً يبدو أنه لا يراها كما يريدها هو. لن نتحدث من الآن فصاعداً إلّا بحكومة من 20 وزيراً"، مشدداً على أنه "عندما يفكر الحريري بصيغة جديدة أبواب قصر بعبدا الجمهوري مفتوحة له"، علماً أنّ اللقاء الأخير حصل بتاريخ 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
سريعاً، أتى الردّ من جانب الحريري، في بيان رفع فيه سقف التحدّي، وحسمه من جانبه بتأكيده، أنه "بالمختصر المفيد، لن تكون هناك حكومة إلّا من 18 وزيراً ونقطة على السطر"، مفنداً النقاط التي تطرّق إليها عون، والتي تحمل في طياتها تكراراً للمواقف نفسها حول الصلاحيات الدستورية وما دار في اللقاءات الـ14 بين الرئيسين، ليعود المكتب الإعلامي للرئيس عون ويردّ على الحريري مستخدماً العبارة نفسها التي اختارها، "بالمختصر المفيد، لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته"، في رسالة مبطّنة تضعها أوساط "تيار المستقبل" في إطار التهديد بأن لا حكومة إلّا وفق شروط عون وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.
بيان صادر عن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري بشأن الكلام المنسوب الى الرئيس ميشال عون pic.twitter.com/LKOoieAfp8
— Saad Hariri (@saadhariri) January 29, 2021
مكتب الاعلام في الرئاسة: البيان الصادر عن مكتب الاعلام للرئيس المكلف احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها. وحرصاً على عدم الدخول في سجال، ان الرئيس المكلف من خلال رده مصمم على التفرد بتشكيل الحكومة رافضا الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية التي تجسد الشراكة في تأليف الحكومة
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) January 29, 2021
وتقول أوساط "تيار المستقبل"، لـ"العربي الجديد"، إنّ الرئيس عون يفسّر الدستور على طريقته ويضع المعايير التي تصبّ في صالحه ولو كانت في غير مكانها القانوني، وهو نهج دائماً ما يعتمده في أي استحقاق وسبق أن حصل في أكثر من تعطيل تحمّل مسؤوليته وحزبه التيار الوطني الحرّ برئيسه جبران باسيل.
بدورها، تكتفي دوائر قصر بعبدا بالتعليق لـ"العربي الجديد" بأنّ كلام الرئيس عون واضح وصريح، ويستند فيه إلى الدستور ومواده، التي تمنحه دوراً اساسياً في عملية تأليف الحكومة، ورئيس الجمهورية لا يسعى إلى تعطيل البلد أو يهدد بأن لا حكومة إلّا وفق شروطه، بل يرفض تفرّد الحريري وكأن الرئيس عون مجرّد موقّع على التشكيلة لا رأي له أو مشاركة، في مسّ مباشر بموقع رئاسة الجمهورية.
وفي وقتٍ تندلع فيه الاشتباكات على خطّ قصر بعبدا الجمهوري وبيت الوسط مقرّ إقامة الحريري، تعلو في الشارع اللبناني صرخات مواطنين باتوا أمام واقع يزداد فقراً وبطالةً، لا سيما في طرابلس، التي لا يزال المسؤولون يرون فيها أنها مؤامرة سياسية كبيرة، ويلعبون على وتر السيناريوهات الأمنية "الإرهابية".
ولليلة الخامسة على التوالي، وبعد جولات من الاشتباكات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية والعسكريين سقط فيها قتيل وأكثر من 300 جريح، وكان أعنفها مساء أمس الخميس، توافد المعتصمون اليوم إلى ساحة النور في ظلّ إجراءات أمنية وعسكرية مشدّدة، وتسيير للدوريات والآليات العسكرية، وتوجه بعضهم إلى مدخل سرايا طرابلس حيث "مركز المواجهات" وقاموا برمي الحجارة على القوى الأمنية، التي ردّت بدورها بإلقاء القنابل المسيلة للدموع لإبعاد المحتجين.
وتضامنت مجموعات مدنية في بيروت والبقاع والجنوب مع المتظاهرين في طرابلس، وكان هناك تنديد بما يتعرّض له أبناء عاصمة الشمال "عروس الثورة"، ودعوات إلى إسقاط الطبقة الحاكمة، وإلى تحركاتٍ في الساحات وأمام عددٍ من الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة، والمصارف، تشمل أيضاً يومي السبت والأحد.
في الإطار، أعلنت قيادة الجيش اللبناني، في بيان اليوم، عن توقيف خمسة أشخاص على خلفية الأحداث التي شهدتها طرابلس أمس الخميس، وحذّرت المخلّين بالأمن أنه ستتم ملاحقتهم وتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص.
بتاريخ ٢٠٢١/١/٢٨، أوقفت دورية من الجيش ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا يتواجدون داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يُشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية المذكور ما أدّى إلى احتراقه.#الجيش_اللبناني #LebaneseArmyhttps://t.co/qg2hV1nhof
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) January 29, 2021