استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل الليبية المتباينة:** تباينت ردود الفعل الليبية؛ حيث استنكر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تصرفات حكومة الوحدة الوطنية، بينما استنكر المجلس الأعلى للدولة استقبال حماد.
- **اللقاءات والاتفاقيات المصرية الليبية:** التقى حماد برئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، وعدد من الوزراء لبحث التعاون في مجالات تأمين الحدود والإعمار والتنمية.
قالت مصادر ليبية مقربة من وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية إن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة استدعى، مساء أمس الأحد، السفير المصري لدى ليبيا وسلّمه مذكرة احتجاج رسمية للحكومة المصرية لاستقبالها رئيس الحكومة المكلّفة من مجلس النواب أسامة حماد أمس الأحد. وفي حين أكدت المصادر نفسها، التي تحدثت لـ"العربي الجديد" مفضلة عدم نشر اسمها، انزعاج الدبيبة الشديد إزاء استقبال الحكومة المصرية لحماد، أشارت إلى أن الحكومة لم تتلقَّ أي توضيح من الجانب المصري حتى الآن.
وفي السياق، تناقلت وسائل إعلام ليبية أنباء عن أن الحكومة في طرابلس طلبت من مسؤولين في المخابرات المصرية يعملون ضمن كادر السفارة المصرية بطرابلس مغادرة الأراضي الليبية فوراً. وإثر إعلان حكومة مجلس النواب عبر منصاتها الإلكترونية وصول رئيسها أسامة حماد، برفقة مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم خليفة حفتر، أمس الأحد، إلى مصر في زيارة رسمية، واستقباله من قبل رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، أصدرت وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية بياناً عبّرت فيه عن استيائها الشديد ورفضها القاطع لاستقبال الحكومة المصرية "أجساماً موازية لا تحظى بأي اعتراف دولي"، وفق تعبيرها.
واعتبر بيان وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية الليبية الخطوة "خروجاً عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والحرب"، وأنها تتنافى مع الدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها. وشدد البيان على أن حكومة الوحدة الوطنية منذ بداية عملها، سعت جاهدة إلى تجاوز حالة الاستقطاب الدولي، والتعامل بتوازن مع جميع الدول ذات الصلة بالملف الليبي، خاصة مع جمهورية مصر العربية، وأنها أحرزت تقدماً في هذا الاتجاه.
وفي حين شددت الوزارة على أن الشعب الليبي "لن يقبل بالعودة مرة أخرى إلى زمن الحكومات الموازية والمحاور الإقليمية والدولية التي أدت بليبيا لأن تكون ساحة خلفية لمعارك وحروب ذات بعد دولي وإقليمي"، أكدت أن "احترام سيادة الدول، وحسن الجوار، ودعم وحدتها ومؤسساتها الشرعية، هي مبادئ ثابتة لبناء علاقات وطيدة بين الدول والحكومات". وحذرت الوزارة في بيانها "بشدة من أن مثل هذه الإجراءات الأحادية لا تخدم إلا العودة إلى التوتر والاستقطاب والاحتراب المحلي والإقليمي"، وحمّلت الحكومة المصرية المسؤولية الأخلاقية والسياسية محلياً وإقليمياً ودولياً.
ومن جانبها، عبّرت وزارة خارجية حكومة مجلس النواب عن استغرابها بيان حكومة الوحدة الوطنية، واصفة إياها بـ"الحكومة منتهية الولاية". واعتبرت الوزارة أن بيان حكومة الوحدة الوطنية يعكس إصرارها على مخالفة قوانين مجلس النواب، الجهة الشرعية في ليبيا، في إشارة إلى أنها الحكومة الشرعية باعتبار تكليفها من مجلس النواب. ودعت وزارة خارجية حكومة مجلس النواب "الدول الصديقة والشقيقة إلى نقل سفاراتها وممثلي الهيئات والمؤسسات الدبلوماسية والدولية إلى مدينة بنغازي"، بسبب "الظروف الأمنية غير المستقرة في العاصمة طرابلس"، على حد وصف البيان.
