أنهت وزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس جدالاً أثار امتعاض كثيرين حول موعد بدء العام الدراسي في ليبيا، وأكدت في بيان أن موعد بدء العام الدراسي الجديد لجميع مراحل التعليم الأساسي والثانوي سيكون في الثالث من سبتمبر/ أيلول أي غداً الأحد، وفق قرار وزير التربية والتعليم رقم 1046 لعام 2023.
جاء ذلك بعدما انتشرت قبل أيام أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي عن إمكان تأجيل بدء العام الدراسي من الموعد الذي حددته الوزارة إلى منتصف سبتمبر/ أيلول المقبل.
وفيما شددت الوزارة على ضرورة تحرّي الدقة في الحصول على معلومات ونقلها من صفحتها الرسمية، عزا المفتش التربوي جمعة القرقوطي التساؤل حول بداية العام الدراسي إلى أسباب عدة، بينها أن الليبيين باتوا غير معتادين على بدايات مبكرة، خصوصاً أن ملامح فصل الخريف لم تظهر في ظل استمرار حرارة وأجواء الصيف، لذا لم يهتم كثيرون بالإعداد للموسم الدراسي".
وتحدث القرقوطي عن أن عودة المعلمين من عطلتهم السنوية تتزامن مع أزمة مستجدة غير متوقعة على صعيد مساعي التطبيع السرية مع إسرائيل التي كشفت أخيراً، وتزامنت مع احتجاجات وأعمال عنف وإغلاق طرقات وتقاطعات. وقال: "تجدد الاحتجاجات وتصاعد الأزمة في المرحلة التالية قد "يعيق وصول المعلمين والموظفين والتلاميذ إلى المدارس، ويعرضهم لمخاطر".
وقالت المعلمة في المرحلة الإعدادية لـ"العربي الجديد" ابتسام بن سعود: "تعني الدراسة تحريك 650 ألف شخص يشكلون كل كوادر وزارة التربية والتعليم من معلمين وموظفين، مع كل ما يحتاجون من مصاريف ونفقات، إضافة إلى نحو مليوني تلميذ مصحوبين بكل لوازم الدراسة من حقائب وكراسات وقرطاسية وملابس وأحذية وطعام ومواصلات، ما يعني الكثير من المال، في وقت تأخرت صرف المرتبات".
وسأل أحد أعضاء مجموعة "تنسيقية معلمي حي الأندلس" على "فيسبوك" عن مدى استعداد الأسر للعام الدراسي، وقال: "تتمثل المشكلة في أن الذهنية العامة الدائمة تفصل المعلم عن معاناة ولي الأمر، فمعاناة المعلم مزدوجة إذ يجب أن يستعد نفسياً للعودة إلى المدرسة ويحفّز قدراته، وكونه ولي أمر لديه أطفال يدرسون عليه أيضاً الذهاب إلى السوق واصطحاب أطفاله لشراء ما يلزمهم لبداية العام الدراسي".
ورصد "العربي الجديد" ردود فعل أعضاء في المجموعة قالت نسبة 83 في المائة منهم أنهم غير مستعدين للدراسة في الموعد المحدد، في مقابل تأكيد 34 في المائة جهوزيتهم وحماستهم لهذا الأمر. أما بعض الرافضين فلوحوا إلى تنظيم اعتصام عن الدراسة، وهو ما حدث سابقاً، ضد تأخر الوزارة في إنهاء إجراءات مالية خاصة بهم، مثل ملف الفروقات المالية الذي ينتظر المعلمون حسمه منذ فترة من دون أن يتحقق ذلك رغم إطلاق وعود كثيرة بفعل ذلك سابقاً.
في المقابل، يرى المطالبون ببدء العام الدراسي في موعده، وفق التعليقات، أن "هذا الأمر سيسمح بإنهاء التدريس قبل حلول صيف العام المقبل، وتفادي الدراسة خلال شهر رمضان، وهو ما حصل الموسم الماضي حين أمضى التلاميذ والمعلمين 3 أسابيع من الدراسة في ظروف صيام قاسية استناداً إلى أجواء ليبيا الحارة.
وتطرح نسبة 83 في المائة من غير المستعدين لإطلاق عجلة التعليم حالياً أسئلة حول الشكل المتوقع للتحصيل العلمي في الأسابيع الأولى على الأقل.
وفي السابق، اعتادت مدارس ليبية كثيرة على تنظيم أسبوع مفتوح مع انطلاق الموسم، وهذا ما قد تفعله بعضها وفق توقعات بن سعود التي تسأل: "ما دامت الحكومة مصرّة على تحديد سبتمبر/ أيلول موعداً نهائياً لبدء الدراسة، لماذا لم تسرع في صرف مرتبات أغسطس/ آب؟".
من جهته، أكد مدير مركز المناهج في وزارة التربية والتعليم، كمال الويبة، أن "الأسبوع الأول من الدراسة سيخصص للنشاط المدرسي، في حين ستبدأ الدروس الفعلية في 10 سبتمبر/ أيلول".
وصباح الثلاثاء، أعلنت وزارة المالية عبر صفحتها على "فيسبوك" أنها سلمت أذونات صرف مرتبات أغسطس/ آب إلى مصرف ليبيا المركزي، لكن أحد أولياء الأمور عمرو الميلادي، قال لـ"العربي" الجديد إن "الأمر مجرد إيهام للرأي العام، لأنه لا يعني صرف الرواتب مباشرة، إذ يجب أن ننتظر إجراءات البنك المركزي".
وبحسب الميلادي أبدى الكثير من أولياء الأمور انزعاجهم من استغلال التجار موعد بدء الدراسة لرفع أسعار الوازم المدرسة والزي المدرسي الذي تتراوح أسعاره بين 80 و120 ديناراً، بحسب الجودة أو المرحلة الدراسية.
وتعتمد المدارس الليبية ألواناً مختلفة للإناث، حسب المرحلة الدراسية، حيث ترتدي فتيات المرحلة المتوسطة مريولاً أزرق، ورمادي في المرحلة الثانوية، ويتم تمييز كل مستوى دراسي بألوان أخرى وأوشحة رأس يفترض وضعها بدءاً من الصف الرابع الابتدائي. أما الأولاد فيرتدون سراويل زرقاء وقمصاناً بيضاء.
وتفرض عودة التلاميذ والمدرسين من العطلة الصيفية معاً معضلة أخرى تتعلق بمدى استعداد المدارس لاستقبال الجميع، خاصة أن غالبية الفصول الدراسية يعلوها غبار تراكم خلال صيف كامل، كما أفاد أحمد بكار، أحد مالكي مدرسة الجوهرة للتعليم الخاص.
وقال بكار لـ "العربي الجديد": "بالنسبة إلينا تتوفر إمكانات إعداد مدارسنا لاستقبال التلاميذ.، وفي ظل الغياب شبه التام للدولة عن تنظيف المدراس الحكومية، اعتاد أعضاء هيئة التدريس على التعاون في تنظيف الفصول والممرات قبل عودة التلاميذ، ثم تقاسم الجهد التربوي والمالي حتى عودة التلاميذ الذين يشاركون عند رجوعهم في تنظيف ساحات المدرسة الخارجية كجزء من نشاط الأسبوع الأول المفتوح. أما الآن سيعود المعلمون من إجازاتهم السنوية والفصول على حالها، فأين سيجلس التلاميذ والمدارس ما تزال غير جاهزة، ويملأها الغبار؟".