"المحبة".. مطعم يقدّم وجبات الإفطار لمئات المحتاجين في تونس
حياة مبروك
ترتسم على وجوه فريق مطعم "المحبة" في تونس ابتسامة عريضة بينما يحضرون وجبات إفطار لمئات من فاقدي المأوى والمهاجرين بلا دخل وذوي الدخل المحدود خلال شهر رمضان.
قبل موعد الإفطار بساعات قليلة، يبدأ فريق العمل في إعداد الطعام لمئات المحتاجين الذين باتوا ينتظرون كل يوم للظفر بما تجود به أياديهم من وجبات مختلفة تسكت جوعهم.
على حب العمل الخيري التقى شبان وشابات "المحبة"، إذ بدأوا إطعام الفقراء منذ سنوات، لكن غياب مكان يجمعهم كان عائقاً أمام ذلك.
تقول هبة شاهد، وهي صاحبة المبادرة، لـ"العربي الجديد": "منذ سنة 2014 بدأنا بتوزيع وجبات على فاقدي المأوى وكان كل منا يعد عدداً منها بمفرده ونجتمع لتوزيعها، لكن الأمر لم يكن هيناً، ومن حسن حظنا أنّ هناك من تطوع وقدّم لنا مطعماً مجهزاً بجميع لوازم الطبخ أطلقنا عليه اسم مطعم المحبة".
المطعم قُسّم إلى قسمين؛ خصص الأول للطبخ والثاني لتعليب الوجبات وترتيبها حسب الطلب والمستفيدين الذين يقارب عددهم 400 شخص؛ ثمانون منهم يعيشون في الشوارع، والبقية يتوزعون بين مهاجرين وذوي دخل محدود.
تمر الوجبات بعدة مراحل لتصل إلى أصحابها، فبعد الطهي تنقل من المطبخ في أوانيها لتبقى ساخنة، ثم توضع في علب عند اقتراب موعد الإفطار بسرعة فائقة من فريق العمل المتطوع، فكل واحد منهم يعمل دون حساب لجهد أو وقت.
تقول شاهد إنه بعد تعليب الطعام ووضعه في أكياس خاصة مع أدوات الأكل اللازمة، ينقله فريق المطعم إلى سياراته التي تصطف أمام أبوابه، ثم تبدأ الرحلة بين الشوارع والأزقة حيث يعيش الأشخاص فاقدو السند والمأوى والمهاجرون.
يعكف الطباخ عرفة تويتي على إعداد الوجبات داخل مطبخ المطعم، ورغم حرارة الجو وساعات الصيام الطويلة، يبدو ممتناً لإسعاد المحتاجين، ويقول لـ"العربي الجديد: "أنا أعمل هنا منذ أن افتتح المطعم تطوعاً، أحضر كل يوم بعد إنهاء عملي لأطبخ لمئات المحتاجين الذين ينتظرون وجباتي بفارغ الصبر، وأنا سعيد بإسعادهم".
تتنوع الوجبات التي يطبخها عرفة وتختلف حسب الموسم ورغبات آكليها، ففي شهر رمضان يطهو مختلف المأكولات التي يحبذها التونسيون، على غرار الحساء والبريك، فضلاً عن أنواع مختلفة من الأطباق الشعبية، مثل الكسكسي والمكرونة وغيرها.
لا تقتصر مجهودات فريق مطعم المحبة على تقديم الوجبات للمحتاجين فقط، بل أصبحت تربطهم علاقة إنسانية جيدة معهم، فهم يعرفون قصة كل واحد منهم ويستمعون إلى مشاكلهم.
يقول نزار خذاري، وهو أحد المشرفين على المطعم، لـ"العربي الجديد": "نحن على تواصل يومي معهم وهم يفتقدون أحدنا إن غاب مثلاً ويلحّون في السؤال عنه".
يحاول أعضاء الفريق توسعة عملهم التطوعي وعدم الاقتصار على تقديم الوجبات، إذ أصبحوا يدرسون جميع حالات فاقدي المأوى والسند، ويعملون على استخراج وثائق رسمية لهم كبطاقات الهوية لتسهيل ذهابهم إلى المراكز الصحية وغيرها.
لاقت مبادرة هبة شاهد ورفاقها ترحيباً من وزارة الشؤون الاجتماعية التي تعاونت معهم لتوفير فريق إسعاف يضم طبيباً وعدداً من الممرضين ومرشداً اجتماعياً. ويشيد فريق المطعم بالآثار الإيجابية للعمل التطوعي، لا سيما لناحية تقريبهم من أناس لهم ظروف مغايرة، وتقول صاحبة المبادرة: "نريد تغيير نظرة الجميع بشأنهم والتخفيف من وطأة قسوة الحياة عليهم".