قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الخميس، إنّ "السلطات التونسيّة كثّفت هجومها على المعارضين لاستيلاء الرئيس قيس سعيّد على السلطة في 2021، وانتقلت إلى تحييد حركة النهضة، أكبر حزب سياسي في البلاد".
وأضافت المنظمة، في بيان صدر اليوم الخميس، أنه "منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، اعتقلت الحكومة التونسيّة ما لا يقلّ عن 17 عضواً حالياً وسابقاً في الحزب، بما في ذلك زعيمه، وأغلقت مقرّاته في كل أنحاء البلاد".
وشددت هيومن رايتس ووتش على أنه "يتعيّن على السلطات الإفراج فوراً عن جميع الموقوفين تعسفاً، ورفع القيود المفروضة على حريّة تكوين الجمعيّات والتجمّع".
وأشار بيان المنظمة إلى أن "الاعتقالات استمرت في أعقاب موجة استهدفت شخصيّات من انتماءات سياسيّة مختلفة في فبراير/شباط، مما رفع عدد الشخصيات العامة التي تُعتبر منتقدة لسعيّد وتمّ إيقافها إلى ما لا يقلّ عن 30، أغلبها متهمة بـ(التآمر ضد أمن الدولة)".
وأضاف البيان أن "من بين الموقوفين المرتبطين بالنهضة أربعة وزراء سابقين والعديد من أعضاء البرلمان السابق، ومن بينهم أيضاً رئيس الحزب ورئيس البرلمان الأسبق راشد الغنوشي، ونائباه في الحزب علي العريّض ونور الدين البحيري. ولم تُوجّه إلى أيّ منهم تهم رسميّة".
وقالت سلسبيل شلالي، مديرة تونس في هيومن رايتس ووتش: "بعد شيطنة حزب النهضة وتوجيه اتهامات خطيرة له دون دليل، انتقلت سلطات الرئيس سعيّد إلى تفكيكه فعلياً"، مضيفة "على السلطات التونسيّة الكف عن الانتقام من النهضة والمعارضين الآخرين، وإطلاق سراح جميع المسجونين في غياب أدلّة موثوقة عن ارتكابهم جرائم".
وقالت شلالي إن "السلطات اتهمت أغلب الموقوفين بـ"المؤامرة ضد أمن الدولة" دون تحديد الأعمال الجنائية التي تُشكّل المؤامرة المزعومة"، وذكرت أن "هناك سبع قضايا تتعلّق بالنهضة تمكّنت هيومن رايتس ووتش من الحصول على معلومات إضافية بشأنها تُؤكد الطبيعة السياسيّة للاعتقالات والاعتماد على أدلّة واهية، وتجاهل للحقوق المتعلّقة بسلامة الإجراءات. أربعة من هذه القضايا على الأقلّ ترقى إلى حظر التعبير السلمي".
وذكّر البيان بتاريخ حركة النهضة، التي تأسست في 1981، و"لم تحصل على اعتراف قانوني إلا في 2011، بعد انتفاضة شعبيّة أطاحت بالرئيس السلطوي منذ زمن طويل زين العابدين بن علي. ولعبت النهضة دوراً محوريّاً في كل التحالفات الحكوميّة حتى 2019".
وأضاف البيان "كان الغنوشي، رئيس النهضة، معارضاً بارزاً للحكم الفردي لسعيّد بعد استحواذ هذا الأخير على سلطات استثنائيّة في 25 يوليو/تموز 2021. وفي 17 إبريل/نيسان (الماضي) اعتقل أعوان أمن بلباس مدنيّ الغنوشي في منزله. وقال أحد محاميه إنّهم لم يظهروا مذكرة اعتقال".
وفي 20 إبريل/نيسان أصدر قاضي تحقيق بطاقة إيداع ضدّ الغنوشي بتهمة محاولة "تبديل هيئة الدولة" و"المؤامرة ضد أمن الدولة الداخلي"، وهي جرائم قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. واستندت الاتهامات إلى تحذير وجهه الغنوشي، في 15 إبريل/نيسان، أثناء تجمّع وقال فيه إنّ إلغاء الحركات السياسيّة، بما في ذلك النهضة و"اليسار"، هو "مشروع حرب أهليّة".
وقال محاميه مختار الجماعي، في مقابلة إذاعيّة، إنّ الغنوشي (81 عاماً)، خضع خلال الأشهر الـ18 الماضية إلى الاستجواب في 19 تحقيقاً مختلفاً.
وأغلقت الشرطة المقرّ الرئيسي للنهضة في تونس العاصمة في 18 إبريل/نيسان دون الاستظهار بقرار من المحكمة أو وثائق رسميّة، بحسب محام آخر، قال أيضاً إنّ قوات الأمن منعت أعضاء من الدخول إلى مكاتب الحزب في كل أنحاء البلاد.
وفي اليوم نفسه، أغلقت السلطات المقرّ الرئيسي لحزب يُعرف بـ"حراك تونس الإرادة" في تونس العاصمة، كان يستضيف أنشطة "جبهة الخلاص الوطني"، وهو تحالف معارض شاركت النهضة في تأسيسه.