قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، الثلاثاء، حبس 14 من المتقدمين لمسابقة تعيين 30 ألف معلم بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات مئات من المعلمين أمام مقر وزارة التربية والتعليم في العاصمة الإدارية الجديدة، أمس الاثنين، اعتراضاً على استبعاد نحو 14 ألف معلم من التعيين في المسابقة، رغم اجتيازهم كل الاختبارات التربوية والتعليمية اللازمة لشغل الوظيفة.
وأعرب رئيس حزب المصري الديمقراطي، المرشح الرئاسي فريد زهران، عن استيائه ورفضه الشديد لما جرى من فض اعتصام المعلمين والمعلمات بالقوة أمام مقر الوزارة، والذي جاء رداً على استبعاد أكثر من 14 ألف معلم من التعيين في مسابقة الوزارة، بعد خضوعهم لما يُعرف بـ"كشف الهيئة" داخل الأكاديمية العسكرية بمقر الكلية الحربية.
وقال زهران، في بيان، إن "أزمة المعلمين هي نموذج لسوء الإدارة، الذي آن الأوان لأن ينتهي مع قرب الانتخابات الرئاسية"، موضحاً أن اعتصام المعلمين عكس رغبتهم في التعيين بالوزارة بعد استبعادهم، وعدم تحاور أي مسؤول معهم.
وأضاف أن الحكومة واجهت المعلمين المحتجين بالضرب والاعتداء والرش بالمياه، فضلاً عن "إلقاء القبض على عدد منهم، ما يمثل نموذجاً صارخاً على منهج الحلول الأمنية الذي تتبناه السلطة الحاكمة"، مستدركاً بأن الأزمة "بدأت مبكراً منذ أن توالت عمليات التحايل على تخصيص النسب الدستورية لقطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي طوال السنوات الماضية، وتراجعت أولوية الإنفاق على الكادر البشري من المعلمين لمصلحة الإنفاق على مشروعات أخرى للبنية التحتية".
وأكمل زهران أن وزارة التربية والتعليم تشهد عجزاً في أعداد المعلمين يتجاوز 150 ألف معلم، علاوة على التدني في الأجور الذي يعاني منه المعلمون في الأساس، بينما "لم تقدم الحكومة سوى أفكار غير فعالة لحل الأزمة، مثل التعيين بنظام الحصة أو التعليم عن طريق "التابلت"، وهي كلها مسارات لم تثبت نجاحاً في مصر".
وزاد قائلاً إن "الجميع فوجئ بمسارات غير منطقية لإجراءات الاختبار والتعيين للمعلمين، يتعلق جزء منها باختبارات لياقة طبية تشرف عليها الأكاديمية العسكرية، والتي استندت إليها الأخيرة في استبعاد أصحاب الوزن الزائد والسيدات الحوامل، من دون أي مراعاة للكفاءة العلمية أو التربوية أو النفسية".
وطالب زهران السلطات بـ"الإفراج الفوري عن أي معلم ألقي القبض عليه خلال اليومين الماضيين، حتى لا يدخل المعلمون في دوامة الحبس الاحتياطي المطول، باعتبار ذلك الحد الأدنى الذي يقبله في علاج هذه الأزمة، خاصة أن المعلمين أصحاب مهنة راقية، ويُنتظر منها الكثير في تربية الأجيال، ومن ثم لا يليق القبض عليهم، أو الاعتداء عليهم بالضرب"، على حد تعبيره.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت عن تعيين 30 ألف معلم سنوياً لمدة 5 سنوات، براتب شامل لا يجاوز 3800 جنيه شهرياً (نحو 122 دولاراً)، من أجل سد العجز الحاصل في أعداد المعلمين بالمدارس في مختلف مراحل التعليم الأساسي.
من جهته، قدم عضو مجلس النواب ضياء الدين داوود بياناً عاجلاً إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير التربية والتعليم رضا حجازي، أكد فيه أن "الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة (حكومي) أخطر البرلمان باجتياز 28 ألف معلم لاختبارات التعيين من الدفعة الأولى، ثم فوجئ الجميع بإسناد الوزارة كشف الهيئة للمعلمين إلى الأكاديمية العسكرية، واستبعادها 14 ألفاً منهم بحجة زيادة الوزن أو الحمل للسيدات".
وبات الجيش المصري مسؤولاً عن تدريب واختبار كل المتقدمين للوظائف العامة في الجهاز الإداري، وإخضاعهم لدورات حول "مقتضيات الأمن القومي"، بناءً على تعليمات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويبدو أن ذلك يأتي بهدف التأكد من ميولهم السياسية تجاه السلطة الحاكمة، وعدم تسرب أي معارضين لها في جهاز الدولة الإداري.