أعادت محكمة التمييز الجزائية ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، اليوم الإثنين، إلى المحقق العدلي القاضي فادي صوّان إلى حين البت بطلب نقل الدعوى المُقدَّم من الوزيرين السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، بعد استكمال التبليغات، الأمر الذي يخوّل صوان استكمال التحقيقات المتوقفة منذ 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتوقف المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان عن النظر في القضية، وأرجأ جلسات الاستجواب كلّها وذلك بعد خطوة حسن خليل وغازي زعيتر التي سبقتها ردود فعل سياسية وطائفية رافقت ادعاء صوان عليهما إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء المئات في 10 ديسمبر الماضي.
ويقول المحامي جميل مراد، لـ"العربي الجديد"، إن محكمة التمييز الجزائية أعادت الملف إلى صوّان لكنها لم تبتّ في طلب نقل الدعوى، وطالما أنه لم يصدر قرار عن المحكمة الجزائية بوقف السير بالتحقيقات فلا مانع قانونيا يحول دون استكمال المحقق العدلي القاضي فادي صوّان تحقيقاته.
وتبعاً للمادة 340 من أصول المحاكمات الجزائية، فإنّ تقديم الوزيرين السابقين طلب النقل لا يوقف السير في الدعوى إلا إذا قرّرت المحكمة خلاف ذلك، من هنا لم يكن واضحاً الدافع وراء وقف القاضي صوان تحقيقاته.
وقال مصدرٌ قضائي مطلع على الملف، لـ"العربي الجديد"، إنّ القاضي صوّان قرّر من تلقاء نفسه تجميد التحقيقات ريثما تهدأ الساحة السياسية وحتى الطائفية التي رافقت خطوة الادعاء التي قام بها، وفضَّلَ أن تبتَّ محكمة التمييز الجزائية بالطلب ومن ثم بناءً على القرار الذي ستصدره يواصل التحقيقات أو تنقل القضية إلى قاضٍ آخر، لكنه في المقابل، يرفض التنحي رغم الضغوطات التي يتعرّض لها.
وأشار إلى أنّ محكمة التمييز المختصة غير ملزمة بمهلة محددة للبت بالطلب، وحتى الساعة لم يصَر إلى تبليغ جميع أفرقاء الدعوى للإجابة عليه، علماً أنّ على كل فريق أن يجيب خلال مهلة 10 أيام منذ تبليغه بشكل فرديّ، وبالتالي، ينتظر تبليغ الجميع حتى انتهاء مهلة "الأيام العشرة"، لافتاً إلى أنّه من المستبعد أن تقبل المحكمة نقل الدعوى إلى قاضٍ آخر، لأنّ في خطوة مثل هذه تطيير طويل للملف، نظراً لما سيستغرقه من وقتٍ تعيين محقق عدلي آخر، وبمرسوم من مجلس الوزراء. لكن في المقابل، هناك تردد من قبل هيئة المحكمة وخلاف بين القضاة الأعضاء، في ظلّ خشية من تدخلات سياسية للتأثير على موقف المحكمة لقبول طلب نقل الدعوى.
وفي وقتٍ شنّ فيه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله هجوماً لاذعاً على المحقق العدلي خلال كلمته المتلفزة المباشرة، مساء الجمعة الماضي، التي خصّصها للحديث عن الملف اللبناني والتطورات الحكومية، وطالب الجيش اللبناني والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالكشف عما وصلت إليه التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، أوردت قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" خبراً، نقلاً عن مصادر خاصة بها، يفيد بأنّ التحقيق اللبناني بانفجار المرفأ توصّل إلى "استبعاد وجود عبوة تفجيرية أو صاروخ أو اعتداء خارجي". وهي فرضية كانت مطروحة، وخصوصاً الاعتداء العدواني بصاروخ، باعتبار أن جزءاً كبيراً من اللبنانيين سمعوا أصوات تحليق مكثف لطيران العدو الإسرائيلي بالتزامن مع حصول الانفجار.
وسبق لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، المحسوب على "حزب الله"، أن أغضب اللبنانيين بدوره بوضع انفجار مرفأ بيروت في خانة "القضاء والقدر".
نصر الله، الذي شنّ هجوماً أيضاً على الإعلام اللبناني لما ينسبه إليه من تهمٍ مرتبطة بملفات كثيرة، منها انفجار مرفأ بيروت وعلاقته بمواد نيترات الأمونيوم نظراً لسيطرته على المرفأ وغيره من المعابر الشرعية وغير الشرعية، واتهمه بفبركة الملفات بتمويل خارجي، محذّراً من أنه لن يسكت بعد اليوم عن التجني سواء عبر القضاء أو الشارع، حاول في المقابل، ردّ الاتهامات كلها بطرح الكثير من علامات الاستفهام حول عمل القاضي صوّان وحصره التحقيق بشق الإهمال الإداري، معتبراً أن هناك ارتياباً في طريقة عمله، وهذا الملف، على حدِّ قوله، يقتضي التعاطي معه بعدالة ونزاهة لا على طريقة 6 و6 مكرّر، مشدداً على أن الاستمرار بهذا الأسلوب لن يؤدي إلى أي نتيجة، مطالباً إيّاه بتصحيح المسار في التحقيق والمجال القضائي.
ولم يسلم القاضي صوّان كذلك من انتقادات رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي أشار في كلمة له، أمس الأحد، إلى أنه لا يجوز للقاضي أن يحصر تحقيقه بالشق الإداري فقط، ولا يجوز أن لا ينجز التقرير اللازم حتى تدفع شركات التأمين الأموال للمستحقين.
وقال باسيل: "ما بدن يخلّونا نعرف حقيقة الانفجار ولا حتّى أبسط أمور التحقيق حول دخول النيترات واستعمالها. القصّة ما بتخلص باتّهام رئيس حكومة ووزراء بالتقصير، لأن فيما لو هيدا الشي صحيح، هم لا هرّبوا البضاعة ولا فجّروها. بدنا نعرف مين دمّر عاصمة لبنان!". علماً أنّ المسؤوليات الإدارية يمكن أن تطاول أكبر الرؤوس السياسية التي أقرّت بأنها كانت تعلم بوجود نيرات الأمونيوم بالمرفأ من رؤساء ووزراء ومعنيين وليس فقط شخصيات أمنية كانوا يعلمون بها ولم يحرّكوا أي ساكن لتلف هذه المواد أو معالجتها قبل وقوع المجزرة المدمرة يوم الرابع من أغسطس/آب الماضي.
ما بدّن يخلّونا نعرف حقيقة الإنفجار ولا حتّى ابسط امور التحقيق حول دخول النيترات واستعماله. القصّة ما بتخلص باتّهام رئيس حكومة ووزراء بالتقصير، لأن فيما لو هيدا الشي صحيح، هم لا هرّبوا البضاعة ولا فجّروها... بدنا نعرف مين دمّر عاصمة لبنان!
— Gebran Bassil (@Gebran_Bassil) January 10, 2021