أوضح "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، أن تحديات كثيرة لا تزال تعترض مسار التطبيع بين تركيا وإسرائيل، رغم التطور الذي شهدته العلاقات بينهما مؤخراً.
وفي تقرير أعده الباحثان جليا ليندشتراوس ورامي دانئيل، قال المركز إن استكمال مسار التطبيع بين أنقرة وتل أبيب، الذي بدأ في نهاية 2020 وانتهى هذا الأسبوع بالإعلان عن عودة السفراء، جاء تلبية لمصالح تركية وإسرائيلية.
وأشار التقرير إلى جملة من التحديات التي يمكن أن تؤثر سلباً في المستقبل على مسار التطبيع التركي الإسرائيلي، منها: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعلاقات التركية الأميركية، ومخططات إسرائيل للتعاطي مع استخراج وتصدير الغاز للخارج، وكذا نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
واستدرك التقرير أن مواجهة الإشكاليات الناجمة عن هذه التحديات ستكون أسهل في حال تم الحفاظ على تمثيل دبلوماسي للجانبين.
ورسم معدا التقرير صورة معقدة لواقع مثلث العلاقات الأميركية التركية الإسرائيلية، وتأثيره المستقبلي على واقع العلاقة بين أنقرة وتل أبيب.
وأشارا إلى أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة ترى أن تحسين العلاقة بين تركيا وإسرائيل يخدم مصالحها، إلا أن سياسات إدارة الرئيس جو بايدن تجاه أنقرة يمكن أن تؤثر سلباً على علاقتها بتل أبيب. وضرب التقرير مثالاً على ذلك بانضمام منظمة يهودية أميركية، تدعى "اللجنة اليهودية الأميركية" إلى الموقّعين على عريضة وجهت للكونغرس تطالب بمنع تزويد تركيا بطائرات "إف 16".
ويعتقد التقرير، أنه على الرغم من أن واشنطن تقدر جهود الوساطة التركية بين روسيا وأوكرانيا إلا أنها في المقابل منزعجة من دور أنقرة في مساعدة موسكو على تجاوز العقوبات المفروضة عليها، فضلاً عن إصرارها على إمضاء صفقة شراء منظومات الدفاع الجوي الروسية "S 400"، رغم اعتراض واشنطن.
وأوضح التقرير أن التوتر في علاقة تركيا بكل من قبرص واليونان يمكن أن يؤثر سلبا على مستقبل علاقاتها بإسرائيل، مشيراً إلى قرار تركيا مؤخراً إرسال سفينة رابعة للتنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها مع الدولتين.
ويرى التقرير في القضية الفلسطينية مصدر تهديد مستقبلي للعلاقة بين أنقرة وتل أبيب، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومساعدوه يحرصون على ألا يبدو التطبيع مع إسرائيل تنازلاً عن الدفاع عن القضية الفلسطينية، ويصرون على أن القدس والمسجد الأقصى "يمثلان خطاً أحمر" بالنسبة لتركيا، مما يزيد من فرص تأثير السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين على مستقبل التطبيع مع تركيا.
وفي ما يتعلق بالموقف من حركة حماس، التي تتواجد شخصيات منها على الأراضي التركية، لفت المركز إلى أنه رغم استجابة أردوغان لطلب إسرائيلي وطرد عدد من قيادات الحركة، إلا أنه من المشكوك فيه أن يستجيب لكل طلبات إسرائيل المتعلقة بوجود "حماس" هناك.
واعتبر المركز أن مسألة تصدير الغاز الإسرائيلي هي من مصادر التهديد المستقبلية لمسار التطبيع، مسلطا الضوء على رغبة تركيا في أن يتم تصدير هذا الغاز إلى أوروبا عبرها، مشيراً إلى أن هناك مخاطر جيوبوليتيكية يمكن أن تنجم عن الاستجابة الإسرائيلية للرغبة التركية، منها توتير العلاقة مع كل من قبرص واليونان ومصر.
وحذر التقرير من أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة يمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية على العلاقة مع تركيا، خصوصاً في حال تبنت الحكومة الجديدة نهجاً تصعيدياً تجاه الفلسطينيين.
ولم يستبعد التقرير أن يتجه أردوغان للتصعيد ضد إسرائيل عشية الانتخابات التركية التي ستنظم في يونيو 2023، بهدف توفير بيئة تسمح بتعزيز فرصه وفرص حزبه بالفوز.
وفي مقابل التحديات التي تواجه التطبيع التركي الإسرائيلي، فإن المركز يشير إلى فرص، تتمثل إحداها في دور تركي في تحسين قدرة إسرائيل على منح الفلسطينيين "بوادر حسن نية"، مثل الاعتماد على شركات الطيران التركي مؤخراً في نقل الفلسطينيين في الضفة الغربية من مطار رامون الذين سمح لهم الاحتلال باستخدامه في تحركاتهم للخارج.
ورأى التقرير في قناة الاتصال المباشرة بين أردوغان والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ وسيلة لحل الخلافات بين الجانبين، سيما تلك الناجمة عن سياسات تل أبيب تجاه القضية الفلسطينية.
وأبرزالتقرير أن مستوى التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل لم يتأثر بالتوترات التي شهدتها العلاقة الثنائية، لافتا إلى أن التبادل التجاري خلال عام 2021 بلغ 7 مليارات دولار، منها 4.7 مليارات دولار قيمة الصادرات التركية لإسرائيل و 1.9 مليار دولار قيمة الصادرات الإسرائيلية لتركيا، فأنقرة واحدة من أكبر خمس شركاء تجاريين لتل أبيب.