وكان مدبولي قد استقبل حماد يوم الأحد في مدينة العلمين برفقة مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم خليفة حفتر، ورئيس جهاز الإمداد الطبي والخدمات العلاجية حاتم العريبي. وبحسب بيان صحافي لحكومة مجلس النواب، فقد عقد حماد مع مدبولي وعدد من وزراء الحكومة المصرية اجتماعاً تقابلياً "تم من خلاله بحث التعاون على كل الأصعدة، وعلى رأسها تأمين الحدود، والإعمار والتنمية، والقضايا المشتركة بين البلدين"، مشيراً إلى عزم الطرفين على تفعيل عدد من الاتفاقيات، وتشكيل لجان وزارية من الدولتين للإشراف عليها. وخلال اللقاء، أكد مدبولي، بحسب بيان رسمي لمصر، "الدعم الكامل للشعب الليبي، وحرص مصر على دعم وتعزيز سبل التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات كافة"، منوهاً بـ"الدور الكبير الذي تقوم به الشركات المصرية في أعمال إعادة إعمار ليبيا". ونقل البيان المصري عن حماد تثمينه "الدعم المصري الدائم للشعب الليبي"، قائلاً إن هذا الدعم "هو ما شهدناه أخيراً في ظل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدة اللازمة للشعب الليبي الشقيق لتخفيف آثار وتداعيات الإعصار دانيال، الذي شهدته البلاد العام الماضي".
والثلاثاء الماضي، زار رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مكتبه بمعسكر الرجمة، شرق بنغازي، وناقشا التطورات السياسية للأزمة الليبية، مع التأكيد على أهمية بذل كل الجهود للدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ودعم المساعي والجهود التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لتهيئة الظروف المناسبة لتنظيم العملية الانتخابية، وفقا لمكتب إعلام قيادة حفتر. وكان الدبيبة قد التقى مدبولي في مطلع يوليو/تموز الماضي، خلال زيارته إلى القاهرة للمشاركة في مؤتمر حول الهجرة نظمته الجامعة العربية، بعد مدة من فتور العلاقات بين الحكومتين على خلفية توقيع حكومة الدبيبة اتفاقاً اقتصادياً مع الحكومة التركية في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المناطق الاقتصادية البحرية في المتوسط، وهو الاتفاق الذي واجهته القاهرة بالرفض. وسبق أن أجرى مدبولي زيارة إلى طرابلس في إبريل/نيسان 2021، جرى خلالها توقيع 11 وثيقة تعاون في مختلف المجالات.
وتزايدت ردود الفعل الليبية المنقسمة على نفسها حيال استقبال الحكومة المصرية حماد، إذ استنكر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ما وصفها بـ"التصرفات غير المسؤولة" من حكومة الوحدة الوطنية "ضد جمهورية مصر"، مؤكداً أن العلاقة معها "لن يعكر صفوها أي محاولات أو خلافات"، وفقاً لبيان نشره مكتبه الإعلامي اليوم الاثنين. وفي المقابل، استنكر المجلس الأعلى للدولة استقبال الحكومة المصرية لرئيس حكومة مجلس النواب "غبر المعترف بها دولياً"، معتبراً أن لقاء مدبولي بحماد "يتعارض مع الاتفاق السياسي الليبي، ويُعدّ تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية يؤدي إلى تأجيج الصراع وتعقيد جهود تحقيق الاستقرار". ودعا مجلس الدولة، في بيان له اليوم، "الدول الصديقة والشقيقة إلى عدم التعامل مع كيانات غير شرعية تفرض نفسها بوسائل غير ديمقراطية"، مشدداً على أن الوسيلة الوحيدة للحل السياسي في ليبيا هو "الحوار وطني الشامل برعاية أممية".