في أول تعليق لمجلس القضاء الأعلى في العراق، حيال الجدل الدائر بشأن إمكانية حل البرلمان نتيجة الأزمة السياسية الخانقة المتواصلة في البلاد منذ نحو 5 أشهر، قال رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، اليوم الجمعة، إن ذلك يكون بقرار من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، وفق شروط معينة.
وذكر زيدان، في بيان: "يعد حل البرلمان أداة التوازن الرئيسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويعتبر أهم وسيلة للسلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية، ويعد سلاحاً موازياً ومقابلاً لحق البرلمان على الحكومة بإرغامها على الاستقالة أو سحب الثقة عنها".
وبيّن أن "الدستور العراقي لسنة 2005 نص على إجراءات حل مجلس النواب بطريقين، الأولى حل ذاتي يختص به مجلس النواب بناء على طلب من ثلث أعضائه والتصويت بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه على هذا الطلب".
وأكد أن "هذا الاجراء لا يتوقع حصوله عملياً، إذ إن معناها أن السلطة التشريعية أوقعت الجزاء (حل البرلمان) على نفسها، أما الطريق الثاني فيتمثل في طلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، يقدم إلى مجلس النواب واشترط النص الدستوري لنفاذ هذا الطلب موافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب".
وبين أن "حق الحل وفق هذه الشروط سيكون من الصعب إجراؤه، وبذلك تفقد السلطة التنفيذية وسيلة التأثير على السلطة التشريعية، مقابل امتلاك مجلس النواب وسيلة سحب الثقة من الحكومة، مما يخل بالتوازن السياسي والدستوري بين السلطتين".
وشدد على أن "الواقع السياسي العراقي يشهد اليوم مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيا/ب) من الدستور، بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه في مدة أقصاها ثلاثين يوماً من تاريخ أول انعقاد للمجلس ووجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلالها، إلا أن ذلك لم يحصل بسبب عدم الاتفاق السياسي بين الأحزاب والقوى السياسية المكونة لمجلس النواب".
واعتبر أن "المحكمة الاتحادية العليا اجتهدت لإيجاد مخرج لهذه المخالفة الدستورية عندما أجازت استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته لحين انتخاب رئيس جديد بموجب القرار الصادر بتاريخ الـ13 من فبراير/ شباط الماضي، إلا أن هذا الاجتهاد، وإن كان ضرورياً، لتلافي حالة خلو المنصب وما يترتب عليه من إجراءات غير متفق عليها سياسياً إلا أنه لم يكفِ لمعالجة الاستمرار في مخالفة الدستور إلى أجل غير مسمى، بسبب شرط أغلبية الثلثين المنصوص عليه في المادة (70/أولا) من الدستور الخاص بنصاب انعقاد جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، وعدم النص على وجود (جزاء دستوري) إزاء هذه المخالفة".
واستدرك، "لذا نرى تعديل النص الدستوري الوارد في المادة (64/اولا) بأن يكون حل مجلس النواب بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية على ألا يكون أثناء مدة استجواب رئيس الوزراء، وبذلك يتحقق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بأن يكون جزاء مخالفة القاعدة الدستورية بقرار من السلطة التشريعية في حال مخالفتها من قبل السلطة التنفيذية بسحب الثقة عنها".
وتابع موضحاً "والعكس صحيح يكون الجزاء بقرار من السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية مجتمعين) في حال مخالفة القاعدة الدستورية من قبل مجلس النواب عن طريق حل المجلس بدون شرط موافقة مجلس النواب على إجراءات الحل، ولضمان عدم تعسف السلطة التنفيذية في إيقاع الجزاء بحل مجلس النواب، ولأهمية هذا الاجراء حصراً يكون قرار حل مجلس النواب الصادر من السلطة التنفيذية قابل للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا".
يجرى ذلك في وقت يثار فيه جدل بالعراق بشأن التوجه نحو حل البرلمان، بسبب الانسداد السياسي، وعدم القدرة على عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، والتي تحتاج إلى نصاب ثلثي أعضاء البرلمان.
وكان البرلمان العراقي قد فشل للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من أسبوع في المضي بجلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقدها، بواقع 220 نائباً من أصل 329 نائباً، إذ نجح تحالف "الإطار التنسيقي" في تعطيل الجلستين، ما حال دون مضي مشروع تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يضم "التيار الصدري" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" وتحالف "السيادة"، في تمرير منصب رئيس الجمهورية، والذي يترتب عليه أن يتولى مهمة تكليف مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة الجديدة.