دانت فصائل فلسطينية، اليوم الأربعاء، بشدة اللقاء الذي جمع الليلة الماضية رئيس السلطة محمود عباس بوزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس في منزل الأخير بالقرب من تل أبيب، واعتبرت أنّ اللقاء يخدم "العدو الصهيوني"، لا سيما أنه يأتي في إطار استفزاز الشعب الفلسطيني في ظل الهجمة الاستيطانية ضد الفلسطينيين.
"حماس": اللقاء لا يخدم إلاّ "العدو"
واستنكرت حركة "حماس" اللقاء الذي تمّ بين عباس وغانتس"، والذي يأتي في ذكرى العدوان الذي تعرّض له قطاع غزّة عام 2008، واعتبرت هذا اللقاء "الحميمي" وتبادل الهدايا الذي تمّ "بين زمرة التنسيق الأمني وبين جيش العدو، يكشف مجدّداً الانحدار الكبير الذي وصلت إليه هذه السلطة ورئاستها؛ من التعاون مع العدو، وملاحقة المقاومين والأحرار من أبناء شعبنا".
وحذّرت "حماس" في تصريح نشر على موقعها الإلكتروني مما سمته "الانزلاق الخطير في مراعاة مصالح العدو واحتياجاته مقابل محافظة الاحتلال على بقاء سلطة التنسيق الأمني، كياناً وظيفياً بلا أيّ مضمون".
ودانت حماس مثل هذه اللقاءات التي لا تخدم إلاّ "العدو"، مشددةً على أنه كان على رئيس "سلطة أوسلو" أن ينحاز إلى شعبه، ويلتقي بالكل الوطني، لاتخاذ الخطوات العملية التي تضمن تعزيز عوامل قوَّة شعبنا، والاستناد إليها للخلاص من الاحتلال.
واتهمت "حماس" من سمتها "القيادة المتنفذة في سلطة أوسلو" بأنها لم تعد تهتم أو تراعي أحوال شعبنا الفلسطيني ومصالحه وحقوقه، بل تمعن في إدارة ظهرها لكلّ القضايا الوطنية التي تخدم الشعب وتطلعاته في الوحدة والتحرير والعودة.
واعتبرت اللقاء "استفزازاً لجماهير شعبنا الفلسطيني الذين يتعرّضون يومياً لحصار ظالم في قطاع غزّة، وتصعيداً عدوانياً يستهدف أرضهم وحقوقهم الوطنية ومقدساتهم في الضفة الغربية المحتلة والقدس، واستهتاراً بمعاناة الأسيرات والأسرى في سجون العدو الذين تُمارس ضدّهم أبشع أنواع الانتهاكات".
الجهاد الإسلامي: لقاء "التنسيق الأمني" يُكرّس الدور الوظيفي للسلطة
وفي السياق ذاته، دانت حركة الجهاد الإسلامي بشدة ما سمته "لقاء التنسيق الأمني" الذي عُقد الليلة الماضية في المنزل الذي يحتله غانتس داخل فلسطين المحتلة، بحضور رئيس السلطة واثنين من قادة التنسيق الأمني.
وقالت الجهاد في بيان، إنّ هذا اللقاء "جاء تكريساً للدور الوظيفي للسلطة التي تبحث عن حلول للخروج من أزماتها وعجزها وفشلها، على حساب مصالح شعبنا وحقوقه وقضيته الوطنية"، مشيرةً إلى أنّ اللقاء "جاء بهذا المستوى في الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا لواحدة من أشد الهجمات الإرهابية التي يقودها اليمين المتطرف وينفذها جيش الاحتلال الذي يتلقى التعليمات من غانتس".
ونبهت الجهاد الإسلامي إلى أنّ "رئيس السلطة ومعاونيه لم يلتفتوا إلى الدعوات الوطنية بتشكيل قيادة موحدة للتصدي للاستيطان والإرهاب والتهويد، وراحوا يسعون للقاء قادة العدو والتودد لهم وتبادل الهدايا معهم والاتفاق على تعزيز التنسيق الأمني مقابل حفنة من الرشاوى المغلفة بالعبارات التضليلية وتسويق الأوهام".
واعتبرت كذلك اللقاء "انحرافاً خطيراً عن الإجماع الوطني وتجاوزاً لإرادة الجماهير المنتفضة في وجه الاٍرهاب اليهودي والاستيطاني الذي لم يُبق منطقة في الضفة والقدس إلا وجعلها هدفاً لمشاريع الضم الاستعماري"، موضحة أنّ "اللقاء محاولة في سياق مؤامرة خطيرة لا تختلف كثيراً عن صفقة القرن التي واجهها شعبنا وأسقطها بوحدته وثباته".
