"جسر مكافحة الإرهاب" يجمع الجزائر وفرنسا... ويغلب "الأزمة الإعلامية"

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
11 ابريل 2016
0C0A21E2-0FBD-43F9-891B-599AA38B8182
+ الخط -
لم تكن زيارة رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، إلى الجزائر في اليومين الماضيين، عادية، لارتباطها بالعنصر الأهم، الذي يُعتبر "أولوية مطلقة" لفرنسا، وهو "الإرهاب". تجاوز فالس كل الخلافات "الثانوية" التي نشبت بين البلدين، على خلفية رفض السلطات الجزائرية منح تأشيرات لصحافيين فرنسيين، لصالح الإعلان عن "إقامة جسر بين أوروبا وأفريقيا لمكافحة التهديدات الإرهابية". كما التقى فالس الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، مساء أمس الأحد، بعد ترؤسه مع نظيره الجزائري، عبد المالك سلال، الدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية ـ الفرنسية، بينما تمّ تأجيل التوقيع على مشروع مصنع "بيجو سيتروان" للسيارات.

ولا تبدو الصورة الحقيقية للعلاقات بين باريس والجزائر مشوّشة، إلى مستوى التوتر الذي تسوّق له السلطة الجزائرية ووسائل الإعلام الموالية لها، على خلفية أزمة صحيفة "لوموند" الفرنسية، التي نشرت صورة للرئيس بوتفليقة ضمن ما يعرف بـ"أوراق بنما".

وكانت "لوموند" قد نشرت في صفحتها الأولى في عدد سابق، صورة لبوتفليقة، ضمن صور زعماء وقادة دول، قالت "إنهم أو محيطهم، متورّطون في قضية أوراق بنما"، مما دفع السلطات الجزائرية إلى الاحتجاج رسمياً لدى الحكومة الفرنسية، على ما اعتبرته "حملة إعلامية" تشنّها صحف فرنسية ضد الجزائر.

كما استدعى، في هذا الصدد، وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، السفير الفرنسي في الجزائر، برنار إيميي، لإبلاغه الاحتجاج الرسمي على هذه الحملة، ومطالبة فرنسا بموقف حازم إزاء ما اعتبرته إساءة إلى الجزائر. ووصف لعمامرة الحملة بأنها "ذات نوايا سيئة ومضللة، والتي لا يُمكن إطلاقاً تبريرها بحرية الصحافة. كما بلغت أوجها باستهداف مؤسسة الرئاسة"، بينما اعتبرت الحكومة الجزائرية أنه "من الواجب الأخلاقي والسياسي، أن تعرب السلطات الفرنسية المختصة صراحة عن استنكارها هذه الحملة، التي لا تتلاءم مع نوعية ومستوى العلاقات الجزائرية الفرنسية".

وعلى الرغم من التوضيح الذي نشرته "لوموند"، من أن "الصورة فُهمت بالخطأ، وأن اسم الرئيس لم يرد في وثائق أموال بنما، بل تضمنت اسم وزير الصناعة والمناجم الجزائري، عبد السلام بوشوارب، الذي كان بصدد تأسيس شركة في بنما عبر مكتب في لوكسمبورغ، لتسيير محفظة عقارية بقيمة 700 ألف يورو". غير أن السلطات الجزائرية وجدت في القضية فرصة لها، في ظلّ سلسلة إخفاقات اجتماعية واقتصادية وفضائح فساد متتالية تهزّ الجزائر، لتحسين صورة أدائها السياسي أمام الرأي العام المحلي، المتحمّس لكل ردة فعل تجاه فرنسا على خلفية تاريخية معقدة.


وتتعلق هذه الخلفية التاريخية بملف الذاكرة المرتبط بالحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، من عام 1830 إلى عام 1962، وما شهدته من جرائم ضد الإنسانية في الجزائر، تعكّر صفوّ العلاقات بين البلدين، رغم محاولة باريس والجزائر طيّ هذا الملف، منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999.

كما زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2012، التي اعترف فيها بالظلم الذي لحق بالجزائريين جراء الاستعمار. لكن رفض باريس الاعتراف الكامل بجرائم الاستعمار والتعويض للضحايا من الجزائريين، أبقى جرح الذاكرة مفتوحاً إلى أجل غير مسمّى.

وبحسب النائب، موسى عبدي، الذي بادر قبل ثلاث سنوات إلى طرح مشروع قانون لـ"تجريم الاستعمار في الجزائر"، رداً على قانون "تمجيد الاستعمار" في فرنسا، فإنه يرى أن "فرنسا تسعى إلى التخلّص من العقدة التاريخية مع الجزائر، وترغب في طي صفحة الماضي بمختلف الوسائل".

لكن عبدي، وفي حديثه مع "العربي الجديد"، يستبعد "الخوض في ملف الذاكرة، لأن السياسة الفرنسية في هذا المجال تنتهج مبدأ الابتزاز السياسي، وتقدم تنازلات طفيفة بشأنها، كلما رأت أنها بحاجة لمصالح سياسية واقتصادية".

كما تزامنت زيارة فالس مع مناقشة قضية التعاون في مجال التعليم، وعودة طرح ملف إصلاح نظام التعليم في الجزائر، وإثارة الجدل مجدداً بشأن "فرنسة" برامج التعليم والمناهج التربوية، وإعطاء الأولوية للغة الفرنسية على حساب اللغة العربية، منذ الكشف عن وجود فريق من الخبراء الفرنسيين، استدعتهم وزارة التربية والتعليم الجزائرية، للمساعدة في إصلاح المناهج التعليمية. وهو ما اعتبرته قوى سياسية ومدنية ومرجعيات دينية، محاولة من وزيرة التربية نورية بن غبريط رمعون، لتوجيه المدرسة الجزائرية باتجاه فرنسا واستبعاد كل القيم الحضارية والثقافية المحلية للجزائر من المناهج التربوية الجديدة.

في المقابل، دعت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وقوى سياسية، كحركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، إلى مقاطعة المناهج التربوية، التي يتوقع أن يبدأ العمل بها السنة المقبلة. وتتخوّف هذه القوى من أن تكون زيارة فالس دعماً لتوجه رمعون، وترسيماً لخيارات وزارة التربية في الجزائر.

ذات صلة

الصورة
فارسي سيكون إضافة قوية للمنتخب الجزائري (العربي الجديد/Getty)

رياضة

يشهد معسكر المنتخب الجزائري الجاري حالياً في مركز سيدي موسى بالعاصمة الحضور الأول للظهير الأيمن لنادي كولومبوس كرو الأميركي محمد فارسي (24 عاماً).

الصورة
إيمان خليف تعرضت لحملة عنصرية أولمبياد باريس 2024 (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصل الوفد الجزائري، أمس الاثنين، إلى البلاد بعد مشاركته في أولمبياد باريس 2024، وكانت الأنظار موجهة بشكل أكبر صوب الثلاثي المتوج بالميداليات.

الصورة
جمال سجاتي بعد تتويجه بالميدالية البرونزية على ملعب ستاد فرنسا، 10 أغسطس/آب 2024 (Getty)

رياضة

اجتمع عدد من سكان بلدية السوقر في مقاطعة تيارت غربي الجزائر في صالة متعددة الرياضات، وهناك نصبوا شاشة عملاقة من أجل متابعة ابن منطقتهم جمال سجاتي (25 عاماً).

الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
المساهمون