تفاعلت أزمة تدفق آلاف المهاجرين من بيلاروسيا عبر بولندا إلى ألمانيا في الوسط السياسي ببرلين، في وقت تتحدث تقارير عن تزايد عدد المعابر الحدودية غير النظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتظهر مقاطع فيديو تصاعد العنف على الحدود البولندية التي تشهد رشق مهاجرين قوات حرس الحدود بحجارة، ومحاولتهم نزع أسلاك شائكة وُضعت أخيراً.
وكان حوالي 50 من المتطرفين اليمينيين الألمان، غالبيتهم من مناطق في ولاية براندنبورغ توجهوا إلى الحدود البولندية "من أجل صدّ المهاجرين القادمين"، ما استدعى تدخل الشرطة التي تعقبتهم واعتقلت بعضهم، وصادرت بخاخات فلفل وحربات ومناجل وهراوات في حوزتهم.
في المقابل، نظم سكان مدينة غوبن مسيرة احتجاجية ضد العنصرية، معلنين تأييدهم لحق الإنسان في اللجوء، ورفضهم ترك المنطقة للنازيين الجدد.
ووسط التطورات الميدانية على الحدود، واستمرار الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في جلب المهاجرين بطريقة مقصودة تلحظ استخدام تأشيرات مزورة لتهريبهم إلى دول في شرق أوروبا ووسطها، من أجل تحقيق هدف الانتقام من العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على بلاده، يتطلع وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر إلى تعزيز حماية حدود بلاده مع بولندا، بعدما رصدت الشرطة أخيراً وصول 6162 مهاجراً من بولندا التي دخلوا إليها من بيلاروسيا، ومعظمهم من العراق وسورية وإيران وأفغانستان وباكستان.
وقال زيهوفر لصحيفة "بيلد": "لا تقبل أي دولة وصول عدد غير محدود من المهاجرين. وكي نتجنب فقدان ثقة السكان يجب أن ننظم هذا الأمر عبر استقبال كمية المهاجرين التي نستطيع استيعابها ونملك قدرة إخضاعها لرقابة، وذلك مع مراعاة المعايير الإنسانية". لكنه دعم أيضاً إجراءات بناء حواجز على الحدود الخارجية مع بيلاروسيا ومراقبة الحدود بانتظام، وقال: "أنا مقتنع بالفكرة السائدة في أوروبا حول الحاجة إلى معرفة من سيأتي إلى بلدنا".
وكان زيهوفر أكد تعزيز قوات حرس الحدود بحوالي 800 عنصر، وأعلن أن تدابير ستتخذ لزيادة التحكم بالمنطقة الحدودية مع بولندا، مستدركاً أنه "في حال لم يهدأ الوضع على الحدود، يجب التفكير باتخاذ خطوات أخرى بالتنسيق مع بولندا والسلطات الإقليمية لولاية براندنبورغ"، علماً أنه اقترح سابقاً تسيير دوريات مشتركة مع الشرطة البولندية على الحدود، كما يحصل مع النمسا، وهو ما ردت وارسو عليه بطريقة غامضة، وفق ما أشارت إليه وكالة الأنباء الألمانية.
والأسبوع الماضي، اتهمت المستشارة أنجيلا ميركل بيلاروسيا بتهريب البشر، وهددت نظام لوكاشينكو بمزيد من العقوبات الاقتصادية. أما رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فرفضت تعريض نظام لوكاشينكو حياة الناس للخطر لأسباب سياسية.
وكان لافتاً اتهام رئيس وزراء ولاية ساكسونيا، مايكل كريتشمر، لوكاشينكو بالقيام بـ "لعبة غدر". ودعا الاتحاد الأوروبي إلى "تجنب الخضوع لابتزاز الدكتاتور البيلاروسي"، معتبراً أن "المنشآت الحدودية المحصنة وسيلة فعالة للسيطرة على اللاجئين على الحدود الخارجية للاتحاد مع بيلاروسيا، ما يعني الحاجة إلى سياج وسوار، حتى في حال لم يصنع هذا الأمر صورة جميلة لنا، فالأهم إثبات قدرة الاتحاد الأوروبي على الدفاع عن نفسه".
في السياق، طالبت صحيفة "تاغس شبيغل" السلطات الألمانية بمعالجة الأزمة من جذورها، عبر إطلاق مفاوضات مع بلدان المنشأ، وفرض عقوبات على شركات الطيران التي تنقل لاجئين إلى بيلاروسيا، في حين أيّدت إعادة المهاجرين وترحيلهم حتى خلال فصل الشتاء، علماً أن الاتحاد الأوروبي يتهم لوكاشينكو بنقل اللاجئين من مناطق الأزمات إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بطريقة منظمة.
أيضاً، نقلت وسائل إعلام عن الرئيس التنفيذي للجمعية الألمانية للمدن والبلديات غيرد لاندسبيرغ قوله، إن "البلديات تتوقع من الحكومة الفيدرالية والاتحاد الأوروبي اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لوقف التدفق غير القانوني للمهاجرين". أما رئيس رابطة المدن الألمانية المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي بوركهارد يونغ فدعا الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الضغط على مينسك.
من جهته، وعد وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشزاك برفع عدد الجنود المكلفين حماية الحدود مع بيلاروسيا من 2500 إلى 10,000، رغم أن حوالي 14,000 جندي وضابط شرطة ينتشرون فعلاً في المنطقة الحدودية مع بيلاروسيا. وتزامن ذلك مع مواصلة وارسو تشييد حاجز لصدّ المهاجرين بطول 400 كيلومتر وبكلفة تناهز 350 مليون يورو (406 ملايين دولار).