لماذا يُصرّ السيسي على إبقاء وزير الداخلية رغم إخفاقاته؟

04 مايو 2017
عبدالغفار أمام الكنيسة البطرسية المستهدفة بديسمبر الماضي(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
مع كل حادث إرهابي يستهدف قوات الأمن المصرية، تخرج دعوات للمطالبة ليس بزيادة تدريب قوات الأمن ومعالجة التقصير الأمني وحسب، ولكن أيضاً بضرورة إقالة وزير الداخلية الحالي، اللواء مجدي عبد الغفار. وتزايدت وتيرة العمليات المسلحة سواء التي ينفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو مجموعات مسلحة صغيرة مجهولة، في عهد وزير الداخلية الحالي. وعلى الرغم من الحديث في أوساط قريبة من دوائر اتخاذ القرار، عن اقتراب الإطاحة بعبد الغفار، إلا أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يُصرّ على بقاء الوزير في منصبه.

وتقدمت أجهزة سيادية بتوصيات لإقالة أو تغيير وزير الداخلية الحالي، بسبب الأزمات التي تلاحقه منذ توليه المسؤولية، ليس فقط لناحية القصور الأمني وضعف خطط مواجهة الإرهاب، بل كذلك لفتح جبهات مع نقابات ومؤسسات في الدولة، بما يُفقد النظام المصري شعبيته أكثر وأكثر. ويحول دون تغيير عبد الغفار، مستشار رئيس الجمهورية، اللواء أحمد جمال الدين، لا سيما أنه هو من رشحه لتولي المنصب خلفاً للواء محمد إبراهيم.

واستهدف مسلحون كميناً أمنياً بدائرة قسم شرطة مدينة نصر، في وقت متأخر من مساء الاثنين الماضي، وأسفر الهجوم، بحسب بيان وزارة الداخلية، عن مقتل ضابطين وأمين شرطة وإصابة 5 آخرين من أفراد الكمين. وقبل هذا الهجوم، استهدف تنظيم "داعش" كنيستي مار جرجس بمحافظة الغربية ومار مرقس بمحافظة الإسكندرية، الشهر الماضي، دون أن يؤدي ذلك إلى الإطاحة بوزير الداخلية، مع أن التنظيم المسلح كان اتبع نفس سيناريو الهجوم على الكنيسة البطرسية في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتبنت المجموعة الغامضة "حسم" عملية مدينة نصر في العاصمة.


وقالت مصادر برلمانية قريبة من دوائر اتخاذ القرار، إن عدداً كبيراً من النواب تقدم باستجوابات وطلبات إحاطة ضد وزير الداخلية، الذي كان من المفترض أن يحضر إلى مجلس النواب، للرد على استفسارات النواب. وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أن رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، يعطّل أي محاولات لممارسة البرلمان سلطاته في استجواب الوزير وإمكانية سحب الثقة منه. وتابعت أن "سياسات الوزير فاشلة في التصدي للجماعات المسلحة، فضلاً عن تردي أوضاع حقوق الإنسان في السجون وأقسام الشرطة، إلا أنه لا توجد إرادة لتوجيه انتقادات لعبد الغفار"، بحسب المصادر. وشددت على أن عدة أطراف ومقربين من مؤسسة الرئاسة طالبت بتغيير الوزير وضخ دماء جديدة، لا سيما في ظل ما تعانيه مصر من تفشٍ لظاهرة الإرهاب.

وأكدت المصادر أن السيسي لديه قناعة بعدم إحداث تغيير في وزارة الداخلية حالياً في ظل ما تشهده البلاد من تصاعد العمليات المسلحة، فضلاً عن عدم وجود مرشحين للمنصب على كفاءة عالية بشكل يُحدث فارقاً في مواجهة الإرهاب. لكن المصادر اعتبرت أن تغيير القيادات الأمنية حالياً بمن فيهم وزير الداخلية بات أمراً ملحاً للغاية، في ظل عدم تحقيق أي نجاحات، مبيّنةً أن القيادات الجديدة لن تكون أسوأ من الحالية، لكن المجيء بها يعطي أملاً في إحداث تغيير. وطالبت بضرورة إعداد قيادات أمنية من خلال السفر إلى الخارج لتلقي تدريبات مكثفة على طرق مكافحة الإرهاب في المدن، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات التتبع وكشْف الخلايا الخفية.

من جهته، قال الخبير الأمني، محمود قطري، إنه يجب الاهتمام بشكل أساسي بتدريب قوات الأمن على مواجهة الهجمات المفاجئة التي تعتمد عليها العناصر المسلحة. وأضاف قطري لـ"العربي الجديد" أن الأجهزة الأمنية ليس لديها اليقظة المطلوبة لمواجهة أي هجمات، ولذلك يجب إخضاع جميع أفراد الأمن لتدريبات متقدمة، وفق تعبيره. وتابع أن التدريب لا يتعلق باستخدام الأسلحة فقط وإنما بصقْل المهارات الخاصة بالتعامل مع الهجمات المسلحة عليهم، لا سيما أنهم يقفون في العراء دون سواتر. وشدد على أن أفراد الأمن الذين يقيمون الكمائن هم عناصر غير مؤهلة لمحاربة الإرهاب، وهم تابعون لدائرة كل قسم شرطة، ولذلك يسهل استهدافهم. ولفت إلى ضرورة تغيير قيادات الداخلية واستبدالهم بكفاءات، مع ضرورة الاستعانة بخبرات دولية في مكافحة العناصر المسلحة، وفق قوله.

وتساءل الخبير الأمني: "لماذا حتى الآن هناك إصرار على الإبقاء على وزير الداخلية على الرغم من عدم القدرة على مواجهة الإرهاب بشكل كبير، دون تجاهل توصل أجهزة الأمن لبعض الخلايا؟". وأشار إلى أن جهاز الشرطة لا يتبع الأساليب الحديثة في مكافحة الإرهاب، ويعتمد على الطريقة القديمة التقليدية، لافتاً إلى تجربة الشرطة البريطانية قبل بضعة أيام، ونجاحها بالوصول لبعض المشتبه فيهم بالتورط في عمليات إرهابية بعد اتباع عمليات البحث والتحري الدقيقة، على حد تعبيره.