أثارت وفاة سجينَين في لبنان، في أقلّ من 48 ساعة، ضجة كبيرة في ظلّ الظروف القاسية التي يعيشها السجناء مع غياب أدنى مقومات العيش، وتدهور أوضاع السجون ربطاً بالأزمة الاقتصادية، وارتفاع الوفيات وحالات الانتحار.
وأفادت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان، اليوم الخميس، بأنّ المدعو ع. ك. من مواليد عام 2007، مكتوم القيد، الموقوف بجرم سرقة وتأليف عصابة، نُقل بتاريخ أمس الأربعاء (10 مايو/ أيار 2023) من فصيلة الرملة البيضاء في بيروت إلى المبنى "ج" في سجن رومية (محافظة جبل لبنان، وسط) المخصّص لاستقبال السجناء الجدد بهدف متابعة أوضاعهم الصحية بإشراف ممرّضين تابعين لمنظمة الصحة العالمية.
أضافت المديرية في بيانها الذي أصدرته اليوم، أنّه بعد معاينة جثّة السجين من قبل طبيب شرعي، تبيّن أنّه قضى شنقاً، مشيرة إلى غياب أيّ آثار لعنف محتمل.
توضيح حول انتحار نزيل ووفاة آخر في سجن رومية#قوى_الأمن
— قوى الامن الداخلي (@LebISF) May 11, 2023
أمّا بالنسبة إلى السجين الثاني، فأوضحت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بأنّه يُدعى أ. ط. من مواليد عام 1991، فلسطيني الجنسية، وهو موقوف بجرم مخدّرات، وقد توفي بتاريخ الثامن من مايو الجاري بعد نقله إلى المستشفى. ولدى معاينة جثّته من قبل طبيب شرعي، تبيّن أنّ سبب الوفاة هو توقّف في عضلة القلب.
وترتفع حالات الوفيات والانتحار بالإضافة إلى تضاعف أعداد المرضى بين السجناء في لبنان، وذلك على وقع تردّي أوضاع السجون وانعدام الطبابة والاستشفاء فيها وسوء التغذية.
ويختصر أهالي الموقوفين والسجناء واقع أبنائهم مشيرين إلى أنّهم يعيشون يومياً هاجسَي المرض والموت، ويفكّر كثيرون منهم بالانتحار. ويشرحون أنّ الأمراض تتفشّى في السجون المكتظة وسط انقطاع الأدوية التي في حال توفّرت تكون بكميات قليلة جداً، في حين تزداد الوفيات.
وتُعَدّ أزمة السجون في لبنان قديمة، بيد أنّها تفاقمت بصورة خطرة إبان الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد في أواخر عام 2019، والتي وضعت السجناء أمام خطر الموت، مع انعدام الرعاية الصحية، وصارت تكاليف العلاج بمعظمها على نفقة السجناء الخاصة، وهو أمر يصعب على الأهالي تحمّله في ظلّ الانهيار المالي في البلاد.
وتتكرّر تحذيرات المعنيين بملفات السجون في لبنان، من منظمات محلية ودولية وناشطين، من خطورة الوضع الذي يوصف بالكارثي، فالسجناء معرّضون للموت إمّا مرضاً وإمّا جوعاً، في حين تغيب تماماً أيّ خطة إصلاحية استشفائية لحلّ الأزمة.
ولا تقتصر أزمة السجون في لبنان على الغذاء والدواء، إنّما ثمّة مشكلة نظافة وشحّ في مواد التنظيف، الأمر الذي يزيد انتشار الأمراض في صفوف السجناء.
وكانت وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية قد أعلنت في تقرير أخير أنّ ثمّة 25 سجناً في لبنان، 22 من تلك السجون محلية، وثلاثة هي سجون مركزية في رومية (وسط)، وزحلة (شرق)، وطرابلس (شمال). أمّا السجناء والموقوفون فإنّ 57.5 في المائة منهم لبنانيون، و29.2 في المائة سوريون، و13.3 في المائة من جنسيات أخرى. وأضافت الوزارة أنّ مجموع عدد السجناء يصل إلى 6368 سجيناً، من بينهم 1313 محكوماً و5055 غير محكوم، وأشارت إلى أنّ العدد الأكبر منهم في رومية مع 3467 سجيناً، من بينهم 1025 محكوماً و2442 غير محكوم.
وبيّنت الوزارة في تقريرها نفسه وجود 34 طبيباً متخصصاً في السجون المركزية الثلاثة إلى جانب 16 ممرّضاً وممرضة، وأنّ عدد السجناء الذين تطلبّوا استشفاءً بلغ 75 في عام 2022، فيما كان العدد 365 في عام 2021، و647 في عام 2020، و846 في عام 2019.
ولفتت وزارة الداخلية والبلديات إلى توفّر 165 نوعاً من الأدوية الضرورية، في حين أنّ ثمّة حاجة ماسّة إلى أدوية الأمراض المزمنة. أمّا عدد سيارات الإسعاف، فيبلغ 25، من بينها سبع سيارات في جهوزية و18 معطلة. أمّا سيارات النقل فعددها 85، من بينها 18 في جهوزية و67 معطلة.
وتناولت الوزارة في تقريرها نقص كمية المواد الغذائية وتراجع نوعيتها، وحاجة المطابخ إلى إعادة تأهيل، بالإضافة إلى نقص في مستلزمات النظافة الشخصية الأساسية، إلى جانب مشكلات في مكافحة الحشرات. وأعلنت عن الحاجة إلى خدمات ومعدّات تنظيف، علماً أنّ ثمّة مشكلات أخرى تشمل نقص أجهزة الرقابة وفحص الأمتعة والأشخاص وغيرها.