أدوية وأغذية من المغتربين إلى اللبنانيين

15 ديسمبر 2020
الأم وطفلتاها متشوقات لرؤية العائلة (حسين بيضون)
+ الخط -

لم يكن اللبنانيّون المغتربون يتوقعون أن تتغيّر محتويات حقائبهم خلال عامٍ واحد، وتكون عبارة عن مقتنيات ومشتريات بسيطة باتت تُصنّف كـ "طوق نجاة" لدى الكثير من الأهل والأصحاب. فبعدما كانوا ينتقون الهدايا والتذكارات بعناية، سواء من الغذاء أو السلع والبضائع المشهورة في البلد المضيف، باتوا اليوم يحملون في جعبتهم ما أمكن من عملةٍ صعبة وأدوية وغيرها من المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى أصناف غذائية واستهلاكية، إمّا فُقدت في لبنان أو باتت صعبة المنال نتيجة أسعارها الخيالية.
إليزابيت أبي عاد، وهي لبنانية تنوي القدوم من فرنسا لتمضية الأعياد مع عائلتها وأصدقائها، تقول لـ "العربي الجديد": "الأدوية هي في سلّم الأولويات. سأشتري العديد منها لأهلي وأشخاص آخرين. الغريب هذا العام هو طلب الأصناف الغذائية التي أصبحت باهظة الثمن في لبنان، علماً أنّ الأصناف الأساسية ارتفع سعرها أيضاً وحبّذا لو تتّسع في حقيبتي". تشير إلى أن والدها الذي يعمل في مجال تأمين الطعام والوجبات الغذائية، طلب منها نوعاً محدّداً من الفطر، يستخدمه في إعداد بعض الأطباق، كونه لم يعد قادراً على تحمّل كلفته العالية. وتلفت إلى أنّها ستضيف إلى قائمة المشتريات "ضيافة عيد الميلاد من شوكولاتة وغير ذلك، وكذلك بعض أنواع الأجبان، باعتبار أن أسعارها في لبنان باتت أغلى بكثير من فرنسا". وتقول: "أرغب بشدّة في أن أعيش وأهلي طقوس العيد وعاداته كما كنّا سابقاً. لذلك، أحاول قدر الإمكان تأمين ما يلزم منها من فرنسا".

تأسف أبي عاد لواقع الحال في لبنان، وقد "أصبح اللبنانيّون مجبرين على الاستغناء عن الكثير من حاجاتهم اليومية. تلك الحاجات التي تحوّلت اليوم إلى رفاهية مستجدة وكماليّات لا قدرة للعديد من الناس على شرائها. أمّا بالنسبة للثياب، فقد بات من شبه مستحيل أن نميّز أنفسنا ونشتري لأهلنا ولو قطعة واحدة".
بدورها، تتحدث المغتربة اللبنانية هبة حسن، القادمة من إسبانيا، عن خوف العديد من اللبنانيين من انقطاع بعض الأدوية، لا سيّما تلك المزمنة والضرورية. وتقول لـ "العربي الجديد": "طلب مني والدي علباً من دواء الأسبرين المسيّل للدم، كونه يعاني مشكلة في قلبه. سأشتري له أيضاً أدوية الحديد وغيرها ممّا كان قد وصفها الطبيب له خوفاً من انقطاعها. كما طلب مني أهلي وأصدقائي بعض الفيتامينات والمكمّلات الغذائية، للسبب نفسه. إحدى صديقاتي طلبت مني أدوية خافضة للحرارة وأخرى مهدئة للسعال، خشية نفادها من الصيدليات". 
تتابع: "كنتُ سابقاً أختار لأهلي وأصدقائي هدايا متنوّعة من برشلونة، كالعطورات أو حقائب يد أو الأحذية وغيرها. أما اليوم، وحين قرّرتُ المجيء إلى لبنان، قال لي أهلي: "إيّاكِ أن تجلبي ثيابا، لا نريد هدايا، فقط أدوية". أمّا شقيقتي، وهي نباتية، فأوصتني أن أشتري لها طعاماً صحياً وأصنافاً نباتية من التي تتناولها عادةً، بعدما أصبحت أسعارها مرتفعة جداً في لبنان، أو انقطعت من الأسواق".

عائدون إلى لبنان (حسين بيضون)

حسن التي ستحمل في حقيبتها هواجس الكثير من اللبنانيين، تقول: "إحدى الطلبات اللافتة التي وردتني هي طلب صديقة لي بأن أشتري لها بطاريات لجهاز السمع الخاص بابنها، كونه يحتاج إلى ستين بطارية شهرياً، وهي بطاريات صغيرة تستورد  من ألمانيا. لكنّها، ومنذ نحو ثلاثة أشهر، تعجز عن إيجادها في لبنان، حتى بات ابن الأربع سنوات فاقداً للسمع بشكل كامل".
أما نجوى هلال، اللبنانية المقيمة في قطر، فتقول لـ "العربي الجديد"، أنّ بعض اللبنانيّين أرسلوا معها خلال زيارتها الأخيرة إلى لبنان مبلغاً من المال لذويهم وعائلاتهم. وتقول: "نحن بدورنا نرسل الأموال لأهلنا لدى معرفتنا بأن أحد أصدقائنا ينوي السفر إلى لبنان. ونحرص كذلك على إرسال بعض الأدوية، مثل أدوية المسكّنات، نظراً لانقطاعها في لبنان أو لاحتكارها من قبل البعض. وقد طلب مني آخرون أدوية قلب، لكنّني لا أستطيع الحصول عليها من دون وصفة طبية".
من جهتها، تلفت المواطنة رينا الحاوي، التي قدمت من الدنمارك لزيارة أهلها، إلى أنّ الطلبات تركزت على أدوية الضغط والأعصاب بالإضافة إلى أنواعٍ مختلفة من الفيتامينات للكبار والصغار، كما الزنك ومسكّنات الآلام، إمّا خوفاً من انقطاعها في لبنان أو لعدم وجودها فعلاً في أكثر من صيدلية. وتقول لـ "العربي الجديد": "باعتبار أن القدرة الشرائية ضعيفة في لبنان، والأسعار مرتفعة بشكلٍ كبير، فقد بادرتُ إلى شراء أحذية ومعاطف شتوية للأطفال، علّها تسدّ بعض احتياجاتهم".

من جهتها، تشرح منى مازح، الطالبة اللبنانية الحائزة على منحة جامعية في إيطاليا، لـ"العربي الجديد"، كيف أنّها ومنذ بدء الأزمة في لبنان، تحرص على التقشف وتوفير المبلغ المالي الذي توفّره لها المنحة، خصوصاً أن أهلها عاجزون عن توفير أي مبلغ من المال لها. وتسعى إلى جلب مبلغٍ بسيط من المال لذويها.
وتقول: "والدي يحتاج إلى دواء مسيّل للدم لم يعد متوفراً في لبنان، علماً أنّه صناعة لبنانية. المرة الأخيرة التي أتيت فيها إلى لبنان، اشتريته من الصيدلية في تركيا. أما اليوم، سأشتريه من إيطاليا، كوني لا أعلم بعد إن كانت رحلتي ستكون مباشرة إلى لبنان أم عبر تركيا". وتشير مازح إلى أنّها كانت تشتري الشوكولاته لأهلها بشكل دائم، "أمّا اليوم، فسأشتري بعض الأجبان والأصناف الضرورية".

المساهمون