سورية: سقوط أطفال من ألعاب العيد وسط غياب وسائل الرقابة والحماية
هاديا المنصور
ليث أبي نادر
- تم اتخاذ إجراءات لتحسين السلامة بتحديد 56 موقعًا للعب في دمشق، حظر الألعاب الخطيرة، ومنع بيع الألعاب النارية، لكن تبقى تحديات بسبب الألعاب العشوائية والتقليدية.
- الأهالي يطالبون بتحسين الأمان في مساحات اللعب ويواجهون صعوبات في إيجاد أماكن آمنة، بينما ينصح الدفاع المدني بمرافقة الأطفال واختيار الألعاب المناسبة لتجنب الإصابات.
لم يمرّ عيد الفطر بسلام على أطفال العديد من المناطق في سورية، وباتت فرحتهم منقوصة، جراء تعرّضهم لحوادث سقوط من ألعاب عشوائية تفتقر إلى الرقابة ووسائل الحماية، وسط مطالبات بتشديد المراقبة وتوفير فضاءات مناسبة وآمنة للصغار.
وأكد مصدر مطلع في مديرية الصحة بدمشق لـ"العربي الجديد"، تسجيل ما يزيد على 45 إصابة بين الأطفال في المحافظة، وأكثر من 6 إصابات في إدلب شمال غربيّ سورية، إثر سقوطهم عن الأراجيح أو من أماكن لعب مرتفعة في اليومين الأولين للعيد، فيما سجلت بعض الإصابات الطفيفة في الوجه والأيدي نتيجة اللعب بمسدسات الخرز ومدافع الكاربير في ريف المحافظة.
وأوضح المصدر ذاته أن مشفى المجتهد صرّح باستقبال 14 حالة سقوط عن الأراجيح لأطفال من مدينة دمشق وضواحيها في اليوم الأول من العيد، فيما سجل اليوم الثاني استقبال 18 حالة مشابهة بالتفاصيل والظروف، ورصد "العربي الجديد" ست حالات في إدلب، دون التبليغ عنها، وفق الدفاع المدني ومديرية الصحة.
وبيّن المصدر أن الحالات التي استُقبِلَت، راوحت إصاباتها بين الكسور العميقة والرضوض والتواء المعاصم والكواحل، مشيراً إلى أنها خضعت للعلاج اللازم. فيما استقبل مستشفى المواساة في دمشق 13 حالة لأطفال سقطوا من أماكن وألعاب مرتفعة، لم ينجم عنها أي إصابات خطيرة، واقتصرت على خدوش وجروح طفيفة.
وصرّحت بعض النقاط الصحية في محافظة دمشق وريفها عن استقبال حالات لأطفال أصيبوا إصابات طفيفة جداً في أثناء اللعب بمسدسات الخرز ومدافع الكاربير المصنوعة من البلاستيك، والتي لم تتعدّ الجروح السطحية والحروق البسيطة جداً في الأيدي. ونفت استقبال أي حالة وفاة، أو إصابات بألعاب نارية، كما أشيع على بعض الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
عضو لجان الأحياء في دمشق، أحمد الوافي، قال لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنه "تم تحديد 56 موقعاً لساحات العيد ضمن محافظة دمشق، وكذلك نوع الألعاب الموجودة فيها، وأرسلت لجان للوقوف على مواصفاتها من حيث المتانة والارتفاع وقدرتها الاستيعابية وظروف السلامة، والتعرفة، وتم تكليف لجان رقابية من الأحياء يرأسها المخاتير".
وأوضح الوافي أن كثيراً من الألعاب حُظِرَت بناءً على خطورتها المحتملة، كلعبة "الديسكو"، وهي عبارة عن منصة دائرية مرتبطة بمحرك كهربائي تلتفّ بسرعة عالية، ولعبة "قطار الفرح" التي تجرّها دراجة نارية. وأشار أيضاً إلى صدور تعليمات شفوية بمنع بيع الألعاب النارية وتداولها، حفاظاً على سلامة الأطفال، تحت طائلة السجن والغرامة لكل من يبيعها أو يروّجها بين الأطفال.
