أكد خبراء مشاركون في برنامج مناظرات الدوحة على ضرورة إصلاح الأمم المتحدة والمؤسسات العالمية، ونادوا بإعادة بنائها من أجل التصدّي بشكل أفضل للتحديات الأكثر صعوبة، ودعوا إلى تحالف دولي من الحركات الشعبية.
وجمعت المناظرة التي جرت افتراضيا، وهي الفعالية الأولى التي تركز على الحلول في برنامج مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، لأسبوع الأهداف العالمية 2020، متحدثين من تركيا واليونان وليبيريا، إلى جانب لجنة دولية من حكام المناظرات الشباب، بما في ذلك طلاب مؤسسة قطر.
وناقش المتحاورون تنوّع درجات التغيير التحويلي، ووصفوا المؤسسات العالمية الحالية بأنها حسنة النية ولكنها أضحت ضعيفة وعاجزة بشكل متزايد.
وحثت المدافعة عن حقوق المرأة الليبيرية والحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011، ليما غبوي، القادة على إصلاح المؤسسات الدولية بدلًا من إلغائها وإنشاء أخرى. وقالت "نحن بحاجة إلى البدء ببناء الأمم المتحدة من الأساس، وليس إنشاء أمم متحدة جديدة"، مشيرة إلى أن أساس إنشاء الأمم المتحدة يتمحور حول الناس، وقيمة الأمم المتحدة لا تزال قائمة، و"لن تعمل أي مؤسسة جديدة أو تلعب دورا أفضل من أي مؤسسات حالية إن لم تكن قيم الحياة الإنسانية، قيم المساواة، وقيم العدل أساسية في صلب عملها".
بدورها، قالت الكاتبة التركية إيس تيملكوران إن المؤسسات العالمية فقدت مكانتها الأخلاقية العالية ومصداقيتها، تاركة فراغا "يملأه حاليا قادة العالم ذوو الميول الفاشية الذين يلعبون بمصائر الناس من خلال صفقاتهم الشخصية"، على حد قولها، مشيرة إلى أن هؤلاء القادة "يتلاعبون بالمؤسسات الديمقراطية بسهولة أكبر وأكثر خطورة مما نتخيله"، ودعت إلى "تحالف دولي من الحركات الشعبية"، وقالت "نحن بحاجة إلى جمع الحركات حول العالم وجعلها موجودة حيث اتخاذ القرارات الكبيرة. يجب أن نعيد تعريف السلطة، حتى لا تفسد بسهولة".
بدوره، رأى النائب في البرلمان ووزير المالية اليوناني السابق، يانيس فاروفاكيس، أن المؤسسات العالمية الحالية معطلة ولا يمكن إصلاحها ويجب تغييرها، وقال "كل تحد كبير تواجهه البشرية، من تغيّر المناخ وعدم المساواة المزعجة أو التي لا تُحتمل، إلى الديون المستحقة أو الديون غير المدفوعة والهجرة غير الطوعية، هي مشاكل عالمية تحتاج إلى حلول دولية. نحن بحاجة أكثر من قبل إلى مزيد من الحوكمة العالمية". وأضاف أن الحل المنطقي الوحيد هو "خطة جديدة ومؤسسات جديدة، أقل من ذلك لا يمكن إنقاذ البشرية من المعاناة غير الضرورية وتغيّر المناخ".
وفي فقرة المجلس من البرنامج الذي يركز على الحلول، ركز معظم المتحاورين على الموضوع الأشمل وهو ضرورة التغيير. إذ لم يلْمح أحد إلى أن النظام الحالي يعمل بالطريقة اللازمة، أو أن الوضع الراهن مقبول بأي شكل من الأشكال، وأجمعوا على حقيقة أنه لا ينبغي تخريب النظام الدولي الحالي.
وخلال البرنامج، صوتت لجنة تحكيم مكوّنة من عشرات الشباب من جميع أنحاء العالم، مرتين، على مزايا نقاشات المتحدثين في المناظرة. خلال الجولة الأولى من التصويت، كان لموقف فاروفاكيس صدى أكبر لدى الجمهور الافتراضي بنسبة 39.67 بالمائة من الأصوات، فيما جاءت غبوي في المركز الثاني بشكل متقارب بنسبة 36.87 بالمائة، وحلت تيملكوران في المرتبة الأخيرة بنسبة 23.47 بالمائة. في الجولة الثانية من التصويت، نجحت غبوي في تغيير رأي لجنة التحكيم لصالحها، وحصلت على 40.77 بالمائة من الأصوات، فيما حصل كل من فاروفاكيس وتيملكوران على 29.77 بالمائة و29.45 بالمائة على التوالي.
وشملت حلقة المناظرة التي أجريت عشية الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، أسئلة المشاهدين من الشباب في قطر وأفغانستان ونيجيريا وكوريا الجنوبية. وسألت ناتاشا داس، رئيسة جمعية المناظرات بجامعة نورثوسترن في قطر، فاروفاكيس "كيف يمكننا حلّ مشكلة مثل تغيّر المناخ فيما أنظمتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تبدو مصممة لمقاومتها؟".
رد فاروفاكيس باقتراح "منظمة بيئية طارئة جديدة تدعمها المؤسسة البديلة لصندوق النقد الدولي"، كما حثّ على إحداث "تحوّل كبير في الثروة المالية من الجزء الشمالي من الكرة الأرضية إلى الجزء الجنوبي بشكل يموّل الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر الذي يحتاجه المناخ، بينما في الوقت نفسه يُصار إلى استحداث وظائف نوعية جيدة من شأنها رفع مستوى معيشة الفقراء".
وشاهد المناظرة مباشرة أكثر من ثلاثة ملايين شخص حول العالم، معظمهم من تركيا والبرازيل وإسبانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.