قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في حديثه أول من أمس السبت، بمؤتمر اتحاد الصناعات المصرية، إنه "يبذل جهداً كبيراً لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة". وطالب الدول المعنية بالأزمة بالعمل من أجل "إدخال كميات تتناسب مع حجم الطلب والاحتياجات لـ2.3 مليون مواطن في غزة"، منتقداً "تشديد الحصار، بقطع المياه والكهرباء". وأكد أن "الاحتياج ضخم جداً، وأن 20 أو 100 شاحنة، لا تكفي لسد الحاجة".
وفي اليوم نفسه، حمّلت وزارة الخارجية المصرية الحكومة الإسرائيلية "مسؤولية انتهاك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر مساء الجمعة، والذي يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنفاذ هدنة إنسانية تحفظ أرواح المدنيين، وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل فوري ودون انقطاع".
كما جددت مصر "مطالبتها للجانب الإسرائيلي بتسهيل إجراءات النفاذ الآمن والكامل والمستدام للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة". وحذّرت من أن "عدم التعامل الفوري من المطالب الخاصة بالهدنة الإنسانية وتسهيل نفاذ المساعدات إلى القطاع، سيؤدى إلى كارثة إنسانية لا محالة، وزعزعة الأمن الإقليمي بشكل يمثل تهديداً لاستقرار المنطقة".
في موازاة ذلك، تبرز مناشدات ومطالبات شعبية وسياسية للقاهرة بضرورة فتح معبر رفح الواصل بين مصر وقطاع غزة، بشكل منفرد، ومن دون التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، وسط تساؤلات عن الأسباب التي تمنع مصر من كسر حصار غزة وإدخال المساعدات إلى القطاع في ظل العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.
القانون الدولي يضمن إيصال المساعدات إلى غزة
وقال أستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القانون الدولي الإنساني يستلزم موافقة كافة أطراف النزاع المتحاربة، سواء كانت دول أو جماعات مسلحة أو مليشيات، قبل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الأبرياء العزل غير المشتركين في النزاعات المسلحة".
أيمن سلامة: رفض إيصال المساعدات الإنسانية يأتي لأسباب أمنية
وأوضح أن "هناك دولاً ترفض إيصال المساعدات الإنسانية، حتى لو كانت من الأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها المتخصصة، لأسباب أمنية عسكرية". وتتمثل هذه الأسباب "في خشية وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية والضرورات المعيشية للطرف الآخر المتحارب".
من جهة أخرى، لفت سلامة إلى أن القانون الدولي الإنساني نفسه نصّ "على عدم التعسّف في رفض توصيل المساعدات الإنسانية من جانب أي من أطراف النزاع".
وقال إن الإسرائيليين عادة "يتعسفون في إنشاء ممرات إنسانية آمنة لتأمين المساعدات الإنسانية أو لتأمين المصابين والجرحى العالقين من رفح لمداواتهم وعلاجهم في مصر". وتابع: "عادة إسرائيل المتغطرسة والمتعجرفة ترفض وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية حتى تصفي كل المقاومة الفلسطينية، وتحديداً حماس في قطاع غزة".
واعتبر سلامة أن "الحالة الإسرائيلية ليست سابقة، فهناك أيضاً الحكومة السورية التي رفضت توصيل المساعدات الإنسانية في حالات عديدة، كما سبق أيضاً لحكومة ميانمار أن رفضت توصيل المساعدات الإغاثية إلى مسلمي الروهينغا".
من جهته، قال الناشط السياسي المصري رامي شعث، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "لا شيء يمنع مصر من فتح معبر رفح سوى غياب الإرادة السياسية، لأن المعبر مصري فلسطيني، وغزة خارج سيطرة الاحتلال". وشدّد على أن "اتفاقية فيلادلفيا (2005 بين مصر وإسرائيل لنشر قوات مصرية في رفح على الحدود مع غزة) سقطت وانتهت".
إسرائيل لا تلتزم بالقانون الدولي ولا باتفاقيات أوسلو
من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية محمد محمود مهران، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "من حق مصر فتح المعبر من جانبها، ولكن بالتنسيق مع الهيئات الأخرى بناءً على اتفاقيات أوسلو الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية".
محمد مهران: القانون الدولي يلزم إسرائيل بفتح معبرَي رفح وكرم أبو سالم
وأضاف أن "القانون الدولي يلزم إسرائيل بفتح معبرَي رفح وكرم أبو سالم، والسماح بمرور البضائع والمساعدات الإنسانية بشكل دائم ومنتظم، ما يستوجب رفع الحصار عن غزة، ووقف انتهاكها لهذه الالتزامات".
واعتبر مهران أن "إغلاق إسرائيل المعبرَين بشكل متكرر يشكل انتهاكاً صارخاً لالتزاماتها بموجب اتفاقيات أوسلو والقانون الدولي الإنساني". موضحاً أن "على إسرائيل التزاماتها كقوة احتلال بموجب المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة".
وأوضح مهران أن اتفاق أوسلو (1993) هو "عبارة عن ثمانية اتفاقيات، أبرزها اتفاقية المعابر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، والتي تتعلق بتنظيم عمل معبر رفح وعبور الفلسطينيين وتحديداً في قطاع غزة".
كما نصّت هذه الاتفاقيات "على أن تبقى المعابر مفتوحة باستمرار لحركة الأشخاص والبضائع، وحرية تنقّل الفلسطينيين عبر المعابر من دون عوائق".
فتح المعابر يجنّب كارثة إنسانية في غزة
وفي وقت رأى أن "عدم فتح معبر رفح يهدد حياة ملايين البشر، وأن التدخل العاجل ضروري لتجنيب غزة كارثة إنسانية هائلة"، ناشد مهران المجتمع الدولي "الضغط على إسرائيل لرفع الحصار عن غزة بشكل كامل والسماح بحرية حركة البضائع والأشخاص عبر المعابر من دون قيود".
كما حثّ السلطة الفلسطينية على "اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة إسرائيل على الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني من قتل وحصار جماعي". من جهة أخرى، دعا الحكومة المصرية "إلى اتخاذ إجراءات عملية لضمان فتح المعبر بشكل دائم، عبر الضغوط السياسية والدبلوماسية واللجوء للمنظمات الدولية".