ودعت حركة الجهاد لموقف وطني لحماية الإجماع الرافض للتنسيق الأمني وعودة المفاوضات بأي شكل وتحت أي مبرر، والحفاظ على وصايا الشهداء والإرث التاريخي المقاوم ومشروع التحرير الوطني الذي يخوضه شعبنا.
الجبهة الشعبيّة: لقاء عباس مع غانتس إمعان في الرهان على السراب
بدورها، اعتبرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، اللقاء في ظل الهجمة المسعورة من قِبل الاحتلال ومستوطنيه على مدن وبلدات وقرى الضفة وشعبنا فيها "إمعاناً في الوهم والرهان على السراب وتنكّرًا لدماء الشهداء وعذابات الأسرى وكل ضحايا الكيان وقواته التي يقودها المجرم الصهيوني غانتس".
وشدّدت الجبهة، في بيان، على أنّ هذا اللقاء المرفوض والمتعاكس مع المواقف والمطالب الوطنية يؤكّد أنّ رأس السلطة لا يزال يراهن على استجداء المفاوضات سبيلاً وحيدًا لحل الصراع "الفلسطيني – الإسرائيلي"، ويستمر في تجاوز القرارات الوطنيّة الصادرة عن المجلسين الوطني والمركزي وعن اجتماع الأمناء العامين بالانفكاك من الاتفاقيات الموقّعة مع الاحتلال ووقف أشكال العلاقة السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة معه.
ودعت الجبهة الشعبيّة إلى ضرورة تكاتف كل الجهود الوطنيّة من أجل وضع حدٍ لهذا الهبوط الذي يضر أولاً بالقضية الفلسطينيّة التي أعادت المقاومة فرضها أمام العالم كقضيّة تحررٍ وطني إبان معركة سيف القدس، التي وحدّت شعبنا وشعوب العالم ووفّرت أوسع حالة تضامن دوليّة مع شعبنا.
ورأت الجبهة أنّ "هذا اللقاء المرفوض والمدان يعطي مساحة أكبر للكيان الصهيوني ومجرميه وعلى رأسهم غانتس للتمادي بارتكاب الجرائم ضد شعبنا وتوسيع الاستيطان على أوسع مساحة من أرضنا بما يعمّق احتلاله".
لجان المقاومة: لقاء عباس مع غانتس جريمة وطنية
وفي السياق، دانت لجان المقاومة الشعبية اللقاء، وعدّته "جريمة وطنية وإهانة لدماء الشهداء وعذابات أسرانا في سجون العدو الصهيوني".
وقالت اللجان في تصريح صحافي إنّ "استمرار رهان قيادة السلطة على المفاوضات والسلام مع العدو الصهيوني الذين يمارس أبشع الجرائم الفاشية بحق كل مكونات الشعب الفلسطيني هو محاولة لبيع الأوهام من جديد لشعبنا الفلسطيني".
ولفتت لجان المقاومة إلى أنّ "سلوك قيادة السلطة بالإصرار على جريمة التنسيق السياسي والأمني مع العدو الصهيوني يشرعن ويشجع التطبيع العربي"، مؤكدةّ أنّ "شعبنا الفلسطيني سيواصل مقاومته وثورته وقي مقدمتها المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني حتى العودة والتحرير وتطهير مقدساته".
تبادل هدايا بين عباس وغانتس
وتأتي ردود الأفعال هذه، في وقت كشف فيه الإعلام العبري، عن تفاصيل لقاء عباس غانتس.
ونقل موقع "والا" عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن غانتس وعباس اتفقا على العمل على تهدئة الوضع على الأرض ومنع المزيد من التصعيد في الضفة الغربية، فيما وعد غانتس عباس بحزمة إغراءات اقتصادية ومدنية مقابل ذلك.
بينما أشارت قناة "كان" العبرية، إلى أن أبو مازن أكد أنه لن يسمح بالعنف والإرهاب واستخدام السلاح ضد الإسرائيليين طالما هو في الحكم، مبينة أنه بمعزل عن طبيعة العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستواصل أجهزة الأمن عملها في هذا الشأن.
من جهته، قال الصحافي غال برغر، مراسل التلفزيون الرسمي الإسرائيلي، إن غانتس أهدى إلى عباس "زجاجة زيت زيتون إسرائيلي"، مضيفاً أن عباس بدوره أهدى غانتس. لكنه لم يوضح ما هي الهدية.
ويُعتبر اللقاء هو الثاني بين عباس وغانتس خلال أربعة أشهر، وهي المرة الأولى التي يعقد فيها عباس اجتماعاً داخل الخط الأخضر منذ عام 2010.