دانت أربع منظمات حقوقية في مصر رفض السلطات، تحديداً مصلحة الجوازات والهجرة، تمديد أو إصدار تصاريح عبور وإقامة مؤقتة لسكان غزة العالقين في البلاد.
وطالبت المنظمات، أمس الأحد، السلطات المصرية بإصدار قرار عاجل بتمديد جميع تصاريح العبور والإقامة على الأقل لثلاثة أشهر قابلة للتجديد لحين توقف حرب الإبادة، أو استحداث تصريح إقامة استثنائي لأهالي غزة العالقين في مصر، وإعفاء المحرومين من تقنين الوضع في ظل العدوان المستمر من أي عواقب قانونية من غرامات مالية أو قرارات أمنية برفض إصدار التصاريح مرة أخرى.
مصر تبرر ذلك تحت بند التحقق الأمني
ووثّقت "منصة اللاجئين في مصر" على مدار الأسابيع الماضية أزمة كبيرة تواجه أهالي قطاع غزة من خلال إكراهات الحصول على تصريح الدخول أو العبور من خلال مصر قبل بدء إسرائيل ارتكاب حرب الإبادة، وهي مخالفات قانونية تبررها السلطات المصرية تحت بند "التحقق الأمني"، حيث ينتظر فلسطينيو القطاع أسابيع وربما شهورا من أجل الحصول على التصريح، والذي يطلق عليه اسم "التنسيق الأمني"، ما تسبب في حالات وفاة للمرضى في فترة الانتظار.
ووفقاً للمصدر نفسه، فقد تسبب ذلك أيضاً في فقدان العديد من طلاب قطاع غزة في مصر منحهم الدراسية التي حصلوا عليها أو تأخرهم عن مواعيد بدء الدراسة الرسمية، وفي حال إصدار التصريح تكون مدته ثلاثة أيام على الأكثر في حال العبور وشهر على الأكثر في حال الدخول، وقبل انتهاء فترة التصريح عليهم مغادرة البلاد وإلا فإنّهم معرّضون لعواقب قانونية تشمل الغرامات المالية ووضعهم على ما يسمى بـ"القائمة السوداء لتصاريح العبور"، الأمر الذي يعرضهم لخطر الاستغلال ويهدد أمنهم وسلامتهم ويعاقبهم على حقهم المشروع في التنقل كون مصر المنفذ البري الوحيد للقطاع.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت إسرائيل شنّ حرب الإبادة على قطاع غزة وما زالت مستمرة، تخللها قصف معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة مرات عديدة، وطاول القصف بوابة صلاح الدين التاريخية، وأصبح من المستحيل تخيل إمكانية الحياة داخل القطاع بسبب خطورة العودة في الوقت الحالي مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية والحصار والتجويع وانهيار البنية التحتية والنظام الصحي وعدم وجود مكان آمن داخل القطاع، واستمرار السلطات المصرية في استخدام "الالتزام بالتصريح الإسرائيلي" كمبرر لتعطيل أي حركة لدخول القطاع أو الخروج منه. كما أن هناك منع متعمد لخروج الذكور من الأسر في معظم الحالات بما فيها الطبية استنادًا إلى المبررات السابقة (تصريح أمني إسرائيلي/مصري)، حسب المنظمات.
مئات الفلسطينيين عالقون داخل مصر
وقالت المنظمات إن "معبر رفح هو المنفذ الوحيد للغزيين للخروج إلى العالم، سواء إلى مصر أو العبور من خلالها إلى دولة أخرى، وأصبح مئات الفلسطينيين عالقين داخل مصر بسبب توقف العمل فيه، منهم من وصلوا قبل بدء العدوان لأسباب مختلفة ومن كانوا عائدين من دول أخرى إلى القطاع عبر مصر أو من تم إجلاؤهم من أهالي القطاع الحاملين لجنسيات أخرى. بعض العالقين انقطعت بهم السبل في شمال سيناء بعد بدء العدوان في الوقت الذي كانوا فيه في انتظار العودة للقطاع، والآخرين أصبحوا عالقين في القاهرة الكبرى".
وبحسب ما وثقته "منصة اللاجئين" مع أفراد وعائلات فلسطينية عالقة في مصر، انتهت جميع تصاريح الدخول والعبور الممنوحة لهم، ويواجه الأشخاص خطر الحرمان من الحقوق الأساسية باعتبار عدم وجود شخصية قانونية معترف بها في النظام القانوني المصري ويصبح وجودهم وحركتهم مُجرّمين ما يجعلهم عُرضةً للعقاب والخطر، فعلى سبيل المثال يتم إيقاف عمل خطوط الاتصالات من الشركات المصرية المسجلة بأسمائهم والتي تستمر للعمل لمدة التصريح فقط.
فضلاً عن ذلك، فإن الأشخاص الذين انتهت تصاريح إقامتهم لا يمكنهم الوصول لخدمات الصحة والطوارئ، كما أنهم محرومون من الوصول إلى نظام العدالة في حال حدوث أي اعتداء، ولا يمكنهم إجراء أي إجراء قانوني حتى لو كان بسيطًا وأساسيًا مثل توقيع عقد إيجار مسكن، ولا يمكنهم استخدام أي نوع من الخدمات المصرفية وتحويل الأموال، وهو ما يعطل حياتهم بشكل كامل ويمنعهم من الحصول على الخدمات ومقومات الحياة الأساسية، ويعرضهم لمخاطر الاستغلال من أجل الوصول للاحتياجات الأساسية لمتابعة الحياة.
أضافت المنظمات أنه فضلاً عن هذه الظروف الصعبة وغير القانونية، فإن العالقين ممن انتهت تصاريحهم وترفض السلطات تقنين وضعهم الاستثنائي الطارئ، يواجهون خطر التوقيف والاعتقال في نقاط التفتيش أثناء الحركة حتى لو كانت محدودة داخل الحي أو المنطقة التي يقيمون فيها.
ورأت أنه في ظل هذه الظروف الحالية يجب على السلطات المصرية إعادة تقييم هذا التعامل غير القانوني وغير الإنساني المستمر منذ سنوات.
وبشكل عاجل، طالبت المنظمات بإصدار قرار عاجل يشمل التمكين من استخراج تصريح إقامة استثنائي، ويقنن وضع فلسطينيي القطاع على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، قابلة للتجديد إلى حين توقف حرب الإبادة الإسرائيلية، كما تمديد تصاريح الإقامة المنتهية ورفع الحصار وإمكانية العودة إلى القطاع أو إنهاء إجراءات السفر إلى دولة أخرى بالنسبة لحملة الجنسية المزدوجة.
وقالت إنه يجب إعفاء المحرومين من تقنين الوضع في الظروف الحالية من أي عواقب قانونية من غرامات مالية أو قرارات أمنية برفض إصدار التصاريح مرة أخرى. كما يتوجب على مصر إيقاف التعنت الرسمي في إصدار التصاريح أو تمديدها استناداً إلى القانون الدولي، كون القطاع يتعرض لحرب إبادة شاملة منذ ما يزيد عن الشهرين، كذلك لمّ شمل الأسر المصرية - الفلسطينية والسماح لها بعبور المنطقة الحدودية في أسرع وقت ممكن.
المنظمات الموقعة هي "منصة اللاجئين في مصر" و"مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب" و"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" و"المنبر المصري لحقوق الإنسان".