وصلت إلى العاصمة تونس، مساء أمس الخميس، مسيرة تضمّ 12 امرأة وثلاثة رجال خرجوا من مدينة أمّ العرائس في محافظة قفصة جنوب غربي تونس في 12 أغسطس/ آب الجاري، وقطعوا على أقدامهم 540 كيلومتراً.
وعلى الرغم من حرارة الطقس ومصاعب الطريق، فإنّ هؤلاء النسوة أصررنَ على بلوغ العاصمة من أجل إيصال أصواتهنّ ومعاناتهنّ إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد والمطالبة بتشغيل أبنائهنّ، علماً أنّ رحلتهنّ لم تكن سهلة إذ أغمي على عدد منهنّ وسالت الدماء من أقدام أخريات.
عيشة السعيدي البالغة من العمر 55 عاماً واحدة من هؤلاء، تخبر "العربي الجديد" أنّ "الرحلة كانت مضنية، وعلى الرغم من ذلك لم يُسمح لنا بمقابلة الرئيس قيس سعيّد. لكنّنا تلقينا وعوداً بلقائه ونقلتنا حافلة رئاسية إلى دار الشباب المرسى". وتلفت عيشة إلى أنّ "نعالنا تمزّقت من كثرة المشي، وقد تعاطف معنا بعض المارة من خلال تقديم الماء لنا"، مضيفة: "وقد نمنا في العراء. فهدفنا كان الوصول إلى العاصمة". وتتابع عيشة أنّ "إحدانا أصيبت بكسر، فيما أغمي على أخريات. وكدنا نستسلم في لحظات من شدّة التعب لكنّنا واصلنا رحلتنا".
وتشدّد عيشة على أنّ "مطلبنا الرئيسي هو تشغيل أبنائنا. فقد مرّت 10 أعوام على الثورة والأوضاع في أمّ العرايس تسوء"، موضحة أنّ "من بيننا الأرملة والمطلقة ومن لديها أربعة أبناء من دون شغل ومن تتكفّل بشخص ذي إعاقة ومريض. بالتالي فنحن بمعظمنا من صاحبات الأوضاع الاجتماعية الصعبة".
وعن حالها تقول عيشة: "لديّ أربعة أبناء عاطلين عن العمل، وزوجي يعاني من إعاقة، وأملي هو توفير فرصة عمل ولو لواحد منهم"، مؤكدة أنّهم "بمعظمهم يحملون شهادات أو من أصحاب التكوين، ومنهم من بلغ 35 عاماً ولم يسبق له أن عمل من قبل". وتشير عيشة إلى أنّ "الدماء سالت من قدمَيّ، لكن مهما ساء وضعهما فلن يكون أشدّ سوءاً من التهميش الذي نعانيه في معتمديات قفصة".
من جهتها، تقول وريدة السعيدي البالغة من العمر 56 عاماً، وهي مطلقة وأمّ لأربعة أبناء: "لا أشعر بقدمَيّ من فرط التعب. فقد كنّا ننام ساعات قليلة فقط قبل أن نواصل السير فجراً". وتؤكد وريدة لـ"العربي الجديد" أنّ "مطلبنا الأساسي هو تشغيل أبنائنا بعد سنوات من البطالة. وقد سبق لنا أن طالبنا بالأمر نفسه قبل 10 أعوام".
تضيف وريدة: "لديّ أربعة أبناء عاطلين عن العمل وكلّ ما يوردهم لا يتعدّى 180 ديناراً تونسياً (نحو 60 دولاراً أميركياً) كمنحة للعائلات المعوزة". وتلفت وريدة إلى أنّ "القوى الأمنية تعاطفت معنا وأمّنت لنا تنقّلنا من قفصة إلى العاصمة".
حمدي سوالمية، البالغ من العمر 33 عاماً، واحد من الرجال الثلاثة الذين رافقوا هؤلاء النساء في مسيرتهنّ. يقول لـ"العربي الجديد": "نحن في انتظار أن تفي رئاسة الجمهورية بوعدها ونلتقي الرئيس"، مؤكداً بدوره أنّ "الرحلة كانت شاقة، وقد انسحبت منها امرأتان، إحداهما كسرت ساقها والثانية أُغمي عليها، وبالتالي عجزتا عن مواصلة السير. لكنّ بقيّة المجموعة صمدت رغم الصعوبات".
ويوضح حمدي أنّه "يطالب مع الشابَين اللذَين رافقاني بالشغل بعد سنوات من البطالة. فأنا أعيش مع والدتي المقعدة والمريضة وحلمي هو التمكّن من الاهتمام بها وتأمين علاجها". ويختم حمدي: "شاركنا في اعتصامات عديدة منذ عام 2011 وحاولنا إيصال صوتنا بشتى الطرق، لكن من دون جدوى".