من جانبها، لم تستطع مريم الكريد (38 عاماً) منع أطفالها من الانطلاق واللعب في إحدى حدائق الألعاب العشوائية التي بُنيت على عجل بالقرب من مكان سكنهم في مدينة إدلب في مساحات وعرة وغير مؤهلة وتحمل المخاطر للأطفال، ولا سيما أنها ألعاب تقليدية قديمة تفتقد عوامل الأمان.
تقول مريم التي وقع ما كانت تخشاه لابنها البالغ من العمر ثماني سنوات بكسر في ساقه اليسرى مع أول أيام عيد الفطر، إنّ "الأراجيح قديمة ومتهالكة، ومع ذلك توجه الأولاد إليها لرخص ثمنها مقارنة بالملاهي والألعاب الكهربائية، حيث وصل سعر البطاقة في الملاهي الجديدة إلى خمس ليرات تركية وتحتاج لأكثر من بطاقتين للطفل الواحد، بينما تبلغ أجرة الركوب في الأراجيح القديمة ليرتين فقط".
وتضيف لـ"العربي الجديد": "حُرم ولدي فرحة العيد مع ساعاته الأولى ليكون طريح الفراش بقية أيامه، ولا يسعني فعل شيء، إذ لا قوانين ولا ضوابط ولا مقومات للسلامة تمنع حدوث مثل تلك الحوادث هنا، والطفل هو المسؤول عن سلامته وعمّا يحدث له". وطالبت المسؤولين بضرورة الاهتمام بتفقد مثل تلك الساحات الشعبية والألعاب والملاهي قبل فترة العيد وتنفيذ أعمال الصيانة لها والتأكد من متانتها تجنباً لخطرها على الأطفال في العيد.
الحال ذاته حدث للطفلة روعة القناديلي البالغة من العمر عشر سنوات حين سقطت من الأرجوحة الحديدية (مؤلفة من مقعدين متقابلين تتسع لأربعة أطفال) بعد أن فصلت عن بعضها في أثناء لعبها فيها مع أخريات، ما سبّب لها جروحاً ورضوضاً. تقول روعة إنها اختارت اللعب في تلك الأرجوحة لقربها من مكان سكنها على أطراف مدينة معرة مصرين شماليّ محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ولكنها لم تكن تعلم أنها خطرة وتفتقد الصلابة، خصوصاً أن مالكها كان يستقبل فيها عدداً كبيراً من الأطفال في آن واحد، وصل إلى أكثر من عشرة أطفال، نظراً للازدحام على تلك اللعبة من أطفال الحيّ، وهو ما أدى إلى تحطمها.
من جهته، أفاد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بأنه لم يتلقّ أي تبليغ عن حوادث مشابهة هذا العام، غير أنه يرجح حصولها خلال فترة الأعياد، وخصوصاً حين يكون الطقس مشمساً وربيعياً حين يزداد إقبال الأطفال على الألعاب والأراجيح، فتحدث حالات تدافع وسقوط جراء الازدحام الشديد وإصابات قد تكون طفيفة أو تصل إلى حالات الكسور في بعض الأحيان، وهي حالات يمكن أن يخبر بها الأطفال ذويهم أو يكتمونها في الكثير من الأحيان، ما يسبب تفاقم وضع الإصابة الطفيفة إلى خطيرة، وفق ما قاله المتطوع في "الخوذ البيضاء" حميد قطيني لـ"العربي الجديد".
وينصح قطيني الأهالي بضرورة مرافقة أطفالهم إلى الملاهي ومراقبتهم من كثب واختيار الألعاب المناسبة لعمر الطفل، مشدداً على أهمية وجود وسائل الحماية والوقاية من الإصابة في أرضية الملاهي وتوفير حقيبة إسعافات أولية في كل واحدة منها، وضرورة إبلاغ فرق الدفاع المدني أو أي منظومة طبية وإسعافية قريبة من المكان. وأشار إلى رفع فرق الدفاع المدني الجاهزية بشكل دائم والاستعداد للاستجابة لأي طارئ، بالإضافة إلى تأمين مساحات آمنة للعب الأطفال، في عدد من المخيمات والمدن والبلدات، حيث نفذت فرقهم أنشطة للأطفال في هذه المساحات.