البحر الأبيض المتوسط يسجل درجات حرارة قياسية للعام الثاني على التوالي

14 اغسطس 2024
إطلالة على البحر الأبيض المتوسط جنوبي فرنسا، 10 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ارتفاع درجات حرارة البحر الأبيض المتوسط**: وصلت درجات حرارة البحر الأبيض المتوسط إلى مستويات قياسية في 2023، مما يهدد الأسماك والنباتات البحرية ويعزز تكاثر الأنواع الغازية.

- **تأثير التغير المناخي على الأحياء المائية**: منذ الثمانينات، شهدت النظم البيئية البحرية تغييرات جذرية، مع انخفاض التنوع الحيوي وتكاثر الأنواع الغازية، مما يسبب أضراراً لمزارع المحار.

- **التوقعات المستقبلية وتأثيرها على الصيد والمناخ**: ارتفع متوسط حرارة البحر بحوالي 1.2 درجة مئوية على مدى الأربعين سنة الماضية، مما قد يؤدي إلى انقراض أكثر من 20% من الأسماك واللافقاريات وانخفاض دخل الصيد بنسبة تصل إلى 30% بحلول 2050.

للسنة الثانية على التوالي، تصل درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط إلى مستويات قياسية، مما يهدد الأسماك والنباتات البحرية، ويعزز تكاثر الأنواع الغازية ويزيد من حدة الأمطار في منطقة تتأثر بصورة كبيرة بآثار الاحترار المناخي.

وقال الباحث في معهد علوم البحار (ICM) في برشلونة ومعهد caICATMAR جوستينو مارتينيز، إنّ متوسط الحرارة السطحية اليومية للبحر الأبيض المتوسط وصل في 11 أغسطس/ آب إلى 28,67 درجة مئوية، وهو معطى قريب من الرقم القياسي البالغ 28,71 درجة مئوية المسجل في 24 يوليو/ تموز 2023. وتأتي هذه المعطيات الأولية من بيانات أقمار اصطناعية من مرصد كوبرنيكوس الأوروبي يعود تاريخها حتى العام 1982.

حرارة البحر الأبيض المتوسط تسجل أرقاماً قياسية

على مدى فصلي صيف متتاليين، كان البحر الأبيض المتوسط أكثر حرّا مما كان عليه خلال موجة الحرّ غير العادية في صيف 2003، عندما وصل المتوسط اليومي لدرجة حرارة سطح الماء إلى 28,25 درجة مئوية، وهو رقم قياسي سابق دام عشرين عاما.

وقال مارتينيز: "الأمر اللافت اليوم ليس الوصول إلى حد أقصى في يوم معين، بل مراقبة فترة طويلة تشهد درجات الحرارة المرتفعة هذه، حتى من دون تحطيم الرقم القياسي"، مضيفا "منذ عام 2022، كانت درجات الحرارة السطحية مرتفعة بشكل غير اعتيادي لفترة طويلة، حتى عندما نأخذ في الاعتبار مسألة التغير المناخي". ومع ذلك، جرى الوصول هذه السنة إلى المستوى القياسي المُسجّل عام 2023 "متأخراً أسبوعين عن السنة الفائتة، وعادة ما تنخفض درجات حرارة سطح الماء اعتباراً من نهاية أغسطس"، بحسب مارتينيز.

ارتفع متوسط حرارة البحر الأبيض المتوسط بحوالى 1.2 درجة على مدى السنوات الأربعين الفائتة

محلياً، سُجلت مستويات حرارة تزيد عن 30 درجة مئوية على سطح الماء منذ بداية أغسطس، ولا سيما على عوامة قبالة سواحل موناكو، وأخرى في كورسيكا، وحتى قرب فالنسيا في إسبانيا. وعنونت صحيفة "لا ريبوبليكا" اليومية الثلاثاء: "البحر يغلي في كامبانيا".

ومنطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعرضت في يوليو، كما حدث في العام 2023، لموجات حرّ وحرائق غابات واسعة في اليونان، صنّفتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة، منذ مدة طويلة، على أنها "نقطة ساخنة" للتغير المناخي.

التغير المناخي يؤثر على الأحياء المائية

وقالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي: "منذ ثمانينات القرن العشرين، حدث تغيير جذري في النظم البيئية البحرية في البحر الأبيض المتوسط، مع انخفاض التنوع الحيوي وتكاثر الأنواع الغازية".

وخلال موجات الحر البحرية بين عامي 2015 و2019 في البحر الأبيض المتوسط، شهد نحو خمسين نوعاً (الشعاب المرجانية، وقنافذ البحر، والرخويات، وذوات الصدفتين، ونبتة بوسيدون...) نفوقا هائلا بين السطح وعلى عمق 45 متراً، بحسب دراسة نُشرت في يوليو 2022 في مجلة "غلوبال تشانج بايولودجي".

وتستفيد من ارتفاع درجات الحرارة الأنواع الاستوائية مثل السرطان الأزرق الذي يدمّر مزارع المحار في دلتا نهر البو في شمال إيطاليا. وفي صقلية وكالابريا، يلاحظ الصيادون في شباكهم زيادة في كميات الأسماك التي يلتهم أجزاء منها نوع مفترس من الديدان يفضّل المياه الساخنة.

وقد ارتفع متوسط حرارة البحر الأبيض المتوسط بحوالى 1.2 درجة على مدى السنوات الأربعين الفائتة، بحسب الخبير في الأنواع الغازية فيدريكو بيتي. 

وفي سيناريو ارتفاع حرارة الأرض بما يزيد عن 1.5 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة، فإن أكثر من 20% من الأسماك واللافقاريات المستغلة في شرق البحر الأبيض المتوسط قد تنقرض محلياً بحلول عام 2060، وقد ينخفض دخل صيد الأسماك بنسبة تصل إلى 30% بحلول 2050، على ما تحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. في المتوسط، يُعدّ العالم أكثر حرّا بنحو 1.2 درجة مئوية. 

وفي نيس، ارتفعت حرارة المياه 3 أو 4 درجات فوق المعدل الاعتيادي منذ 15 يوليو، مما يمنع الهواء من البرودة ليلاً، ويجعل السكان منهكين بين يومين حارّين في كثير من الأحيان.

وبحسب هيئة ميتيو فرانس للأرصاد الجوية، "إنّ درجة الحرارة المرتفعة بشكل استثنائي للبحر الأبيض المتوسط في الخريف قد تجعل الأمطار أكثر كثافة من خلال جعل الغلاف الجوي يخزّن المزيد من الرطوبة وهو يتّجه نحو السواحل"، ولكن من دون التسبب بتسجيل أمطار مدمّرة.

(فرانس برس)

المساهمون