تزداد الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا وسط قطاع غزة، بعد وصول معدل الإصابات لأكثر من ألف إصابة في بعض الأيام، وبمعدّل 700 لغاية ألف إصابة في اليوم. واعتبرتها وزارة الصحة بغزة نسبة خطيرة في مجتمع يعيش فيه أكثر من مليوني مواطن. تشديد الإجراءات، يثير غضب عدد كبير من الغزيين لأنهم يعتبرون أنّها تزيد من معاناتهم. وتنقسم الآراء بين الغزيين بالنسبة لحظر التجول. يعارض البعض تطبيق هذا القرار يومي الجمعة والسبت، وبعد الثامنة مساءً في باقي الأيام، بينما يؤيده آخرون. ويعتبر المعارضون أنّه لا يلبّي حاجة الغزيين، خصوصاً عند فئة العمال، في ظلّ حاجة الأسر للوازم كثيرة في فصل الشتاء مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع.
ويغيب عن قطاع غزة صندوقٌ لدرء الأزمات التي تلحق بالعاملين، وغيرهم من الذين لا يجدون أي تعويض للضرر الناتج من أزمة كورونا، بإستثناء مرة واحدة فقط، حيث تمّ توزيع 100 دولار لعشرة آلاف عامل من المتضررين بالأزمة في إبريل/ نيسان الماضي.
لا يحصل أدهم السر (30 عاماً)، سوى على 50 في المائة من راتبه الأسبوعي بسبب جائحة كورونا وحظر التجول. فهو يعمل مساعد طباخ في أحد المطاعم الشرقية في مدينة غزة. كان يعمل قبل الأزمة 10 ساعات يومياً، وحالياً يعمل 7 ساعات يومياً ما عدا الجمعة والسبت بسبب حظر التجول. وهو معيل لأسرته المكونة من 7 أفراد. يعتبر السر أنّ الإجراءات التي من المتوجب تشديدها على التباعد الاجتماعي وفرض غرامات على من لا يرتدي الكمامة أفضل من حظر التجول، لأنّها انعكست عليه وعلى الكثير من العاملين سلباً، فيحصلون على أجرٍ قليل من دون تعويض. ويقول السر لـ "العربي الجديد": "نوافق على هذه الإجراءات في حال قدموا مبلغ 25 في المائة من رواتب العاملين. نحن من أكثر الفئات تضرراً في مجتمع مدمّر فيه كلّ شيء. لسنا موظفين نقضي أيام الحظر من دون أن نبالي بتقليص رواتبنا. كلّ يوم يذهب علينا هو مهمّ لنا".
حظر التجول قسا أيضاً كثيراً على بهاء إسماعيل (31 عاماً)، لأنّ ظروف حظر التجول دفعته ليخسر عمله في سوق الجمعة بمنطقة اليرموك، وسط مدينة غزة، وسوق السبت بمدينة رفح، في جنوب قطاع غزة. كان يبيع فيهما كلّ أسبوع الأجهزة الكهربائية المستخدمة، ولا يجد مكاناً بديلاً عنهما يستطيع البيع فيه، مع اعتبار أنّ هذين اليومين ممنوع التجول خلالهما.
بالمقابل، يؤيد رفعت عودة (35 عاماً) قرار حظر التجول ليومين ومساءً بباقي الأيام، لكنّه يشير إلى أنّ القرار يحتاج لبعض الضوابط في ارتداء الكمامات، وبعض الإجراءات في المناطق الأكثر اكتظاظاً بالناس، بهدف تقليص أعداد الإصابات اليومية وسط عدم وجود تنظيم في الأماكن المكتظة في الأسواق الشعبية وبعض المحال التجارية.
ويؤيد مدحت الشريف (40 عاماً) أيضاً قرار الإغلاق، لكنّه لا يعتقد أنّه سيكون من المفيد استمراره إلاّ في حال توفير حكومة غزة بعض الحاجات الضرورية للأسر الفقيرة التي لا تستطيع تأمين حاجاتها من الغذاء. ويقول الشريف لـ "العربي الجديد": "مدينة غزة صغيرة، وشوارعها ضيقة، وهناك كثافة سكانية في المخيمات، كلّ ذلك يجعل فيروس كورونا ينتشر، لكن لا أتمنى أن تطول فترة حظر التجول". بينما يعارض فارس شباب (26 عاماً) قرار الحظر، وهو يعمل في أحد المقاهي بالقرب من شاطئ بحر غزة. يتقاضى في اليوم الواحد 20 شيكلاً (نحو 6 دولارات) مقابل 7 ساعات من العمل. لكنّه كان يحصل قبل أزمة كورونا على 35 شيكلاً (نحو 10 دولارات) يومياً، مقابلة 12 ساعة من العمل. يكره أيام حظر التجول، ولا يؤيده لأنه وأخوته الثلاثة تضرروا منه. يعمل شباب وأشقاؤه كعمال مياومة (يتقاضون راتبا يوميا) في متاجر ومطاعم. تضرروا من الجائحة، وتقلصت أجورهم اليومية، وبالنسبة لهم فإنّ جائحة كورونا تشكل كابوساً كبيراً، ولا يرون أي تقدم في مواجهة الجائحة عبر قرارات حظر التجول. يتمنون أن تعود الحياة لطبيعتها، مع تشديد إجراءات الالتزام بالوقاية من خلال ارتداء الكمامة والتعقيم.
ويقول شباب لـ "العربي الجديد": "داخل المقهى الذي أعمل فيه، الجميع ملتزم بالتعقيم وارتداء الكمامات. لم تتقلص أعداد الإصابات بعد تشديد إجراءات حظر التجول. هناك من يقول إنّ الإغلاق الشامل لأيام متواصلة قد يقلص أعداد الاصابات لكن هذا لن يحدث، فكورونا منتشر. لو كانوا وفّروا لنا طعاماً وشراباً وأغلقوا البلد لشهر، فلا مشكلة حينها".