"ظننت أنّها مكان آمن".. فلسطيني يفقد 3 أبناء في قصف إسرائيلي على كنيسة بغزة

20 أكتوبر 2023
هذا هو الدمار الذي خلفه قصف إسرائيلي على مجمّع كنيسة القديس برفيريوس (داوود نمر/فرانس برس)
+ الخط -

عندما ترك رامز الصوري منزله ولجأ إلى كنيسة القديس برفيريوس في مدينة غزة، ظنّ أنّه في مأمن من القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة المحاصر وأنّه سوف يكون هناك قادراً على حماية عائلته.

وكما الصوري، كذلك فعل غزيون كثيرون لم يجدوا أمامهم إلا النزوح لعلّهم ينجون بأنفسهم من العدوان غير المسبوق الذي يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي، غير أنّ الأمر لم يجرِ بحسب توقّعاتهم أو آمالاهم. فقد استشهد من بينهم 20 شخصاً أمس الخميس في غارة إسرائيلية استهدفت الكنيسة، في حين أنّ البحث مستمرّ عن مفقودين بين الأنقاض.

ويخبر الصوري: "انتشلت جثث ثلاثة من أطفالي من تحت الردم من جرّاء قصف الكنيسة... كانوا في مكان ظننته آمناً لكنّ إسرائيل دولة بطش تقتل وتقصف في كلّ مكان".

الصورة
جنازة ضحايا كنيسة الروم الأرثوذكس في غزة (علي جاد الله/ الأناضول)
من جنازة ضحايا القصف الإسرائيلي التي أُقيمت بعد ظهر اليوم (علي جاد الله/ الأناضول)

وقد وصفت بطريركية القدس للروم الأرثوذكس الاستهداف الإسرائيلي للكنيسة بأنّه "جريمة حرب"، علماً أنّ كنيسة القديس برفيريوس التابعة لها والواقعة وسط مدينة غزة تُعَدّ أقدم الكنائس فيها.

ووسط المأساة التي طاولته، يحمّل الصوري "الإدارة الأميركية والدول الداعمة لإسرائيل في حربها على قطاع غزة" مسؤولية ما حصل، لا سيّما فقدانه أبناءه الثلاثة. ويعبّر الصوري عن أسفه، إذ إنّ "المجتمع الدولي يلتزم الصمت ولا يبالي بضياع الشعب الفلسطيني"، في حين أنّ "إسرائيل ترتكب جريمة حرب مدمّرة تقتل الأطفال والشيوخ والرجال".

وبعد ظهر اليوم الجمعة، ازدحمت ساحة كنيسة القديس برفيريوس بعشرات الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين الذين ذرفوا الدموع وعبّروا عن حزنهم العميق، في خلال مراسم تشييع ضحايا القصف الإسرائيلي الذي استهدف مبنى تابع للكنيسة. وقد ترأس مطران الكنيسة ألكسيوس صلاة الجنازة.

الصورة
دمار في مجمع كنيسة القديس برفيريوس في غزة (داوود نمر/ فرانس برس)
هنا استشهد 20 من أهالي غزة الذين لجأوا إلى الكنيسة هرباً من النيران الإسرائيلية (داوود نمر/ فرانس برس)

في سياق متصل، أفادت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة بأنّ المجزرة التي ارتُكبت في كنيسة الروم الأرثوذكس، أمس الخميس، سبقتها مجزرة المستشفى المعمداني (المستشفى الأهلي العربي) يوم الثلاثاء الماضي.

تجدر الإشارة إلى أنّ كنيسة القديس برفيريوس تقع على بعد أمتار من المستشفى المعمداني التابع للكنيسة الأسقفية الأنغليكانية في القدس، الذي سقط فيه نحو 500 شهيد و400 جريح.

ورأت الكيلة في تصريح مكتوب أنّ "إسرائيل تثبت أنّها أدارت ظهرها بالكامل للمجتمع الدولي، وأنّها لا تريد ترك أيّ مكان آمنٍ في قطاع غزة، لا في المستشفيات ولا في دور العبادة ولا في المدارس التي تُستخدَم كملاجئ للعائلات النازحة".

يُذكر أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي أقرّت، اليوم الجمعة، بأنّ أضراراً لحقت بكنيسة في غزة نتيجة قصفها موقعاً ادّعت أنّه تابع لحركة حماس.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول شنّ غارات مكثّفة على قطاع غزة، أسفرت عن 4137 شهيداً، من بينهم 1524 طفلاً، بالإضافة إلى نحو 13 ألف جريح، في حين أنّ ثمّة أكثر من 1000 مفقود تحت أنقاض المنازل والمنشآت المدمّرة، معظمهم من الأطفال، بحسب ما أفاد المتحدّث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة في مؤتمر صحافي عقده ظهر اليوم الجمعة. وأشار القدرة كذلك إلى أنّ العدوان الإسرائيلي تسبّب في خروج سبعة مستشفيات في القطاع عن الخدمة كلياً.

بطريركية الأرثوذكس: جريمة حرب لا يمكن تجاهلها

وقد أصدرت بطريركية القدس للروم الأرثوذكس بياناً أدانت فيه بأشدّ العبارات "الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت موقع كنيستها في مدينة غزة". وفي حين أفاد المكتب الإعلامي لحكومة غزة بأنّ 18 فلسطينياً قُتلوا في القصف، لم تصدر الكنيسة أيّ تفاصيل عن العدد النهائي للقتلى.

وذكر مسؤولون فلسطينيون أنّ ما لا يقلّ عن 500 مسلم ومسيحي كانوا يحتمون من القصف الإسرائيلي في هذه الكنيسة، علماً أنّ نحو ألف مسيحي، معظمهم من الروم الأرثوذكس، يعيشون في قطاع غزة الذي يباغ عدد سكانه نحو 2.3 مليون نسمة.

وشدّدت البطريركية على أنّ "قصف الكنائس ومؤسساتها التي توفّر الملاجئ لحماية المدنيين الأبرياء، بخاصة الأطفال والنساء الذين تشرّدوا بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية على المناطق المأهولة بالسكان في خلال الأيام الماضية، تشكّل جريمة حرب لا يمكن تجاهلها".

وأوضحت بطريركية القدس للروم الأرثوذكس أنّها سوف تواصل مع الكنائس الأخرى، رغم العدوان، الالتزام بواجبها الديني والأخلاقي و"تقديم المساعدة والدعم والمأوى للمحتاجين في ظلّ مطالبة إسرائيل المستمرّة بإجلاء المدنيين من هذه المنشآت والضغوط التي تمارَس على الكنائس في هذا الإطار".

بدورها، كانت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين قد أفادت، أمس الخميس، بأنّ استهداف أحد مباني كنيسة القديس برفيريوس في قطاع غزة يُعَدّ "جريمة حرب تُضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال المتواصلة تجاه المدنيين الفلسطينيين ودور العبادة".

(الأناضول، رويترز، العربي الجديد)