كانت مدن حضرموت، وعدن، وأبين، والضالع، ولحج (جنوب)، ومأرب، وتعز (شمال)، عُرضة لموجة أمطار غزيرة خلال الأيام الأخيرة من إبريل/ نيسان ومطلع مايو/ أيار، أسفرت عن سيول وفيضانات ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية، ودمرت عدداً من المنازل ومراكز إيواء النازحين في اليمن.
لم تعرف شبكات الطرق المتهالكة أي صيانة منذ بدء النزاع اليمني، والذي عرضها إلى مزيد من الدمار، ما أدى إلى تقطيع أوصال المدن والبلدات التي تعاني بالفعل من حصار عسكري، لتتفاقم الأوضاع الإنسانية، وهو ما سينغص فرحة اليمنيين بعيد الفطر، ويجعلهم محاصرين في قراهم خشية جرف السيول لمركباتهم.
ومع تضرر أكثر من 22 ألف نسمة بسبب الأمطار الأخيرة، يبدو أن المعاناة ستتواصل على مدار العام، إذ توقع مركز الأرصاد اليمني أن يمتد موسم الأمطار حتى شهر أغسطس/ آب القادم، محذراً من فيضانات في مجاري السيول. وسجلت محطات الرصد معدلات مرتفعة لكميات الأمطار التي هطلت خلال الأيام الماضية، وتفاوتت النسبة في بعض المحافظات من 8 ملم وصولاً إلى 43 ملم، فضلاً عن عدم شمول عدد من المناطق الجبلية والصحراوية بالرصد الجوي.
وقال المتخصص بالأرصاد الجوية جميل الحاج إن "الأمطار ستتواصل في اليمن طيلة النصف الأول من مايو الجاري، وإن التوقعات تشير إلى إمكانية حدوث حالة مدارية في بحر العرب، وربما تتطور إلى إعصار".
ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، مساء الثلاثاء الماضي، فقد بدت محافظة عدن هي الأكثر تضرراً من السيول، حيث تأثرت 1067 أسرة نازحة في مديريات دار سعد، والمعلا، والبريقة. وفي محافظة لحج القريبة، تضررت 679 أسرة نازحة، وباتت كل تلك الأسر بحاجة إلى الغذاء والمأوى والمساعدة في الوصول إلى المياه والصرف الصحي بعدما دمرت الأمطار مساكنهم.
أما محافظة أبين، فكانت ثالث المدن الجنوبية تضرراً، حيث داهمت السيول مساكن 638 أسرة في مدينتي خنفر، وزنجبار، فضلاً عن إغلاق الطرق الرئيسية في منطقتي أحور والمحفد، التي تربط أبين بشبوة. وفي الضالع، تضررت 183 أسرة نازحة.
في محافظة حضرموت، هددت الأمطار الغزيرة والسيول التي خلفتها واحدة من أهم مدن العمارة الإسلامية التاريخية في "تريم"، وقال مصدر محلي لـ"العربي الجديد"، إن الحصيلة الأولية تشير إلى تعرض 20 منزلاً لانهيار كلي أو جزئي، فضلاً عن مصرع 5 مدنيين، هم 3 رجال وامرأة وطفلة، فيما تم إجلاء سكان المناطق المنكوبة في مدينة تريم إلى مدرسة عيديد للبنين.
أما محافظة مأرب، التي تضم أكبر تجمع للنازحين على مستوى اليمن، وتشهد أطرافها الغربية هجمات للحوثيين، فلم تسلم من الفيضانات، حيث تضررت 130 أسرة، وباتت بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة. في تعز، تضررت 357 أسرة، كما تعرضت الطرق الرئيسية التي تربط مدينة تعز بمدينة عدن، وكذلك الطرق الجبلية الفرعية التي تصل إلى منطقة الحوبان، إلى أضرار بالغة، وانقطع الشريان الوحيد في منطقتي هيجة العبد والأقروض أمام المسافرين ليوم كامل، وفقاً لأحمد الصبري، وهو سائق مركبة أجرة لنقل المسافرين.
وقال الصبري لـ"العربي الجديد"، إن "طريق الأقروض الجبلي الذي يعد الشريان الرئيسي لنقل المدنيين في ظل الحصار الحوثي، وقطع الطرق الإسفلتية، تحول إلى طريق خطر يهدد حياة آلاف المسافرين، إذ يتم المرور عبر أودية أغرقتها السيول، فيما سقطت صخور ضخمة على عدد من السيارات".
ورغم التحذيرات الرسمية من المرور عبر الوديان ومجاري السيول، إلا أن مئات السائقين يغامرون من أجل نقل المسافرين خشية انقطاع مصدر رزقهم، وخصوصاً قبيل حلول عيد الفطر.
ووفقاً لتقرير أممي اطلعت عليه "العربي الجديد"، يعكف شركاء العمل الإنساني على "تفعيل خطة التأهب للفيضانات" على الصعيد المحلي، ويقومون بحشد الجهود لتكثيف الاستجابة في المناطق التي يمكن الوصول إليها، وخصوصاً في تصريف المياه من الطرق الرئيسية لتسهيل الحركة، وتنفيذ حملات الرش لمنع تكاثر البعوض، وخصوصاً في مدينة عدن. كما قامت منظمات إنسانية بتوزيع 300 سلة غذائية، ومجموعة من مواد الإيواء على المتضررين في سيئون، ونقلت نازحين إلى مناطق مرتفعة بعيدة عن مجاري السيول في إب. أما في مأرب، فتمكنت منظمات إغاثية من الوصول إلى 212 أسرة، وقدمت مساعدات نقدية تكفي لشهر واحد.
وأعلنت السلطات في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً، ومناطق جماعة الحوثي، عن خطط طوارئ تشمل توسعة مجاري السيول، وتنظيفها، وردم الحفر، لكن هناك مخاوف كبيرة بسبب توسع البناء العشوائي في مجاري السيول.